تعريف شعر الغزل
تعريف الغزل لغة واصطلاحا
يمكن تعريف الغزل في اللغة كما يلي:
- فعل “غزل” في الماضي، ومضارعه “يغزل.
أما تعريفه اصطلاحاً فهو:
- يعد هذا الفن من فنون الشعر، الذي استخدمه العرب للتعبير عن شوقهم لحبيبتهم، من خلال وصف جمالها ومفاتنها في أبيات الشعر المنظمة.
- يعتبر هذا الفن من الفنون التي يتغنى بها العرب بجمالها ويعبرون عن شوقهم لها.
فيما يمكن تعريف الغزل في الشعر بأنه:
- تشمل فنون الشعر المصنفة تحت القصائد الغنائية التي يعبر فيها الشاعر عن مشاعره وعواطفه وأحاسيسه بصدق، لأنه يعبر عن تجربته الشخصية، وبالتالي يمكن للقارئ أن يشعر بالنزعة الوجدانية التي تتميز بها القصيدة.
- يتحدث الغزل بين الرجل وحبيبته ، حيث يتغنى الشاعر بصفات حبيبته الجمالية والخلقية في الغزل العفيف ، ويعبر في أبيات القصيدة عن معاناته في فراقها أو ابتعاده عنها. وفي الغزل الصريح ، يتغنى الشاعر بجمال حبيبته ومفاتنها
الغزل في العصر الجاهلي
يحتل الغزل مكانة كبيرة في التراث الأدبي العربي منذ العصر الجاهلي، حيث لا تخلو أي قصيدة مهما كانت هدفها إلا وترتبط بالغزل، وغالبًا ما يقتصر العديد من القصائد على الغزل فقط.
ومما قيل في تطور شعر الغزل بين عصر الجاهلية والإسلام، بأن ثروة العرب من الشعر في هذا الوقت أشبه بالقطعة النقدية وجه منها سطر شعراء الجاهلية عليه مشاعرهم وعواطفهم، وكل ما يتعلق بالحب من سعادة وحزن، ووصل وهجر، أما الوجه الآخر لها فكتبوا عليه مختلف أغراضهم الأخرى باختلاف أشكالها وأنواعها.
من المميز في شعر الغزل خلال العصر الجاهلي هو إدراك الشعراء في ذلك الوقت بحسهم الصادق بفضله على بقية أغراض الشعر الأخرى، حيث جعلوا من الغزل مطلع قصائدهم، ليستطيعوا سرقة القلوب والفت الانتباه إليهم دون عناء يذكر، وجذب اهتمام الناس للاستماع إليهم.
احتلت المرأة موقعًا كبيرًا في الأدب العربي منذ العصر الجاهلي، الذي جعلها رمزًا للجمال في وصف كل شيء. فكان شعراء الجاهلية يتحدثون عن المرأة في أشعارهم إما بشكل مباشر عن طريق التغزل بها وذكر محاسنها، أو بشكل غير مباشر عندما يتحدثون عن الديار وما تثيره في النفس من شوق وآلام.
في الجاهلية، لم يكن الغزل على الرغم من أهميته ومكانته وقتًا فنًا مستقلاً بذاته، بل كان من بين الأغراض المختلفة التي تضمنتهذه القصائد في الماضي. ومع ذلك، كان الغزل يحتل دائمًا المرتبة الأولى في بداية القصائد، وكان الشاعر ينتقل منه إلى الأغراض الأخرى مثل الذم والمدح والوصف.
الغزل في الجاهلية كان يحتوي على موضوعات متعددة. فالعرب كانوا يتحدثون عن حياة العرب في تلك الفترة من الناحيتين الاجتماعية والغنائية، ويذكرون مظاهر ومعارف وعادات وتقاليد وأديان تميزت بها تلك الحقبة. كما عبروا من خلال الغزل عن تأثير البيئة البدوية والصحراوية على حواسهم وأفكارهم وأنفسهم. لذا، فإن تراث الغزل يعتبر أحد أهم الكنوز في الأدب
ويجدر الإشارة إلى أن شعر الغزل لم يتوقف في عصر الجاهلية فحسب، بل أن هناك العديد من قصائد الغزل في العصر العباسي والعصر الأندلسي الخالدين التي لا تزال موجودة حتى اليوم.
أنواع الغزل
ينقسم انواع الغزل في العصر الجاهلي لاتجاهين:
- الاتجاه الأول في الشعر هو الغزل الصريح، وهو اتجاه فاحش، وأشهر من كتب فيه هو امرؤ القيس الذي عُرف عنه كثرة مغامراته مع النساء، ويصف الشعراء المرأة في هذا الاتجاه بوصفٍ شاملٍ، يتطرقون فيه للحديث عن قوامها وعينيها ووجهها وغير ذلك.
- الاتجاه الثاني هو المعروف بالغزل العذري وهو اتجاه عفيف، ظهر في الجاهلية لكنه حظي بشهرة بالغة بين شعراء العصر الأموي، وهناك الكثير من الشعراء الكبار ممن اشتهروا في كتابة الغزل في هذا الاتجاه وعادةً كانت أسمائهم تقترن بأسماء حبيباتهم، ومنهم “عبلة وعنترة بن شداد، فاطمة والمرقش الأصغر”، يعبر الشعراء من خلال هذا الاتجاه عن مشاعرهم ووجدانهم ومحبتهم.
الغزل العذري
الغزل العذري أو الغزل العفيف هو فن شعر عربي يرتبط بقبيلة بني عذرة، وانتشر وشهر بين بني عامر ومن أبرز شعرائهم قيس بن الملوح، يعود أصله إلى نهاية العصر الجاهلي، ولكنه تراجع بعد نزول رسالة الإسلام نتيجة لانضمام الكثيرين إلى الدين وتركهم له، ولكنه عاد للظهور بقوة في العصر الأموي نتيجة انتشار الثراء والترف.
ويتمتع الغزل العذري العفيف بعدة خصائص هي:
- خلوه من الإباحية والسيئ من الأخلاق.
- العفاف والطهارة.
- يتضح الحزن والألم والوجدانية بوضوح في أبياته.
- اعتماده على أسلوب النداء.
الغزل الصريح
الغزل الصريح كما يعرف أيضاً بالغزل الإباحي أو الصريح أو الحسي أو الماجن، من أنواع الشعر العربي الذي يعتمد الشعراء فيه على وصف الحبيبة من الناحية الجسدية بشكل تفصيلي، فنجد الإباحية ظاهرة به بشكل واضح متمثلة في تعدد المحبوبات، وقد ذاع وبرز هذا النوع من الغزل في العصر الجاهلي والعصر العباسي والعصر الأموي.
تعتبر هناك أسباب عديدة ساعدت في انتشار هذا النوع من الشعر، ومن بينها:
- تتمثل في انتشار مظاهر الرفاهية والترف والبحث عن المتع والسعي وراء الرفاه.
- كان الشعراء في ذلك الوقت يتجنبون الانخراط في الحياة السياسية.
- انتشر الغناء واشتهر في بغداد وبلاد الحجاز والكثير من الأمصار.
أما عن السمات الرئيسية التي تميز بها الغزل الصريح فهي:
- وجود أكثر من حبيبة لدى كل شاعر.
- كثرة مغامرات الشاعر العاطفية.
- رغبة النساء في الحب.
أبيات من الغزل
تشتهر العرب بفصاحتهم وإتقانهم للغة العربية، وموهبتهم في كتابة الشعر. وهناك الكثير من القصائد العربية الجميلة في الغزل، ومن بين أجمل أبيات شعر الغزل الفصيح
قصيدة أنا منه راضٍ بالصدود لأنني لمنجك باشا:
قَمَرٌ إِذا فَكرت فيهِ تَعتبا
وَإِذا رَآني في المَنام تَحَجبا
صادَفتُهُ فَتَناوَلت لَحظاتُهُ
عَقلي وَأَعرض نافِراً مُتَحجبا
متورد الوَجنات خشية ناظر
أَضحى بِريحان العذار منقبا
ساوَمتُهُ وَصلاً فَأَعجَم لِفظُهُ
وَأَظنَهُ عَن ضد ذَلِكَ أَعرَبا
أَنا مِنهُ راضٍ بِالصُدود لِأَنَّني
أَجد الهَوان لَدى الهَوى مُستَعذِبا
شَيئان حَدّث بِاللَطافة عَنهُما
عَتب الحَبيب وَعَهد أَيّام الصِبا
وَثَلاثة حَدث بِطيب ثَنائِها
زَهر الرَبيع وَخَلق يُوسف وَالصِبا[3]
قصيدة أنت في حل فزدني سقما لأبو تمام:
أَنتَ في حِلٍّ فَزِدني سَقَما
أَفنِ صَبري وَاِجعَلِ الدَمعَ دَما
وَاِرضَ لي المَوتَ بِهَجرَيكَ فَإِن
لَم أَمُت شَوقاً فَزِدني أَلَما
مِحنَةُ العاشِقِ في ذُلِّ الهَوى
وَإِذا اِستُودِعَ سِرّاً كَتَما
لَيسَ مِنّا مَن شَكا عِلَّتَهُ
مَن شَكا ظُلمَ حَبيبٍ ظَلَما[4]
قصيدة دنياي أنت وفرحتي لإدريس جماع:
أعلى الجمال تغار منّا
ماذا عليك إذا نظرنا
هي نظرة تنسي الوقار
وتسعد الروح المعنّى
دنياي أنت وفرحتي
ومنى الفؤاد إذا تمنّى
أنت السماء بدت لنا
واستعصمت بالبعد عنّا
هلا رحمت متيماً
عصفت به الأشواق وهنّا
وهفت به الذكري فطاف
مع الدُجى مغناً فمغنا[5]