المجتمعمنوعات

تعريف المجتمع عند ابن خلدون

تعريف المجتمع التقليدي

إن هناك في كل مجتمع تقليدي بشري مجموعة من الأنظمة الاجتماعية الرئيسية التي تشكل تكوينه وحدوده الخارجية، وتحدد شكل العلاقات وحدود الممارسات والتعاملات بين أعضائه، ويتم وضع الأسس الداخلية والمبادئ المثالية والروحية التي تعمل على تماسكه وتسعى لنموه وتطويره. فعندما ننظر إلى المجتمعات أو الأفراد العاشين في محيطنا، نجد أن لكل منها هيكلا يشكل وحدة متكاملة أو تنسيقا اجتماعيا، وتتألف مكوناته من أجزاء متماسكة تتفاعل مع بعضها البعض، حيث تظهر كل مكونة في مجموعة من العلاقات المعقدة مع المكونات الأخرى التي تتنوع حسب طبيعة الدور الذي يقوم به الإنسان في المجتمع، تشبه جسم الإنسان حيث تتعاون الأعضاء معا لأداء الوظائف.

يمكن ملاحظة تكوين البناء الاجتماعي من خلال وحدات اجتماعية بسيطة تتحكم بمجموعة من القواعد والمعايير الاجتماعية أو الثقافية. يوضح ذلك أن المجتمع يقوم على قاعدتين رئيسيتين، سواء كان كبيرا أو صغيرا؛ القاعدة الأولى هي القاعدة المادية الطبيعية، التي تتمثل في الأرض وكل ما تحويه بما في ذلك الأحداث والأمور المادية التي تحدث على سطحها، بينما القاعدة الثانية هي القاعدة الغير مادية التي تتأسس على الثقافة بمعناها الأشمل، وتشمل كل الصور بما في ذلك الصور التاريخية والدينية والثقافية والأدبية. ويشكل هذان القاعدتان الطابع الخاص والمميز لكل مجتمع.

قد تكون الثقافات مختلفة في الكثير من المجتمعات، بل إن الاختلاف يظهر بتكوين الكثير من المجتمعات حتى وان كانت المجتمعات ذات ثقافة موحدة والتي تقوم على لغة واحدة والدين الواحد، وكذلك الامر في العرف والتقاليد والعادات الاجتماعية . ومع وجود هدا التشابه الثقافي بشكل عام، يجب ان تظهر اختلافات داخل كل المجتمعات الدولية والمحلية.

كيف عرف ابن خلدون المجتمع

قام ابن خلدون بتصنيف المجتمعات إلى صنفين وفقا لأسلوب حياتهم. وقال ابن خلدون في هذا الصدد إن الاختلافات التي تظهر بين الأجيال في حياتهم هي نتيجة الظروف المعيشية، فبعض المجتمعات تلجأ إلى العمل الجسدي مثل الفلاحة، سواء في الغرس أو الزراعة، ويكون ذلك بشكل خاص لسكان المدن أو القرى أو الجبال. والبعض الآخر يعتمد على صيد الحيوانات مثل الغنم والبقر والماعز، وقد وصف العلماء الغربيون بعض هذه المجتمعات، مثل ثنائية إميل دوركايم الشهيرة، التي تقوم على نوعين من المجتمعات وفقا لأسلوب حياتهم

  • المجتمعات بحسب النمط الاول: المجتمعات التي تختلف عن حياة البدو، وفي هذا السياق يتم تصنيف هذه المجتمعات على أنها تعتمد على الزراعة كمهنة لسكان الريف أو القرى. وقد صنفها ابن خلدون بأنها بدوية، ولم يكن لدى ابن خلدون تعريف وسط للمجتمع، بل اعتبرهما مجتمعين بدويين وحضريين فقط، وكان المقياس الأساسي بين الحضر والبدوة لدى ابن خلدون هو وجود الاستقرار المستمر وتواجد الأفراد. أما في غير ذلك، فهو يعتبر من الحضر .
  • المجتمعات بحسب النمط الثاني: قال ابن خلون أن أهل البدو هم الذين يعتمدون على المعيشة الطبيعية والقوت اليومي والضروري للأفراد، بما في ذلك الملابس والمساكن وكل الأمور المادية، وتتميز هذه المجتمعات بالبساطة وعدم التعقيد والعدد القليل للأفراد ومطالبهم البسيطة، ويندمج هوية الفرد في حدود المجتمع .

مفهوم الرقابة الاجتماعیة لدى ابن خلدون

يشير مصطلح الانثروبولوجيا وعلم الاجتماع إلى الرقابة الاجتماعية، على حد قول ابن خلدون، ويعني جميع المجهودات والإجراءات التي يقوم بها المجتمع أو جماعة داخل هذا المجتمع لدفع الأفراد إلى المضي قدمًا وفقًا للمعايير المعروفة في وسط الجماعة .

وقد لاحظ ابن خلدون في الامر أهمیة الضبط الاجتماع ، وقد اوضح ان أساس الحیاة الاجتماعیة مما يضمن أمان والاستدامة  لبقائه . في معيشة المجتمعات ویجب أن یكون هناك سلطة تحكم المجتمع لان اقامته تحتاج إلى قوة ، وقد قال ابن خلدون : “يجب ان يكون بالمجتمع الدافع الذي يحث الافراد للتعاون بعضهم مع بعض .

تعريف المجتمع الإسلامي

يتميز المجتمع الإسلامي عن غيره بمجموعة من الصفات الحسنة التي جعلته مثالا يحتذى به، حيث يتميز بالترابط والتضامن والتماسك، ويتبع أحكام الشريعة الإسلامية ويدعم التربية وفق المبادئ الإسلامية، ويظهر ذلك في الفضائل التي يحتويها المجتمع الإسلامي.

عند دراسة تعريفات العلماء الاجتماعيين للمجتمع، لا يمكننا العثور على دلائل عن المجتمع المسلم، لأن المجتمع الإسلامي لم ينشأ بسبب حدث تاريخي محدد، وهذا ينطبق أيضا على المجتمعات الغربية والشرقية حاليا، حيث يتحول الفرد إلى آلة داخل مجتمع متجمد وآلي، وللأسف، تقل الإيمان والقيم الأساسية الإلهية التي تعطي قيمة للإنسان، وأصبحت المادة هي المحور الرئيسي لتلك المجتمعات والعمود الأساسي الذي تعتمد عليه الحياة.

كما عرف بعض الباحثين المسلمين المجتمع الاسلامي انه يشتمل على مبادئ واسس الشريعة الإسلامية وبما يختلط مع الواقع الفعلي ، كما ورد في هذه التعريفات ان المجتمع الاسلامي هو ذلك المجتمع الذي يمتاز عن المجتمعات الأخرى بأسسه الخاصة، ويكون القرآن قاعدته وأفراده الذين يدينون بنفس العقيدة ، ويتوجهون إلى قبلةواحدة.

العلاقة بين القيم الاسلامية والمجتمع

وجود علاقة بين الإسلام والمجتمع يساهم في نمو الحياة وتطورها، ونظرا لأن الفكر الإسلامي يعد من أكثر الأنظمة التي عاشت وفقها البشرية استنادا إلى احتياجاتها. يعود ذلك إلى أن الشريعة الإسلامية تمثل قاعدة ثابتة لا تتغير، فهي تحتوي على المبادئ العامة والرئيسية للإسلام التي أرسلها الله لجميع الناس بجميع فئاتهم، وقد أراد الله أن تستمر هذه المبادئ حتى النهاية .

وقد اهتمت الشريعة الإسلامية قبل أي امر فجاءت اهتمامتها على شكل مبادئ وقواعد عامة يمكن أن تنطلق منها العديد من الاشكال الاجتماعية الهامة والتي تظهر في حدود صورة عامة ، وتقوم وفق مقومات أساسية، ثم تتنوع بعد ذلك في التفريعات والتطبيقات بدون أن تختلف مع الأهداف الثابتة والغايات الاساسية .

لا يلغي تطور الحياة من التحقق لهذا الهدف، واعتبار الإنسانية حقيقة ثابتة مع الأخذ في الاعتبار أن الارتفاع والتقدم في الحياة هدفا أساسيا، يتوافق مع الظروف الحياتية المحددة التي تحتوي على أهداف متصلة ولا يلغي حاجات كل جيل وأهدافه التي تشكل تقاليدا ودوافعا للحياة، ولكنها بشكل عام لا تتخطى هذه الحقيقة لأن هذا الهدف ثابت .

أما النظرة الشاملة وحرية التفكير الطليقة، والتركيز في طريق سير البشرية الطويل فهي كلها تسير وفقاً للنظرة الإسلامية التي تعتبر الحياة كما تعتبر الإنسانية حقيقة متصلة الحلقات، متتالية الأطوار، فتقوم على الاهداف الحيوية والإنسانية المثبته في الشريعة، وتترك للفقه ما يخص أصول المجتمع الإسلامي لتوفير الحاجات والأوضاع المتطورة الدائمة التجدد في حدود تلك الشريعة المستمرة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى