ما هو الكوارك
الكوارك هو جسيم بدائي يعتبر أحد عناصر المادة الأساسية إلى جانب اللبتونات، وفقا لنظرية النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات. تتكون كل شيء حولنا من بورتونات ونيترونات، وهما يتألفان من جسيم أصغر يعرف بالكوارك. يوجد ستة أنواع مختلفة من الكواركات، ويمكن لهذه الأنواع أن تشكل جميع الميزونات والباريونات المعروفة التي يزيد عددها عن 200. يمكن لكل نوع من الكواركات أن يتمتع بثلاثة ألوان مختلفة، وتعمل قوى الكواركات كقوة جاذبة فقط عندما يتجمع الكواركات بشكل خال من اللون، مثل تجمعات الباريونات المكونة من ثلاث كواركات وأزواج الكواركات وكوارك المضاد في الميزونات
يمتلك الكوارك كتلة ولكن أبعادها متناهية الصغر، ويتم رصدها عند حدوث تصادم شديد بين البروتون والإلكترون، بالتالي لا يمكن أخذها على محمل الجد لأن العلم قد أظهر حاليًا أن الكواركات من المستحيل أن يتم عزلها لقياس كتلتها بطريقة مباشرة، ويتم قياس كتلة الكوارك بطريقة غير مباشرة عن طريق استخدام تجارب التشتت.
في عام 1960 عند استخدام بعض الباحثون مركز مُسَرّع ستانفورد الخطي (SLAC) وجدوا أن الإلكترونات قد تفرقت عن بعضها على نطاق واسع على غير المتوقع من الحسابات المعهودة، ولكن مع كثرة البحث في هذه الظاهرة وجدوا أن الإلكترونات قد تفرقت في ثلاث مواقع على الأقل، ولقد ظهرت الكواركات لأول مرة بعد تكون الكون 10-² ثانية، وفي نفس الفترة التي قد انفصلت فيها القوة الضعيفة عن القوة الكهرومغناطيسية، كما ظهرت الأجسام المضادة للجسيمات في نفس الوقت.
تمتلك الكواركات جسيمات مضادة مثلها مثل باقي الجسيمات الأولية، وتتميز هذه الكواركات وجسيماتها المضادة بتأثرهم مع بعضهم باستخدام القوى الأربعة الموجودة في الطبيعة، وتشكل الكواركات معظم الجزء الداخلي للمادة، أما البروتون فيتكون من ثلاث كواركات: (u u d)، أما النيوترون فيتكون من ثلاث كواركات: (d d u)، وترتبط هذه الكواركات مع بعضها البعض بقوة شديدة يصعب فكها إلا في معجلات الجسيمات حيث تـحدث تصادمات شديدة ليتم فصلهم عن بعضهم البعض، وهذه القوى التي تربط الكواركات مع بعضها البعض تدرس في فرع من فروع علم الفيزياء يدعى ديناميكا لونية كمية.
أنواع الكواركات
يمتلك الكوارك 6 أنواع، ولكن علماء الفيزياء قاموا بتصنيفهم إلى ثلاثة أزواج وهما لأعلى ولأسفل، ساحر وغريب، قمي وقعري وسنتناول كلًا منهما تفصيلًا كما يلي:
- لأعلى ولأسفل (up and down)
يُعتبر هذا النوع من الكواركات الأكثر شيوعًا، ويتميز بأنه يحتوي على أقل عدد من الجسيمات، حيث يتكون من البروتونات والنيوترونات. وبالتالي، فإن معظم المادة التي نتفاعل معها في حياتنا هي مادة عادية. ويعتقد بعض العلماء أن عملية تفكك النيوترون الحر تحدث عندما يتحول النيوترون إلى بروتون، إلكترون، ونيوترينو
يتم تفكيك النواة بواسطة عملية تفكك بيتا، وذلك وفقًا لعمليات مثل هذه: P32 → S32 + e− + v¯eP32 → S32 + e− + v¯e
تكون هذه العمليات نتيجة عملية أساسية تحتوي على كواركات، وهي: d→u+e−+v¯ed→u+e−+v¯
- الكوارك الغريب (strange Quark)
يقال أن في عام 1947 وأثناء القيام بدراسة التفاعلات التي تحدث للأشعة الكونية، اكتشف الباحثون أن أحد نواتج تصادمات البروتونات مع النواة يمتلك عمراً أطول من المتوقع: 10أس سالب 10ثانية بدلًا من 10 أس سالب 23 ثانية، وسُمي هذا الجسيم الغريب بجسيم λλ، وأُعطيت الخاصية التي تتسبب في استمرار حياته لفترة أطول من المتوقع اسم الغرابة، وعلق ذلك الاسم بأحد الكواركات التي يتألف منها جسيم لمدا. جسيم لمدا هو باريون مؤلف من ثلاث كواركات: كوارك علوي، وسفلي، وكوارك غريب.
- الكوارك الساحر (charm quark)
يقال أنه تم اكتشاف ميزون تبلغ كتلته 3100 ميجا إلكترون فولت، أي أن كتلته أكبر من كتلة البروتون بثلاث مرات، ويعتبر هذا الجسيم هو أول الأمثلة التي أثبتت وجود الكوارك الساحر، ويتكون هذا الميزون من كوارك ساحر وكوارك ساحر مضاد، والميزون D هو أخف ميزون عُرف حتى الآن يمتلك كوارك من النوع الساحر.
- الكوارك القمي(top quark)
في أبريل عام 1995 تم اكتشاف وجود الكوارك القمي بالأدلة، وتم إيجاد هذه الأدلة نتيجة حدوث تصادم بين بروتونات وصلت إلى 0.9 تيرا إلكترون فولت وبين بروتونات مضادة، وبعد حدوث التصادم وصلت كتلة الكوارك القمي إلى 174.3 جيجا إلكترون فولت وهذا الرقم أكبر 180 مرة من كتلة البروتون.
- الكوارك القاعي(bottom quark)
تم اكتشاف الميزون أبسيلون عام 1977، وهو يعرف بأنه جسيم كواركي، وكتلته القياسية 5 جيجا إلكترون فولت مربع، ويتحرك بسرعة الضوء.
لماذا سمي الكوارك بهذا الاسم
تم اختيار اسم الكوارك بناءً على اسم العالِم جيل مان الذي سمع صوت البط وأعجب به، ولكن استغرق بعض الوقت حتى تم تشكيل الكلمة الدقيقة التي وصلنا إليها اليوم فيما يتعلق بالكوارك. ويمكن العثور على هذه الكلمة في كتاب جيمس جويس بعنوان “استيقاظ فيجانز.
في اللغة العربية، يُسمى الكوارك الركين ويأخذ هذا الاسم من كلمة `ركن`، نظراً لأن الكوارك هو لبنة بناء المادةأو الجسيمات، والتي تُعد أكبر من الكوارك مثل البروتون.
أما سبب تسمية أنواع الكواركات نفشها أي النكهات، فلقد ذكرنا في السابق أن للكواركات ستة أنواع، ويعتبر أخف نوعين من الستة هما أب وداون والكوارك الثالث يُسمى غريب (strange)، ويرجع سبب تسميته بهذا الاسم إلى طول العمر الغريب الذي يمتكله الجسيم K المتواجد في هذا الكوارك، وهذا الجسيم K هو أول جسيم مركب تم وإيجاد فيه هذا الكوارك، بالنسبة للكوارك الرابع ساحر (CHARM) فلقد تم اكتشافه عام 1974 في كلًا من مركز ستانفورد مسرع الخطي وفي معمل بروكهافن القومي ومن الغرابة أن هذان الاكتشافام كانا في آنٍ واحد.
كان الكوارك الخامس والسادس في الماضي يطلق عليهما اسم الحق والجمال، وهذا يبدو ممتعا جدا، وهذا أيضا ما يعتقده علماء الفيزياء، وبالتالي قرروا الاحتفاظ بهذا الاسم. تم اكتشاف الكوارك القعري في معمل فيرمي الوطني في عام 1977، حيث وجد في جسيم مركب يدعى أبسيلون (Y). وأخيرا، تم اكتشاف الكوارك القمي في عام 1995، ويعتبر الأكبر حجما بين جميع الكواركات.
الاختلاف بين هذه الأنواع الستة يكمن في خصائص الشحنة والكتلة، ويمكننا تجميعها في مجموعات مكونة من زوجين كما ذكرنا سابقا، وهما: العلوي والسفلي، القمي والقاعي، الغريب والساحر، ويوجد كوارك مضاد لكل نوع من هذه الكواركات السابقة؛ حيث يحمل الجسيم المضاد أعدادا كمية معاكسة للأعداد المتعلقة بالكوارك.
خصائص الكوارك
- يتأثر الكوارك بالقوة اللونية بشدة، وحتى إذا كان موجودًا في حالة اكتفاء من الطاقة، فإنه سينتج كوارك مضاد ويتشكل ارتباط بينهما لإنتاج جسيم الهادرون.
- الكوارك هو نوع من الفيرميونات، ويرتبط بمبدأ استبعاد باولي، وذلك بسبب امتلاكه دوران معزول غير صحيح، حيث يكون إما +1/2 أو -1/2، وفقًا لخصائصه الفريدة
- تمتلك شحنة الكوارك عدد كسري على عكس البروتون والنيوترون ذلك لأن شحنتهما عدد صحيح سواء كان ذلك بالسالب أو بالموجب، بينما الكوارك الأول في كل زوج من أزواج الأنواع الثلاثة يمتلك شحنة تساوي 2/3 من شحنة وحدة البروتون والكوارك الثاني لنفس الزوج يحمل شحنة -1/3، وهكذا في الأزواج الثلاثة.
- لم يتمكن العلماء من قياس الكوارك وذلك لأن الطاقة التي ينتجها الكوارك تعادل ما ينتجه الجسم المضاد للكوارك وذلك قبل أن نتمكن من ملاحظة كل واحد منهما على حدى، ومن الأفضل أن يتم حساب كتلة الكوارك باستخدام تقنيات كالحاسوب العملاق وذلك لكي يقوم بمحاكاة التفاعلات بين الكوارك والجالون، وذلك لأن الجالونات تعمل على لصق الكواركات ببعضها البعض.
- تحدث تغيير في لون الكوارك أثناء عملية التفاعل النووي القوي، ويتم ذلك بتبادل الجلونات، وتمثل هذه الجالونات جسيمات أولية لا تمتلك كتلة، وتحمل متجهًا معياريًا، وشحنات لونية وشحنات لونية مضادة.