تعريف القصة في العصر الجاهلي
تُعَدّ القصة من أشهر أنواع النثريات في الأدب عمومًا وفي الأدب العربي خصوصًا، وتتميز بكونها من أشهر الفنون الأدبية العالمية، وقد تميز العرب في سرد القصص والحكايات، واستفادوا منها في نقل أساطيرهم، وخصوصًا في عصر الجاهلية.
مفهوم القصة
الدراسات أظهرت أن تعريف القصة في كثير من الحضارات متجانس تقريبا، حيث تعرف القصة بأنها سرد واقعي أو خيالي لبعض الأحداث والأعمال، ومن الممكن أن تأتي القصة على هيئة سرد نثري أو شعري، وذلك بهدف إثارة الشغف والتسلية وجذب انتباه المستمعين، بالإضافة إلى أنها تهدف لتعليم السامعين والقراء.
يقول أحد أشهر رواد القصة روبرت ستيفنسون أن هناك ثلاث طرق فقط لكتابة القصة، وهي أن يقوم الكاتب باختيار الحبكة للقصة ثم يجد لها شخصيات تلائم الحبكة، أو أن يجد الأشخاص أولاً ثم يبني عليهم المواقف والأحداث، ومن الممكن أن يختار أجواء معينة للقصة من الممكن أن يعبر عنها بالأفعال والأشخاص التي تجسد هذه الأفعال.
النثر في العصر الجاهلي
حسب رأي الدكتور شوقي ضيف، الذي تحدث في كتابه العصر الجاهلي عن النثر في ذلك الوقت، فإن النثر هو ما يهدف إلى تأثير القارئ أو السامع، وينقسم النثر إلى نوعين، حيث يمكن أن يكون قصة أو خطابًا أدبيًا أو رسالة محبرة.
ويرى الدكتور شوقي أننا لا نملك حتى الآن وثائق من العصر الجاهلي صحيحة، لكي تدلنا على هل الجاهليين عرفوا الرسائل الأدبية أم لا، ولكن المؤكد لدينا أنهم عرفوا الأمثال والقصص وسجع الكهان والخطابة، ولكن كانت رواية النثر في العصر الجاهلي بجانب الشعر قليلة وهذا يرجع لعدة أسباب:
أحد الأمور الهامة هو الاهتمام بشاعر القبيلة الذي يدافع عنها ويفتخر بها في شعره، فالقبائل التي تمتلك شاعرًا يعترف بهذه المكانة لأنه يشدد على أهمية القبيلة ويذكرها في شعره دومًا.
السبب الثاني هو عدم التدوين وندرته، حيث كانوا يعتمدون على الرواية والحفظ، ويسهل حفظ الشعر بسبب جماله وإيقاعه الموسيقي.
القصص في الجاهلية
علي الرغم من أن الجاهليون لم يعرفوا التدوين لا في الشعر ولا في النثر، ولكن هذا لا ينفي معرفتهم بالكتابة، فعرفها البعض واستخدموا الكتابة في الأشياء المهمة فقط، وقد كان لهم أنواع من النثر والتي منها القصص التي تحمل لهم شغف كبير، وقد ساعدهم في حبهم للقصص أوقات الفراغ الكبيرة لديهم.
وجدنا أن الرواة كانوا يمتعون السامعين بالقصص التي لديهم ويضيفون عليها العديد من الإضافات التي يجعلون بها المستمعين مبهورين للغاية، حيث يضيفون الخيال للقصة ليبهروا السامعين بالقصة، ويضحكون مرة أثناء السرد ويجعلون السامعين يضحكون ويبكون مرة ويجعلونهم يحزنون.
وقد استفاد مؤلفين القصص بالأساطير والروايات عن الخرافات السائرة والمتنقلة بين الأمم في هذا العصر، وكانوا ينقلون الأخبار والأحاديث الخرافية والتي يتم تداولها بين الناس، والأحداث التاريخية المأثورة عن الحروب والأبطال وكانوا يضيفون عليها بعض الإضافات حتى يثيروا حماسة السامعين.
وصلتنا بعض القصص من خلال اللغويين والرواة في العصر العباسي، حيث سجل بعض اللغويين العديد من القصص التي وصلت إليهم ليقوموا بدراستها وحفظها كتراث لغوي وأدبي. كان العصر الجاهلي مشهورا ببلاغة أدبائه، سواء كانوا شعراء أو غيرهم من كتاب القصص والنثر. ومع طول الزمن والمسافة بين العصر العباسي والجاهلي، تعرضت الكثير من هذه القصص للتحريف وتغيرت عن أصلها، ولكنها لا تزال تحتفظ بسمات القصص القديمة.