تعريف التفسير الموضوعي وأنواعه
ظهر مصطلح التفسير الموضوعي حديثًا في القرن الرابع عشر للهجرة، وتم وضعه كمادة دراسية في كلية أصول الدين في الجامع الأزهر، قسم أصول الدين. وهو واحد من أهم التفاسير الجديدة التي ظهرت في علم التفسير.
تعريف التفسير الموضوعي
التفسير الموضوعي مصطلح مركب من شقين، الأول هو التفسير: في اللغة، يعني الكشف عن المعنى، وفي الاصطلاح يشير إلى علم الكشف عن معاني آيات القرآن.
تعريف الموضوع: تعني كلمة `جذرها الوضع` في اللغة وضع الشيء في مكان محدد، سواء كان بالرفع أو الخفض، أما في الاصطلاح فتعني قضية مرتبطة بالعقيدة أو السلوك الاجتماعي.
يعد تفسير الموضوع من بين الأنواع المختلفة للتفسير، وأفضل تعريف له هو أنه علم يتناول القضايا الحياتية وفقًا لمقاصد القرآن من خلال سورة أو أكثر.
أهمية التفسير الموضوعي
يتضمن تفسير القضايا الحياتية التي ذكرت في القرآن الكريم العديد من الأهميات في حياة كل مسلم، ومن بينها:
تجدد حاجات المجتمع
تتجدد مجتمع المسلمين اليوم بشكل مستمر وغير مماثل لما كان في عهد الرسول والتابعين والعصور التي تلتها، فكل يوم يظهر أفكار جديدة في الحياة وتنفتح الكثير من النظريات العلمية الحديثة، ولا يمكن رؤية الحلول الصحيحة لهذه النظريات إلا بالرجوع إلى التفسير الموضوعي.
حاجة الإنسان العامة
الإنسان مشتت حاله في الدنيا، فهناك مجموعة ليس لها دين، ومجموعة أخرى لا تؤمن بوجود إله على الإطلاق، ومجموعة أخرى تتبع دينا آخر، والبعض لا يعلم شيئا عن أمور الدين، وكل هذه الفرق تدعي أن الإسلام قد انتهى ولا يتناسب مع الزمان الحالي، ولكن التفسير الموضوعي أكد أن الإسلام مناسب لكل زمان ومكان، وهو الكتاب السماوي الوحيد الصحيح على وجه الأرض، حيث يتيح التفسير الموضوعي للناس فهم وتدبر أعظم هبة من الله للبشرية. ويتيح للناس فهم الحلول الجميلة التي يقدمها القرآن لمشاكلهم النفسية والاجتماعية، والأزمات الأخلاقية التي تواجه المجتمعات، وذلك يتطلب دراسات علمية مكثفة لمواضيع القرآن الكريم وفهمها وتدبرها بوحدات موضوعية متكاملة.
التوسع في دراسة الموضوع
عند جمع وبحث موضوع ما وفهم أبعاده والاطلاع على أسباب نزول الآيات المتعلقة به، ومعرفة المرحلة التي نزلت فيها الآيات الكريمة، يتم التعامل مع بعض جوانب الموضوع. ويساهم هذا في إعداد دراسة علمية شاملة وعميقة للموضوع، بهدف إثراء المعرفة وإبراز معالمه. ولا يتاح هذا العمق والتوسع في أنواع التفسيرات الأخرى، سواء كانت تفسيرا شاملا أو تحليليا أو مقارنا.
إظهار الإعجاز العلمي في القرآن الكريم
يرون أهل العلم والاختصاص في جميع المجالات أن القرآن هو المعجزة الخالدة، وأن القرآن كافٍ ويغني عن كل شيء، وكلما ظهر شيء جديد في مجال العلم يشير إلى التطور الفكري للإنسان، يعيش المفسر معه ويرى وجوده في آيات القرآن.
تأصيل الدراسات القرآنية
تتعلق العلوم المتعلقة باللغويات والدراسات الفقهية بالقرآن الكريم، ومع ذلك، هناك علوم جديدة ظهرت في الآونة الأخيرة تحتاج إلى تأسيس قواعدها في القرآن الكريم مثل الإعجاز العلمي، وقد برز هذا العلم في السنوات الأخيرة، ولكنه يحتاج إلى تحديد قواعده بشكل علمي مستند إلى القرآن الكريم.
تصحيح مسار الدراسات الإسلامية
لقد تم نشر العديد من الأبحاث والدراسات الإسلامية، ولكن لم يتم ذكر أدلة ومراجع على القرآن الكريم في مناهج الباحثين. وعندما يتعلق الأمر بكتابة تاريخ الإنسانية وسرد الأحداث، يتم ذلك بدون الاهتمام بمنهج الله في تطور وتقدم الأمم والتخلف. ومع ذلك، يبرز القرآن هذه النهج بشكل واضح عندما يقدم قصص الأنبياء والأمم السابقة. قام ابن خلدون بمحاولة جيدة في مقدمة تاريخه، ومع ذلك، لم يجد أحدا يستكمل هذا المجهود.
ألوان التفسير الموضوعي
التفسير الموضوعي له ألوان مختلفة حسب القضية التي يتم تفسيرها :
تفسير المصطلحات القرآنية
الطريقة تكمن في تتبع اللفظ المطلوب البحث عنه في القرآن الكريم، وجمع الآيات التي تحتوي على هذا اللفظ أو مشتقاته. بعد الجمع، يتم استنتاج تفسير الآيات المجمعة ومحاولة استنباط معناها من سياق القرآن الكريم، وربط معانيها في أماكن مختلفة ببعضها البعض. هذه الطريقة كشفت نوعا آخر من إعجاز القرآن وبلاغته، وتمكن من استنتاج معاني دقيقة للقرآن لم يتم استنتاجها بواسطة أي من العلماء والباحثين بواسطة أساليب التفسير الأخرى. وهذا يتجنب فكرة تضييق الكلمات القرآنية كمصطلحات قرآنية مثل (الجهاد والخلافة وما إلى ذلك)
تفسير الموضوعات القرآنية
تقدم آيات القرآن الكريم بأساليب وطرق متنوعة، سواء في التحليل والمناقشة والتعليق، أو في عرض المسائل والقضايا. يمكن أن يعالج القرآن الكريم قضية أو موضوعا معينا، ويمكن البحث فيها من خلاله. وبهذه الطريقة الشاملة، يمكن أن يتحدث القرآن الكريم عن موضوع واحد باستخدام مصطلحات متنوعة، ويقوم الباحث بتجميع تلك الآيات واستكشافها واستخلاص معانيها. ونستنتج من ذلك أن القرآن هو منهج شامل ودستور مفصل للحياة.
أمثلة على الموضوعات: الصلاة في القرآن- الرسول في القرآن
تفسير السور القرآنية
يقوم الباحث بدراسة وقراءة وتفسير سورة من القرآن الكريم، ويتركز على بيان وحدة الموضوع في السورة، ويشرح أهدافها ودروسها، ويبرز مقاصدها.
أسباب شهرة التفسير الموضوعي
انتشر التفسير الموضوعي في القرن السابق بسبب عدة أسباب، منها:
- اتجاه البحث العلمي إلى التخصص:
في الماضي، كان الباحث يمكنه أن يكون متخصصًا في أكثر من مجال، ولكن الآن ونحن في عصر التخصص، ظهر التفسير الموضوعي واشتهر بسبب تخصصه في دراسة كلمة محددة أو موضوع أو سورة محددة، وذلك ليتلاءم مع العصر الحالي وأسلوبه واتجاهه.
- تقوم بإنشاء عناصر جديدة في مجال الدراسات الإسلامية والقرآنية من غير المسلمين
هناك العديد من المستشرقين الذين قاموا بتوسيع دراساتهم في الدراسات الإسلامية والقرآنية، من خلال خدمة علمهم ودولتهم. ومن هذا المنطلق، استنتجوا واستنبطوا الأمور من القرآن والحضارة الإسلامية، مما دفع الباحثين في علوم القرآن لتطوير عملية التفسير والبحث.
منهج الدراسة في التفسير الموضوعي
يجب على الباحث تحديد منهج محدد لدراسة نقطة معينة بطريقة موضوعية، وضم جميع أطراف الموضوع وتوضيحها بشكل كامل لإظهار عظمة وبلاغة وإعجاز القرآن الكريم، وهذا المنهج هو الأنسب
- اختيار الموضوع المخصص لدراسته.
- تجميع جميع الآيات القرآنية التي تتعلق بهذا الموضوع.
- ترتيب الآيات تبعًا لأسباب النزول.
- يشرح معاني الآيات ويظهر المضمون والرموز، ويقوم بربط أجزاء الآيات ببعضها.
- يجب الاستعانة بالأحاديث الصحيحة والمؤكدة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
- يتعين الاستعانة بأقوال وتفسيرات السلف الصالح، وعدم الاستنتاج الشخصي والاجتهاد إلا بعد الوفاء بتلك النقاط.
المؤلفات الخاصة بـ التفسير الموضوعي
إذا كنت ترغب في معرفة المزيد حول التفسير الموضوعي، فيجب عليك قراءة المؤلفات المتخصصة في هذا المجال، ويمكننا عرض بعضها عليك
- تفسير المعاني الموضوعي للقرآن الكريم من قبل فضيلة الشيخ أحمد الكومي.
- تبدأ التفسير الموضوعي للدكتور عبد الحي القرماوي.
- كتاب المدخل إلى التفسير الموضوعي، للأستاذ الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد.
من الكتب التي تتناول مواضيع محددة كنماذج للتفسير الموضوعي:
- الوحدانية والتوحيد.
- المعية في القرآن الكريم.
- المدخل إلى التفسير الموضوعي.