تعريف البكتريوفاج وأهميتة
ما هو فيرس بيكتريوفاج
في عالم الكائنات الحية من حولنا تظهر تلك المخلوقات العجيبة التي خلقها الله سبحانه وتعالى، ويكون البشر غير قادرون على رؤيتها بالعين المجردة، مثل البكتيريا والتي لها أضرارها ومنافعها في الوقت ذاته، ومعروف أن الكائن الحي معرض للغزو البكتيري والفيروسي أيضا ولكن العجب كل العجب عندما نجد أن الكائن الذي يغزو، معرض هو الآخر للغزو من فيروس آخر .
عندما يحدث غزو من فيروس بكتريوفاج البكتيريا، والذي يعرف باسم فيروس ملتقم البكتيريا bacteriophages، يقوم هذا الفيروس بمهاجمة البكتيريا، ويؤكد الباحثون في هذا المجال أن هذا الفيروس العجيب يمر بمرحلتين .
تتمثل دورة الفيروسات البكتيرية في مهاجمة البكتيريا، حيث تصيبها في المرحلة الأولى، ثم تنتقل إلى الحمض النووي للبكتيريا، ثم تبدأ المرحلة الثانية في تكاثر الفيروسات. وبعد ذلك، تقتل الخلية البكتيرية، حيث تنفجر .
ولهذا الفيروس أشكالاً متعددة تختلف عن نظيراتها من الفيروسات الأخرى ، فحتى هذه الكائنات الدقيقة لها مواد وراثية مختلفة ومتنوعة ، ومتعددة حيث يقدرها علماء الميكروبيولجي ، بأن هذا الفيروس قد يحوي جينومات يكون مصدرها إما الحمض النووي ، أو مصدرها من الحمض النووي الريبوزي ؛ حيث يمكن لهذا الفيروس أن يحوي أقل من أربع جينات ، أو ربما قد يصل ، إلى أكثر من مئة.
هيكل تركيب فيروس بكتريوفاج
يتكون شكل الفيروس الملتهم للبكتيريا ، من هيكل رأس عشري الوجوه ، يتكون من وحدات فرعية متعددة ، يطلق عليها الوحدات البروتينية المتكررة ، التي تُعرف باسم القفيصة capsid ، حيث يحتوي جزء الرأس على هيكل يحوي في طياته ، الجينوم الفيروسي ، وربما تتواجد فيروسات من البيكتريوفاج ، التي يكون لها ذيل أو ربما لا تحوي هذا الذيل.
تتمحور الدراسات العلمية حول مجموعة الفيروسات ذات الذيل الذي يحوي الجينوم، حيث يتكون فيروس البيكتريوفاج ذو الذيل من ثلاثة أجزاء، يبدأ الجزء الأول بالقفيصة التي تلعب دورًا في تعبئة الجينوم، ويتكون الجزء الثاني من الذيل.
يؤدي الذيل دورًا في عملية اختراق البكتيريا بعد مهاجمتها، إذ يعمل كأنبوب لنقل الجينوم إلى الخلية المستهدفة، كما يحتوي على جزء لاصق في نهايته يساعد في التعرف على الخلية البكتيرية المستهدفة والتي سيتم ابتلاعها ومن ثم اختراق جدارها .
يتميز فيروس الذيل بمكون هيكلي يسمى الذيل، وهو ضروري خلال عملية الاختراق في الخلية، حيث يتم التعرف عليه بواسطة الجهاز اللاصق في نهاية الذيل، ويضمن توصيل الجينوم إلى سيتوبلازم الخلية البكتيرية .
يتكون ذيل الفيروس من سلسلة حلقات تسبق جزء الفيروس اللاصق في نهايته، وهو جزء محاط بالعديد من الفيروسات التي تشكلت من عدد كبير من الألياف الليفية، والهدف الرئيسي من وجود هذه الحلقات هو الاتصال السريع بالخلية المستهدفة للهجوم .
استخدامات وأهمية فيروس بكتريوفاج
الأمر الرائع والمدهش في هذا الفيروس هو أنه صغير الحجم ومصنف تحت قائمة الكائنات الحية التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، تمامًا مثل البكتيريا، ولا يمكن ملاحظة كيفية انقسامه أو تكاثره. ولكن الأكثر دهشة هو أنه يمكننا استخدام هذا الفيروس الذي يهاجم خلايا البكتيريا .
على الجانب العلمي والأكاديمي ، تعتبر دراسة هذا الفيروس من أكثر الاسهامات التي أضافت لحقل الميكروبيولجي فقد تمت دراسة هذا الفيروس على اعتباره ، كائن نموذجي ساهم في اكتساب العديد من الرؤى العليمة ، حول المفاهيم الجينية الأساسية ، حيث أضاف علماء هذا المجال مصطلحاً جديداً أطلق عليه المفهوم الجيني الفيروسي .
يشير العديد من الباحثين الأجانب إلى أن معظم دراساتهم حول فيروس العاثيات كانت بسبب فهمهم العميق لهذا الفيروس، ومع تطور هذا المجال وتغير المفاهيم، تحول التركيز إلى فهم بيولوجيا فيروسات البكتريوفاج.
تم استغلال هذه الفيروسات عمليًا وتطبيقيًا، خاصة في مجال التكنولوجيا الحيوية وعلاج الأمراض البكتيرية المعدية، حيث ساعد الدور الهجومي الذي تقوم به هذه الفيروسات في استخدامها للقضاء على البكتيريا التي تسبب الأمراض المعدية للإنسان .
أكد العلماء أن هذه الفيروسات تصيب فقط البكتيريا بشكلٍ محدد، وليس الخلايا الحقيقية ذات النواة، وفي هذه الحالة يستخدمها الأطباء كمضادٍ هجومي لعلاج بعض الأمراض المعدية بدلاً من المضادات الحيوية التي تعتبر علاجاً تقليدياً ومنتشراً حول العالم .
ومن الدول المتقدمة في هذا المجال حول العالم التي اعتمدت هذا العلاج، روسيا وجورجيا، وعدد من البلدان لعلاج الالتهابات البكتيرية، بنتائج متفاوتة في التعافي. ولذا، يمكن القول أن هذا التقدم في مجال علم الأحياء الدقيقة يعود للعلماء الذين اكتشفوا علاجا بديلا يسهم في التصدي للأمراض البكتيرية المعدية، ومع ذلك، فإن استخدامه المحتمل يخضع لإعادة النظر والدراسة نظرا لتطورات البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.
ومن أهم التطبيقات الوقائية لهذا الفيروس هو مستحضرات IntestiPhage حيث تتكون من مجموعة كبيرة من هذه الفيروسات ، التي يتم استخدماها في علاج الأمراض البيكتيرية التي تصيب الأمعاء ، عند الانسان ، حيث تسهم في الوقاية من الالتهابات المعوية التي تتسبب بها بيكتيريا السالمونيلا وغيرها من أنواع البكتيريا المختلفة .
تم إجراء دراسة تجريبية في عام 2008، شملت مجموعة ضابطة ومجموعة تجريبية، وعولج فيهما 452 طفلا باستخدام هذا المستحضر، بينما تم علاج 100 طفل بالمضادات الحيوية و28 طفلاً باستخدام مزيج من المضادات الحيوية .
تشير نتائج هذه الدراسة إلى أن المجموعة التي تم علاجها بالمضاد الحيوي تحسنت بعد مرور 29 يومًا، بينما تم شفاء المجموعة التي تم علاجها بالمزيج بعد 15 يومًا، وقد تم شفاء المجموعة التي تم علاجها بالمستحضر المكون من الفيروسات الملتهمة بعد 9 أيام فقط .
على الرغم من استخدام بعض الدول المتقدمة هذا الفيروس لتحقيق الشفاء المطلوب، لا يزال استخدامه كدواء معالج للأمراض الجهاز الهضمي والأمعاء غير منتشر في العديد من الدول حول العالم، على الرغم من فعاليته في مكافحة بكتيريا الأمعاء. ما زال الطب الحديث والدراسات في مرحلة تطور مستمر لاكتشاف كل ما هو جديد ومبتكر في مجال الطب والعلاج .