تعريف الإيواء لغة واصطلاحا
المقصود بـ الإيواء
هو مصطلح يعبر عن الإقامة الدائمة والاستقبال الحسن والرعاية الجيدة والاستقرار الاجتماعي والنفسي، والبحث عن الأمان والدعم والراحة، أو بمعنى آخر، أن يتم استضافة الشخص في مكان آمن يمكنه العودة إليه في أي وقت. وفي الكتاب العزيز قال الله تعالى: `أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون
تعريف الإيواء في اللغة
تعني كلمة الإيواء ضم الإنسان لغيره إلى نفسه، وتشير إلى مصدر الفعل “آوى”، وتشير كلمتي الإيواء والأوي لنفس المعنى. وتُستخدم في القرآن الكريم، كقوله تعالى: (وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ).
يعني المصطلح بشكل عام الإقامة في مكان آمن، وأشار إليه الله تعالى في قوله: `فأووا إلى الكهف`، أي الانضمام واللجوء إليه، ويمكن أن يعني أيضًا العودة، مثل قول: `أوى إلى الله`، أي الرجوع إلى الله، أو `أوى إلى الفراش`، أي العودة والانضمام إليه .
المأوى هو أي مكان يحتوي على شيء ما، ويمكن أن يكون معناه كلمة “إنزال” عندما يُقال “أويت فلاناً”، والذي يعني أنه تم إنزاله بمكان ما، أو يعني اللجوء عندما يُقال “أوي” إلى مكان ما يعني أنه لجأ إليه، ومثال على ذلك قول الله تعالى “قَالَ سَأَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ.
تعريف الإيواء في الاصطلاح
يستخدم الفقهاء مصطلح الإيواء بنفس المعنى اللغوي، ولقد استخدموا كلمة الإيواء بمعانيها المختلفة في أبواب متفرقة من الفقه مثل ايواء اليتيم، ايواء الضيف، ايواء المشرد، ايواء اللقطة، ايواء الفار من الظالم، إيواء الجاني والجاسوس.
ويتم تقسيم الايواء الى:
- الإيواء الراجح.
- الإيواء المرجوح.
ماهو الإيواء الراجح
وقد قام الفقهاء بذكر بعض المصاديق للإيواء الراجح منها:
إيواء المسلم: يعتبر اللجوء إلى الآخرين والعلاقات الاجتماعية في الدين الإسلامي من الأفعال المستحبة، وإذا رأى المسلم أخاه المسلم يعاني من الجوع أو العري ولا يملك مأوى، فإن إيوائه وإطعامه وإحسانه من الأفعال المستحبة، وفي الشريعة الإسلامية، يعتبر مساعدة الفقراء والمسافرين من أصناف الإحسان والبر وفعل الخير.
واحدة من أهم الأمثلة هنا هي استضافة ذرية النبوة وأهل البيت السلام عليهم جميعا. تعتبر رعاية ذرية النبي وأهل بيته عليهم السلام من المصاديق المحمودة والمحبوبة عند جميع الفقهاء. وكانت أحد هذه المصاديق هي الاهتمام بذرية النبي وإيوائها، كما أمر به بعض الفقهاء في وصاياهم لأبنائهم.
آية المودة تشير إلى ذلك، ويذكر أيضا عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: `في يوم القيامة سينادي مناد: أيها الخلق، استمعوا، فإن محمد صلى الله عليه وآله يخاطبكم`. فيستمع الخلق، ثم يقوم النبي صلى الله عليه وآله فيقول:
يا معشر الخلائق، إذا كان لأحد منكم يد أو منة أو معروف عندي، فليثبت حتى أكافئه. قد يسألون: ما هي اليد والمنة والمعروف التي لدينا؟! بل اليد والمنة والمعروف لله ورسوله على جميع الخلائق. ويقول لهم: بل من أي شخص أوفى بأهل بيتي، أو برهم، أو كساهم من العري، أو أطعم جائعهم فليثبت حتى أكافئه. فيقوم بعض الناس ويفعلون ذلك، ويأتي النداء من الله تعالى: يا محمد، يا حبيبي، قد جعلت مكافأتهم إليك، فأسكنهم من الجنة حيث شئت
إيواء اليتيم: في الدين الإسلامي، يحب أن يتم استضافة الأيتام من أطفال المسلمين، وينصح أيضا بإنفاق المال عليهم، وفعل الخير لجميع الناس، وكذلك تولي شؤونهم ورعايتهم بكل ما يحتاجونه، والثواب لذلك يكون كما ورد عن الإمام الصادق في وصية النبي محمد لعلي، حيث قال: “من تولى الأيتام، وأرحم الضعفاء، وأشفق على والديه، ورعاية المملوكة، بنى الله له بيتا في الجنة.
معنى الإيواء المرجوح
ذكر بعض الفقهاء بعض الموارد التي يمكن فيها أن يكون الإيواء مرجوحًا، وأهمها ما يلي:
إيواء الجاسوس والمحارب: صرح الفقهاء بتحريم إيواء أعداء الإسلام أو الجاسوس المشرك بسبب الأضرار التي يمكن أن تسببها للمسلمين ومصالحهم العليا. ففي حالة إيواء الجواسيس وأعداء الإسلام، يكون هذا الإيواء مسكنا لهم ومصدرا للأمن والاستقرار، مما قد يمكنهم من القيام بالمهام العدوانية التي يعتزمون القيام بها. وإيواؤهم يعتبر إعانة على الإثم والعدوان. وبشكل عام، صرح الفقهاء بوجوب تسليمهم إلى ولاة الأمر لمعاقبتهم وذلك للحد من الأضرار التي تضر بمصلحة المسلمين. وذكروا الفقهاء أن من شروط الذمة ترك إيواء الجواسيس وعيون المشركين، وإذا حدث أن أخل أهل الذمة بذلك، فقد انفسخ العقد معهم، وذلك لأنهم يمتلكون الحق في إعلان الحرب نظرا لما يمثله إيواؤهم من كسر لقواعد المعاهد والعهود.
ولا يُسمح لعيون المشركين وكذلك اعداء الاسلام ايوائهم لي اي مكان ولا يكون لهم استقرار علؤ وجه الارض حتي يموت، وذلك لصحيحة حنان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ»، قال:(لا يبايع ولا يؤوى ولا يتصدّق عليه).
إيواء الملتجئ إلى الحرم: يحظر هتك حرمة المكان الآمن والمحرم في الإسلام، وهذا مبدأ عام لا يقتصر على مكان معين، كما ذكر في القرآن الكريم (ومن دخله كان آمنا)، ولذلك لا يتم تطبيق الحد على المجرم الذي يلجأ إلى المحرم، والفقهاء اتفقوا على أن من يرتكب جريمة خارج المحرم ويلجأ إلى المحرم للحماية، فلا يتمكن من البقاء في المحرم ويتم تطبيق الحد عليه. ويمكن الاستدلال على هذا الأمر من حديث صحيح عن الإمام الصادق عليه السلام، حيث قال (لا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يؤوي حتى يخرج من المسجد الحرام)، وهذا يعني أن عدم إيواء المجرم داخل المحرم لا ينهي حالة الأمان، ولكن يضطره للخروج من المحرم وتطبيق الحد عليه، وبالتالي يتم تنفيذ العقوبة عليه.
إيواء العاصي: صرح الفقهاء بأنه لا يحرم إيواء العصاة من المسلمين أو غيرهم، وذكر بعض المفتين المعاصرين تحريم إيواء المغنيات لأسباب غنائهن وتسهيل عملهم المحرم. وذلك استنادا إلى قول نصر بن قابوس، الذي قال: “سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: المغنية ملعونة، ومن يؤويها ملعون، ومن يأكل كسبها ملعون.
إيواء القمامة في البيت: صرح بعض الفقهاء بكراهية إيواء القمامة داخل المنزل، خاصة خلف الباب، وذلك لقول أمير المؤمنين عليه السلام: “لا تؤوي التراب خلف الباب؛ فإنه مأوى الشياطين”، وأخرى رواية تحريم إيواء منديل اللحم داخل المنزل.
الوضوء عند الإيواء للفراش: صرحت جماعة من الفقهاء بأن الوضوء عند الذهاب أو الإيواء للفراش مستحب، وذلك استنادا إلى رواية محمد بن كردوس عن رسول الله عليه السلام الذي قال: “من تطهر ثم ذهب إلى فراشه فقد بات في فراشه كمسجده”. وهناك أيضا بعض الفقهاء الذين ذكروا أنه إذا ذهب إلى فراشه ثم أدرك أنه ليس على وضوء، فيجوز له التيمم بالرمل إذا لم يستطع استعمال الماء، ومعنى ذلك أن يتيمم من خلال دثاره، وليس بأن يتيمم قبل دخوله إلى الفراش متعمدا وهو قادر على الوضوء.