أصبح الذكاء الاصطناعي يسيطر على كل شيء في حياتنا تقريبًا بداية من هواتفنا وأجهزتنا المنزلية وسيارتنا وحتى ما نفكر فيه يتم رصده واستخدامه باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي دون أن تدرك ذلك ، فأنت اليوم على سبيل المثال تفكر في شراء منزل جديد، فتدخل للبحث عن أسعار المنازل في منطقة ما على جوجل، فتجد فجأة إعلانات من المسوقين العقاريين تتبعك في كل مكان، والسبب في ذلك هو خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تدرس وتحلل كل أفعالنا، وتقوم الشركات في النهاية باستخدامها لإنتاج أجهزة ذكية أخرى لتتبع سلوكنا مرة أخرى، ومؤخرًا ظهر تطبيق يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحريك الصور وخاصة تحريك صور الموتى، وقد آثار هذا التطبيق قلق وجدل كبير في جميع الأوساط.
معلومات عن شركة MyHeritage
أطلقت شركة MyHeritage ميزة جديدة تسمى “الحنين العميق” The deep nostalgia، وهي واحدة من أكثر التطبيقات التي أثارت الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يستخدم هذا التطبيق الذكاء الاصطناعي لتحريك الصور القديمة، وقد تم تطوير هذا التطبيق بشكل متقدم لدرجة جعلت الصور المتحركة تبدو حقيقية.
منصة MyHeritage هي شركة مقرها إسرائيل وتختص في تتبع أصول العائلات. يمكن لأي شخص حول العالم الوصول إلى الموقع الرسمي لـ MyHeritage وإدخال بيانات عائلته لتتبع تاريخها باستخدام تحليل الحمض النووي (DNA). تدعي الشركة أنها تمتلك ملايين سجلات الـ DNA. تكلفة الاشتراك في الخدمة هي 199 دولارا، ويمكن الدفع مقابل تحليل السلالة المتقدمة التي تتبع التسلسل الكامل للحمض النووي للميتوكوندريا وكروموسومات Y. تأسست الشركة في عام 2003 بواسطة مهندس برمجيات.
تقدم تلك الشركة خدماتها بشكلٍ أساسي للأوروبيين بسبب امتلاكها لوثائق تاريخية أكثر تفصيلاً للأوروبيين، وتشمل هذه الوثائق شهادات الوفاة والصور العائلية والصحف التاريخية.
وفي عام 2016م بدأت الشركة في تقديم خدمة تحليل الحمض النووي لمطابقة التحليل مع الأقارب بناء على تحليل الحمض ، وتنشر تقرير المستخدم على حسابه على الإنترنت أو عبر تطبيق الهاتف، وتقوم الشركة في البداية بإرسال حزمة اختبار إلى المستخدم الذي يسجل لطلب تحليل ال dna على عنوان منزله.
يقوم المستخدم بعد ذلك باستخدام الحزمة لأخذ مسحة من الخد، ويرسل عينتها بالبريد ليتم تحليلها. وبعد 3-4 أسابيع، تظهر النتائج، وتقوم الشركة بعمل تقييم للعرق بناءً على التحليل، حيث يتم تحديد مساهمة كل منطقة عرقية في أصول المستخدم.
أثارت جمع العينات والبيانات الشخصية للمستخدمين جدلا، وذلك لأن الشركة تقوم بجمع المعلومات لأغراضها الداخلية، وتطلب أيضا موافقة المستخدمين على استخدام تلك المعلومات لأغراض الاكتشاف والبحث العلمي. وعلى الرغم من تعهد الشركة بعدم بيع المعلومات لأطراف خارجية، إلا أن هذا الأمر لا يزال يشكل تهديدا كبيرا لخصوصية الأفراد، خاصة مع حساسية المعلومات التي تقوم الشركة بجمعها. وأعلنت الشركة أيضا أنها قد تشارك بيانات الحمض النووي إذا كان ذلك مطلوبا قانونيا.
تعرضت الشركة في عام 2018 لاختراق أمني وتم سرقة 92 مليون ملف لبيانات تسجيل المستخدمين، بما في ذلك عناوين البريد الإلكتروني وكلمات المرور.
تطبيق الحنين العميق لتحريك الصور
ليس تحليل الـ DNA الذي تقوم به الشركة هو ما أثار الجدل حولها ومنتجاتها، ولكنها طرحت مؤخرًا ميزة جديدة تسمى `The Deep Nostalgia`، والتي تتيح تحميل صورة لأحد أفراد العائلة وتقوم بتحويلها إلى نسخة متحركة من الصورة.
يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحريك الصور بطريقة تشبه حركة الأشياء الحقيقية، وتشمل الحركات المتحركة مثل وميض العين، والابتسامة، وإمالة الرأس.
طريقة استخدام خاصية تحريك الصور
- تقدم الشركة هذه الميزة مجانًا، حيث يتم رفع الصورة على الموقع.
- ومع ذلك، يجب عليك التسجيل في الموقع أولا لبدء تحريك الصور .
كيف يعمل تطبيق تحريك الصور
خاصية الحنين العميق مشتقة من تقنيات التعلم العميق، حيث تتعلم الخوارزمية بشكل مباشر من حركات بشرية حقيقية وتفهم من البيانات وتنشئ شبكة عصبية اصطناعية مستقلة مبنية على الخوارزمية التي تقوم بكل التعلم، كما أنه يعزز الصورة عن طريق إضافة الحدة واللون وحتى تصحيح الصور غير الواضحة.
تنتمي Deep Nostalgia و deepfake إلى نفس مجموعة التقنيات التي ترسم بشكل أساسي الصور ومقاطع الفيديو إلى بعضها البعض بدقة ملحوظة. ومع ذلك فإن غرابة الهالة النابضة بالحياة للصور الناتجة هي ناتجة عن الثغرات الواضحة في التكنولوجيا ، والفشل في سد فجوات البيانات المتبقية أثناء عملية تحويل الصورة الثابتة إلى متحركة.
انتقادات برنامج تحريك صور المتوفين
انتقد العديد من المستخدمين تلك الميزة واعتبرها بعضهم مخيفة
بينما يعتبر الخبراء خاصية الحنين العميق تقنية خطيرة ، ففي حين الصور المتحركة التي ينتجها تطبيق The deep nostalgia حتى اليوم لا تنتج صور تتحرك بدقة بحيث تبدو حقيقية بنسبة 100% وأيضًا فإن التقنية حتى الآن لم تنجح سوى في تحريك صورة واحدة تحتوي على وجه ورقبة فقط، ولا تستطيع تحريك صور تحتوي على مجموعات، ومع ذلك فإنها مازالت تثير الكثير من القلق.
في البداية، يشغل الخبراء تطبيق هذا النوع باهتمامهم، حيث يمكن استخدام تقنية التعلم العميق بسهولة للتلاعب بالأحداث العامة، مثل تطبيق تقنية deepfake التي يمكن استخدامها لإضافة وجه أي شخص على فيديو متحرك ليبدو وكأنه هو الشخص الأصلي في الفيديو بطريقة غير قابلة للاكتشاف. وقد ظهرت العديد من الفيديوهات التي تظهر مشاهير يقومون بأفعال لا يعلمون عنها شيئا، مثل فيديو رقص للملكة إليزابيث ملكة إنجلترا أو فيديوهات لرؤساء دول يدلون بتصريحات لا تمت لهم بصلة.
Deep Nostalgia” ليست أول مشروع لتزييف الصور الفردية، إذ في عام 2019، نشر باحثون في مركز سامسونغ للذكاء الاصطناعي في موسكو ورقة بحثية تشرح كيف يمكن أن تنتج تقنيات التعلم الآلي صورا مزيفة بعد “النظر” إلى صورة واحدة أو بضع صور، باستخدام إطار عمل يسمى شبكة الخصومة التوليدية. قام الباحثون بتدريب زوج من نماذج الكمبيوتر للتنافس وإنشاء تزييف عميق.
في حين كانت النتائج التي توصل إليها باحثو سامسونج مثيرة للإعجاب ، يظهر مشروع Deep Nostalgia مدى تقدم تقنية deepfake بوتيرة سريعة، ونظرًا لأن هذه الأدوات أصبحت متطورة بشكل متزايد ، فقد أثار خبراء الإعلام مخاوف بشأن كيفية استخدام الجهات الفاعلة السيئة للتزييف العميق و “المنتجات المقلدة الرخيصة” للتلاعب بالجمهور.
حكم استخدام برنامج تحريك صور الموتى
مع انتشار هذا التطبيق، ظهر جدل حول مشروعية استخدامه من الناحية الإسلامية، وظهرت فتاوى مختلفة في هذا الشأن، إذ اباح البعض استخدام هذا البرنامج للترفيه فقط، شريطة ألا يتضمن تحريك الصور سخرية من الموتى أو سوء أدب.
أما الفتوى الثانية فإنها تقول أن استخدام مثل هذه البرامج لتحريك صور الموتى غير مشروع لأن فيه تدنيس لحرمة الموتى، وأيضًا فإن هناك فتاوى سابقة تبيح التدخل في تغيير الصور فقط في حالة وجود مصلحة شرعية راجحة فقط، أما بخلاف ذلك فلا يجوز التدخل سواء لتحريكها أو لتغييرها وجعلها مثل الرسوم المتحركة أو غير ذلك.