تاريخ لعبة الكيرم والليالي الرمضانية في الحجاز
هناك العديد من الألعاب التي يحتضنها التاريخ، وتحمل أهمية كبيرة لدى محبيها، وخاصة الألعاب الجماعية التي يجتمع فيها الأصدقاء والعائلة لزيادة المتعة والتشويق والتسلية، وخاصة في ليالي رمضان. ومن أبرز هذه الألعاب لعبة الكيرم، وهي لعبة تقليدية شهيرة في منطقة الحجاز. تعتبر الكيرم من أجمل الألعاب التي لا تزال تحتفظ بمكانتها وقيمتها على الرغم من مرور آلاف السنين عليها. ولا تزال محبوبة لدى الشباب وكبار السن وحتى الأطفال. فما هي لعبة الكيرم؟ وما هو تاريخها؟
لعبة الكيرم
لعبة الكيرم هي من أبرز الألعاب التقليدية في منطقة الحجاز، حيث لا تزال اللعبة الأكثر شعبية هناك، فهي كما قال عنها علي الشريف في مجموعته القصصية رائحة الكباب إنها لعبة الكر والفر والحذاقة، فالكيرم هي لعبة عالمية تنوعت المعلومات حول نشأتها ومصدرها، حتى تداولت ضمن الألعاب الالكترونية الحديثة، ولكن في الحقيقة فإن لعبة الكيرم يغلب على طابعها الطابع المكي، حتى أنها تأصلت بأهل مكة وباتت من أشهر الألعاب الشعبية المتواصلة معهم.
يعتقد أن منشأ لعبة الكيرم، كما يقال، هو الهند، إلا أنها اشتهرت وأصبحت أكثر شعبية في الحجاز وسواحل الخليج العربي، حيث أصبحت جزءا كبيرا من التراث، ويزداد الإقبال عليها في ليالي رمضان، نظرا لأن أطول فترة هي المساء والتي يسهر فيها الناس، وهو ما يتيح لهم فرصة للعب، كما يمكن رؤيتها في البسطات الشعبية في الحارات والمقاهي.
شكل لعبة الكيرم
تتم صناعة أدوات لعبة الكيرم الأصلية من الخشب الطبيعي وتستورد من الهند، وتتألف من 20 قطعة دائرية مقسمة إلى 4 ألوان، منها 9 قطع باللون الأبيض و9 قطع باللون الأسود، وقطعة واحدة باللون الأحمر وتختلف في الحجم والسماكة عن الباقي، وهي المضرب.
قوام لعبة الكيرم هو الخشب به أربع فتحات صغيرة في الأركان، وفي وسطها دائرة مرسومة تتمركز فيها حبوب الكيرم، والتي تتخذ الشكل الدائري والتي تنقسم للونين الأسود والأبيض، وترص بطريقة معينة، ويكون فيها عدد اللاعبين شخصين أو أربعة أشخاص حيث ينقسمون إلى فريقين، يتناوبون على المضرب وهو عبارة عن حجر كبير بالشكل الدائري، ويقوم عصا البلياردو في ضرب حبوب الكيرم لإدخالها في الفتحات الأربعة.
أنواع لعبة الكيرم
هناك نوعان من مستوى لعبة الكيرم، الأول منها يسمى فلوس، والثاني أبيض وأسود، أما النوع الأول وهو الفلوس والذي فيه تكوم الحبوب في الدائرة المرسومة من المنتصف ويبدأ اللعب، أما الأبيض والأسود فيحدد فيها اللاعبون اختيارهم للون معين ، وكل لاعب يبدأ في قنص حبوبه حتى إذا انتهى منها تبقى الحبة الحمراء فقط.
لعبة الكيرم وليالي رمضان
تعتبر لعبة الكيرم واحدة من أشهر الألعاب الشعبية في ليالي رمضان، حيث تقدم في الأحياء الشعبية والمقاهي، وتعتبر المظهر الترفيهي لرمضان ويتكرر كل عام. في هذه اللعبة، يجلس اللاعب متربعا ويتم تقييم مهاراته حسب تصويته للأهداف، ويتم التركيز على الحبوب ذات اللون الأحمر التي تحسب 50 نقطة، وبالتالي تساعد اللاعبين على حصد نقاط وافرة في هذه اللعبة بأقل جهد.
في الوقت نفسه، يشعر معظم الشباب والأطفال بالاستمتاع بلعبة الكيرم وألعاب أخرى ترمز إلى رمضان في الماضي، حيث يستعيدون الذكريات ويسترجعون الأوقات الجميلة، على الرغم من التقدم التكنولوجي الكبير في الألعاب الإلكترونية، لأنهم يرون أن الألعاب الإلكترونية تؤدي إلى العزلة بشكل مختلف عن الألعاب الجماعية مثل لعبة الكيرم.
وأخيرا فإن لعبة الكيرم ليست مجرد لعبة يفضلها الشباب، ولكنها لعبة تساعد في اكتساب الكثير من الإيجابيات الاجتماعية، وفرصة للالتقاء بأشخاص كثيرة تحب هذه اللعبة، ومن خلالها يظهر التضامن بين الأشخاص وعلاقاتهم المختلفة ببعضهم البعض، والتشجيع على روح التعاون والمرونة، وكذلك ضبط النفس والصبر والذكاء.