تاريخ الانظمة الميكانيكية في العصر الاسلامي
على مر العصور، سعى المسلمون للاستفادة من دراسات الإغريق والفرس والرومان والصينيين، واستخدموا القواعد المبعثرة في علم الميكانيكا. عمل المسلمون على تنظيم وتطوير تلك القواعد لصالح الحضارة الإسلامية في مختلف أنحاء العالم، وأضافوا إليها بإبداعهم الشخصي، مما جعلها علما قيما ذو أهمية تطبيقية في الحياة اليومية.
علم الحيل
كان يطلق قديماً على علم الميكانيكا علم الحيل، وذلك لاستخدام ذلك العلم في الفكاهة والسحر والتسلية والخداع، فكانوا يستخدمون تلك النظريات للتحايل على العقبات المختلفة والظروف الصعبة، بغرض توفير الوقت والجهد على القوة البشرية والتوسع في ترسيخ مبادئ القوة الميكانيكية والسعي للاستفادة من أبسط الجهود بغرض الحصول على أكبر ناتج كمي وكيفي من الحيوان أو الإنسان.
أهداف علم الحيل “علم الميكانيكا”
يهدف إلى تحقيق النفع للبشرية من خلال استخدام القوة بدلاً من الحيلة.
تحتاج الآلة إلى استخدام العقل لتوفير الجهد العضلي، وبذلك أصبحت الآلة قادرة على تحل محل الإنسان في عدد من الأنشطة.
– يتم تحقيق خدمة للأسس الفقهية في العقيدة الإسلامية عن طريق الاستغناء التدريجي عن العمل بالسخرة والعبودية وتوفير الجهد البشري الجسدي العضلي.
بناء الحضارة الإسلامية بأفضل صورها، وتحسين حياة الفرد، وتخفيف الأذى والمشقة عن العامل.
هو تطبيق عملي للمبادئ النظرية الرياضية والهندسية لبناء جميع جوانب المدن الحديثة.
تاريخ علم الحيل “علم الميكانيكا”
قديماً كان يستخدم ذلك العلم لخداع البشرية، من أجل خلق صلة وهمية بين البشر والآلهة التي كانوا يعبدونها، فكانوا يستخدمون الميكانيكا في حركة التماثيل أو في إصدار أصوات وهمية توحي للبشر بأن الإله يتحدث معهم، مع استعمال الآلات الموسيقية في الصلوات مع بعض الخدع التي كان ينفذها الكهنة في المعابد بغرض الخداع البصري.
جاء الإسلام ليقضي على كل ذلك ليسلك علم الميكانيكا نهجا جديدا، يستند إلى توظيف حركة التيارات المائية وحركة الرياح واستخدام الصمامات الآلية وتوظيف أنظمة الهيدروليك والهيدروستاتيك والهيدروديناميك في التحكم الآلي وتصميم الأجهزة والجسور والأدوات العلمية وتصنيع الجسور والكباري وتشييد القلاع وتصميم الأسلحة، ودخلت أيضا في الفنون والزخرفة وعلوم أخرى.
في ظل الحضارة الإسلامية، كان هدف علم الميكانيكا هو رفعة شأن الفرد والمجتمع وبناء الحضارات وتوفير الوقت والجهد على العمال.
علماء لهم اسهامات في الميكانيكا
تضم تاريخ الإسلام قصصا عديدة عن علماء قدموا إسهامات في ميكانيكا الآلات، وساهموا بطرق مختلفة في رقي المجتمع وبناء الحضارة الإسلامية، ومن بين هؤلاء العلماء البارزين:
الإخوة الثلاثة بنو موسى بن شاكر
كان ثلاثة إخوة كبار في السن، الأول يدعى محمد والثاني أحمد والثالث الحسن، وكانوا في القرن الهجري الثالث، وشهروا بحبهم للفلك والرياضيات والعلوم التقنية التطبيقية.
يعتبر كتاب “حيل بني موسى” في علم الميكانيكا أحد أشهر كتب العصر الوسيط، ويضم معلومات غريبة ونادرة في هذا المجال، وقد وصفه بن خلكان بأنه كتاب رائع وعجيب.
العالم الجليل بديع الزمان الجزري
يعد كتاب “الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل” للعالم الجليل في علم الميكانيكا من أشهر الكتب، وتم ترجمته إلى اللغة الإنجليزية على يد رونالد هيل، ويعتبرزه المؤرخون كواحد من أوائل الإنجازات التقنية العلمية في التاريخ الإسلامي، ويتميز بوضوحه وسهولة فهمه.
عالم الميكانيكا تقي الدين الدمشقي
ذلك العالم الفذة هو صاحب كتاب “الطرق السُنية في الآلات الروحانية”، وفي هذا الكتاب تم وصف عدد كبير من الأجهزة التي تعمل بشكل ميكانيكي مثل الساعة الرملية والساعة المائية والساعات الآلية والبكرات والروافع والمسننات أو ما نطلق عليه التروس، والنافورة المائية وآلية عملها، وشرح كيفية عمل المراوح وآلية الحركة الدورانية، مع ذكر وصف وشرح واف عن العنفات أو المراوح البخارية الدارج استخدامها حالياً بحياتنا اليومية.