تاريخ اكتشاف التخدير
في منتصف القرن الـ 19 تم اكتشاف التخدير العام، وقبل ذلك الوقت كانت الجراحة تُجرَى فقط كخيار أخير ويائس، حيث كان المريض يتلقى العلاج وهو واعٍ دون مسكن ألم، مما يتسبب في تعرضه لرعب يفوق الخيال وعذاب لا يوصف، وكانت هناك مخاطر كثيرة .
كان المريض ليس الشخص الوحيد الذي يعاني من صعوبات الجراحة، بل كان الجراحون أيضاً يواجهون قلقًا وصعوبة بالغة، ووصف أحد الجراحين الذهاب إلى غرفة العمليات في ذلك الوقت بأنه `مثل الذهاب إلى المشنقة` .
اكتشاف التخدير
كان الطبيب الشاب ويليام مورتون يبحث بجدية عن طريقة لتخفيف الألم وزيادة أرباح طب الأسنان، وسرعان ما وجد أن استنشاق الإيثر الإيثيلي أو الإيثر يتسبب في فقدان الوعي لديه أو لدى الحيوانات الصغيرة التي يتعامل معها .
وبعد مرور بضعة شهور في ١٦ أكتوبر ١٨٤٦ تمكن موتون من تخدير مريض شاب في إثبات عام في مستشفى ماساشوستس العامة ، ثم قام كبير جراحي المستشفى بإزالة ورم من جانب الفك الأيسر دون أن يتحرك المريض أو يشتكي ، مما أدهش الجراحين والجمهور ، وهنا بدأت قصة التخدير العام الذي يعد أحد أعظم الاكتشافات .
استخدام التخدير بشكل روتيني
انتشرت شائعات حول فوائد الإيثير الفريدة، مما دفع إلى اكتشاف الكلوروفورم وهو مخدر عام يتطاير ولا يحمل أي آثار سلبية للإيثير مثل الرائحة الكريهة وتهيج الحلق والأنف، ويعمل على تنشيط السلوك بدلاً من تهدئته .
أصبح الكلوروفورم الأكثر شهرة كمخدر عام مستخدم في الممارسات التخديرية الجراحية والسنية في بريطانيا، بفضل الأب المؤسس للتخدير العلمي جون سنو، ولكنه لا يزال غير أساسي في ممارسات معظم الأطباء .
من الممكن أن يتغير الوضع بشأن التخدير، حيث أن سنو الملكة فيكتوريا قدمت الكلوروفورم أثناء ولادة طفلها الثامن، مما جعل التخدير أكثر قبولًا وزاد الطلب عليه، وفي نهاية القرن التاسع عشر أصبح التخدير شيئًا عاديًا .
درجة أمان التخدير
والآن أصبحنا نستخدم مخدرًا أكثر فاعلية وأمانًا كالسيڤوفلوران والأيزوفلوران بدلًا من الإيثير والكلوروفورم ، فقد كان الإيثير سريع الاشتعال للغاية لذا لا يمكن استخدامه مع الكي الكهربائي أو أثناء مراقبة حالة المريض إليكترونيًا ، أما الكلوروفورم فقد كان مرتبطًا بمعدل مرتفع من الوفيات نتيجة للأزمات القلبية .
تطورت ممارسة التخدير العام لتصبح واحدة من أكثر الإجراءات الطبية الروتينية أمانًا ، فمن بين كل ٣٠٠ ألف شخص يخضعون لإجراءات طبية ، يتوفى شخص واحد بسبب التخدير .
يظل التخدير لغزًا :
في بداية القرن العشرين كنا نعتقد أن المخدِّرات Anaesthetics تعمل عن طريق ذوبانها داخل الأجزاء الدهنية الموجودة خارج خلايا المخ لتتدخل في طريقة عملها ، ولكننا الآن نعلم أن المخدِّرات تؤثر بشكل مباشر على سلوك مجموعة كبيرة من البروتينات اللازمة لدعم نشاط الأعصاب وسلوكها المتناسق .
لذلك، فالطريقة الوحيدة لتطوير فهم شامل لأهداف تلك البروتينات العصبية المتعددة – والتي لا تكفي بشكل فردي – هي تطوير نظريات رياضية قابلة للاختبار .
يجب أن توضح تلك النظريات كيفية نشأة الوعي من نشاط المخ، ويجب أن تشرح كيف يؤثر نشاط المخ المخدر على أهدافه المتعددة، وعلى الرغم من التقدمات الهائلة في علم التخدير، إلا أننا لا نزال بانتظار هذه النظرية بعد مرور 200 عام .