اضرارالوقاية الصحية

تأثير المسلسلات التركية على المراهقين

في الوقت الحالي، أصبح العالم كالقرية الصغيرة، بسبب انتشار وسائل الإعلام بشكل سريع وقدرتها على التأثير في حياة الأفراد. في الماضي، كان الناس يعتادون مشاهدة البرامج التلفزيونية التي تعرض على قناة محلية واحدة فقط. ولكن الآن، بفضل التقدم التكنولوجي، أصبح بإمكان المشاهدين الوصول إلى مجموعة واسعة من القنوات التلفزيونية العالمية ومشاهدة البرامج بلغات مختلفة. وذلك بفضل عملية الدبلجة التي تعتبر الوسيلة المفضلة لترجمة المسلسلات التلفزيونية الأجنبية لعرضها على القنوات المحلية.

معلومات عن مسلسلات الدراما التركية

وفقًا لإحصائيات المبيعات ونسب المشاهدة العالمية، تحتل تركيا المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية في انتشار وتوزيع مسلسلاتها على مستوى العالم، حيث تحظى المسلسلات التركية بجماهيرية كبيرة في روسيا والصين وكوريا وأمريكا اللاتينية.

في الوقت الحالي، تُعد دولة تشيلي أكبر مُستهلك للدراما التركية من حيث عدد المسلسلات المباعة، في حين تعتبر المكسيك ومن بعدها الأرجنتين هما الأكثر إنفاقًا على شراء تلك المسلسلات.

تتميز المسلسلات التركية بطابعها الملحمي، إذ يمتد طول الحلقات من ساعتين كاملتين أو ربما أكثر، وتكون فواصل الإعلانات التجارية رخيصة التكلفة في تركيا، لذا تأمر الوكالة المسؤولة عن البث بتضمين سبع دقائق كاملة من الإعلانات التجارية كل عشرين دقيقة من المحتوى.

لكل مسلسل تركي مقطوعة موسيقية أصلية خاصة به، ويمكن أن يصل عدد الشخصيات الرئيسية فيه إلى 50 شخصا، بدون احتساب الشخصيات الثانوية أو الكومبارس. غالبا ما يتم تصوير معظم المشاهد في مواقع تقع في قلب مدينة إسطنبول – وتحديدا في الجزء التاريخي من المدينة – وتستخدم استوديوهات التصوير فقط في حالات الضرورة القصوى.

التشابه بين المسلسلات التركية

على الرغم من أن الدراما التركية تقدم العديد من المواضيع والقصص المتنوعة – مثل تصوير خطط ومكائد ملكات الإمبراطورية العثمانية في مسلسل حريم السلطان أو طرح بعض القضايا المثيرة للجدل كحادثة الاغتصاب الجماعي في مسلسل فاطمة – إلا أنها غالبًا ما تعتمد على أساليب وحبكات متشابهة في سرد تلك القصص.

وفقا لتصريحات كتاب السيناريو الذين يعملون في صناعة الدراما التركية، يتم عرض نسختين على الأقل من قصة سندريلا الشهيرة على التلفزيون التركي في السنة الواحدة. في بعض الأحيان، يكون سندريلا امرأة في منتصف الثلاثينات من العمر، غير مرتبطة ولديها طفل، وفي أحيان أخرى تكون سندريلا فتاة شابة في بداية العشرينات، وهذه هي الأساليب السردية والأنماط الرئيسية التي تظل المسلسلات التركية مخلصة لها دائما وأبدا

  • لا يمكن أن يُسلَّم السلاح الناري لبطل القصة.
  • تبقى العائلة هي محور الأحداث في أي قصة درامية.
  • يعيش منافس البطل الغير محظوظ دائمًا في مجتمع واقتصاد يختلف تمامًا عن بيئته الأصلية التي أتى منها، على سبيل المثال، يسافر من الريف إلى المدينة.
  • يعاني بطل القصة من قلب محطم بسبب علاقة حب مأساوية سابقة، ويجد صعوبة كبيرة في البدء بعلاقة حب جديدة.
  • لا يمكن هزيمة المثلث الغرامي للحب من قبل أي جهة، مهما كانت إمكانياتها وقدراتها.

يستند المسلسل التركي على هيكل يُعرف بـ `التوق الاجتماعي` لكل من المشاهدين وشخصيات العمل، حيث يريد المشاهدون رؤية الشاب الجيد مع الفتاة الجيدة، ولكن لسوء الحظ، فإن الحياة من حولهم سيئة وتحتوي على العديد من الشخصيات الشريرة 

خطورة فترة المراهقة

تعرف المراهقة بأنها المرحلة الانتقالية بين الطفولة والشباب، تبدأ وقت البلوغ وتنتهي عند اكتمال تكوين الشخصية المستقلة للفرد، أي أن نقطة الانتهاء غير محددة بدقة ووقتها يختلف من شخص لآخر. وهي فترة تطوير المعارف وصقل المواهب وتكوين العادات، إضافة لكونها فترة حدوث التغيرات الهرمونية والجسدية.

نظراُ لغياب الخبرة الناجم عن قلة تجاربهم في الحياة، يتعلم المراهقون من الأفلام والمسلسلات كيفية التصرف ضمن العلاقات العاطفية ومسؤولية ودور كل من طرفي العلاقة، كما لو أنهم يبحرون للمرة الأولى في مياه مجهولة. وتوجد أدلة واضحة على ميل المراهقين لمشاهدة المسلسلات التلفزيونية التي تحوي شخصيات لها صفات مشابهة لصفات شخصيتهم الحقيقية، ربما لأن رؤيتهم لتلك الشخصيات تساعدهم على بناء هويّتهم الخاصة.

آراء المراهقين بالدراما التركية المدبلجة

تختلف وجهات نظر المراهقين ودوافعهم لمشاهدة هذا النوع من المسلسلات الدرامية، حيث يتابع البعض تلك المسلسلات من أجل التسلية في أوقات الفراغ، أو من أجل قضاء الوقت فقط، فيما يتابع آخرون يتابعونها لإعجابهم بأداء ومظهر الممثلين المشاركين في تلك الأعمال.

ويعتقد بعض المراهقون أن مشاهدة المسلسلات المدبلجة سيمكنهم من التعرف على ثقافة ونمط حياة مختلفين، بينما ترى فئة أخرى من المراهقين أن تلك الأعمال تقدم قصصاً ممتعة ومقنعة ومهمة لتحصيل الخبرات في الحياة. ومن الأسباب الأخرى التي تمت الإشارة إليها، الشعور بالسعادة بعد مشاهدة الحلقات ونسيان المشاكل والهموم اليومية للعيش.

هنا نلاحظ أنه على الرغم من تنوع الدوافع لمشاهدة المسلسلات التركية، فإن الغالبية العظمى من المراهقين لا يملكون تفسيراً مقنعاً باستثناء المجموعة التي أوضحت قيمة تلك الأعمال من خلال قدرتها على تعريف المشاهد على ثقافة وعادات الشعب في دولة مختلفة، ويبدو أن تلك الحجّة الأخيرة هي الوحيدة المنطقية لتحقيق بعض الفوائد من المشاهدة. أما بالنسبة لبقية الفئات ذات الآراء الأخرى، فإن الآثار المحتملة لا تبدو مبشّرة لعدم اكتراثهم أو وعيهم بالمستقبل.

أضرار مشاهدة المسلسلات التركية على المراهقين

أجري استطلاع واسع للرأي أجري على المراهقين لمعرفة تأثير مشاهدة المسلسلات التركية المدبلجة على حياتهم، وأظهرت الإجابات أن حوالي 23% من المشاركين بدأوا يطالبون بمستويات أعلى من الحرية الشخصية بعد فترة من متابعتهم لهذه المسلسلات.

أكد 23% من المراهقين أن المسلسلات لها تأثير ملحوظ على نمط حياتهم، حيث بدأوا بتقليد شخصياتهم المفضلة في اللباس، وحاولوا تعلم طرق تحضير الأطباق التركية أو على الأقل تذوقها من المطاعم التي تقدم تلك الأصناف من المأكولات.

أعلن  من المشاركين بوضوح أن عدد ساعات نومهم قد تناقص بشكل ملحوظ، وبالتالي تأثرت جودة دراستهم وقدرتهم على معالجة وحفظ المعلومات واسترجاعها عند الحاجة.

( من المراهقين بدأوا بالتفكير في إقامة علاقة حب أو الزواج من الأشخاص الذين يحبونهم، و %4 من إجمالي المشاركين أصبحوا أكثر عاطفية وحساسية.

ومن النقاط المهمة التي تم ذكرها ويجب الوقوف عندها والتفكير بمدى تأثيرها على حياة المراهقين، إجابة البعض بأن مشاهدة تلك المسلسلات تجعلهم أقوياء وتعلمهم كيفية التصنّع أو التصرف كما لو أنهم يمثلون، بدلاً من التعبير عن ذاتهم الحقيقية و التصرف بعفوية في مواقف الحياة المختلقة التي يمرون بها.

وجد الباحثون في النتيجة أن مشاهدة المسلسلات التركية المدبلجة لها آثار سلبية على المراهقين، وعلى الرغم من تنوع تلك الآثار بين الأفراد، إلا أنه لا يمكن إنكار قدرة المسلسلات على تغيير سلوكيات وأفكار المراهقين بطريقة تتعارض مع قيم وعادات مجتمعهم الأصلي.

وبناءً على حساسية فترة المراهقة باعتبارها فترة بناء الشخصية وتشكيل وجهة نظرهم الخاصة حول الحياة، يمكن لوسائل الإعلام التأثير بسهولة على عقول المراهقين وتغيير طريقة تفكيرهم.

في النهاية، يرون الباحثون أن الحكومات مسؤولة عن إنتاج برامج توعوية توضح الآثار السلبية المحتملة للمسلسلات، وتفرض قيودًا على عرض تلك المسلسلات لمنع سيطرتها على الشاشات المحلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى