” بيرسي سبنسر ” ..مخترع المايكروويف
قد تنتج الصدفة الغير مقصودة أهم الاختراعات على الإطلاق، وكان الجهاز الذي يوجد في كل بيت تقريبًا ويعرف باسم الصدفة من بين هذه الاختراعات. وقد نجحت هذه الصدفة في تسهيل حياة الكثيرين لمدة تقارب 70 عامًا، وهذا ما حدث مع العالم الفيزيائي المرموق بيرسي سبنسر.
نشأته: ولد بيرسي سبنسر في مقاطعة هولاند بولاية ميشيغان الأمريكية، وتوفي والده عندما كان عمره ثمانية أشهر، فقد تركته والدته لعمته وزوجها ليعتنيا به. بعد ذلك، توفي زوج عمته عندما بلغ سبنسر سبع سنوات فقط، فاضطر إلى ترك المدرسة والعمل لكسب المال له ولعمته. عمل الطفل لمدة أربع سنوات من سن الثانية عشرة حتى السادسة عشرة، من الفجر حتى الغسق في مصنع للنسيج.
علِم سبنسر بأن معملًا لإنتاج الورق سيبدأ باستخدام الكهرباء، ولم يكن يعرفها الكثير حينها، فشغفه الامر واثار اهتمامه. ومن هنا بدأ في القراءة والتعلّم عن هذا الأمر، وقدّم للعمل في هذا المصنع وتمّ قبوله وهو بعد لم يحصل على شهادته الابتدائيّه فضلًا عن تعليم رسميّ في مجال الهندسة الكهربيّة.
انضم سبنسر إلى البحرية الأمريكية عند بلوغه الثامنة عشرة، وأصبح خبيرًا في تقنيات الراديو من خلال تعلمه الذاتي من القراءة في المراجع. كما قرأ في التفاضل والتكامل والكيمياء والفيزياء والرياضيات وعلومالثلاثية والتعدين.
بداية اختراع المايكروويف : يبدأ الأمر أثناء الحرب العالمية الثانية ، عندما كان المهندس الإنجليزيّ بيرس سبنسر جالسًا في مقرّ عمله في شركة رايثون منهمكًا في صناعة أحد أجهزة الرّادر عام 1946م. كان ذلك عندما مدّ بيرسي يديه في جيب بنطاله وفوجيء بقطعة الحلوى في جيبه قد انصهرت تمامًا ولوّثت سرواله. قد تظنّ ذلك طبيعيًا نظرًا لارتفاع درجة الحرارة، لكنّ الغريب أن الغرفة كانت بالفعل باردة!
لاحظ سبنسر خلال هذه الفترة أنه كان يقف طوال الوقت بجوار صمام إلكتروني يعمل على تشغيل جهاز الرادار، وكان يريد التأكد من ذلك. لذلك، أرسل شخصًا لجلب كيس من بذور الذرة، ووضعها بالقرب من ذلك الصمام. وتبين له بسرعة أن ما اعتقد أنه صحيح، حيث تفتت حبات الذرة وتحولت إلى فشار على الأرض في الغرفة
للتحقق بشكل أكبر، يمكن إحضار غلاية ماء وبيضة إلى المعمل، وإحداث ثقب في جانب الغلاية ووضع البيضة داخلها وتوجيه الثقب نحو الصمام. وكانت التجربة ناجحة، حيث انفجرت البيضة وخرجت محتوياتها (المطهوة) من الغلاية.
عندها تيقّن أن السّبب فيما حدث هو موجات الرّادار. وعرض الفكرة بنتائج تجاربه على مسئولي شركة رايثون، وبالفعل بدأوا العمل على إنتاج أجهزة طهي تعمل بموجات الرّاديو القصيرة ” الميكروويف “. وفي عام 1953م، تم دفع أول فرن يعمل بالميكرويف في الأسواق الإنجليزية بوزن بلغ 350 كم باسم ” رادارينج” بسعر 3.000 دولار [ أي ما يقارب سعر منزل كبير آنذاك! ]، وكان حجمه بحجم ثلّاجة كبيرة وقد اقتصر استخدامه على الفنادق والمطاعم والقطارات..حتّى تطوّر إلى ذلك الحجم المعروف الآن، بأحجام وأسعار ومميّزات مختلفة حتّى صار بإمكان أغلب الطّبقة المتوسّطة جلبه ضمن مقتنيات المنزل.
فكرة عمل المايكرويف: يعمل الميكروويف عن طريق إنتاج موجة بتردد 2.45 جيجا هرتز، والتي تسخن الدهون واللحوم والسكريات والماء من خلال إضفاء طاقة ذبذبية عالية على هذه المواد الغذائية، مما يؤدي إلى تصادمها وإنتاج الطاقة الحرارية اللازمة لعملية الطهي والتسخين.
تتمّ العمليّة عندما يمرّ التّيار الكهربايّ من مصدر الطّاقة للفرن، فيُتضاعف الفولت النّاتج، فيتوّلد ذبذبة موجيّة (كهرومغناطيسيّة) تمرّ خلال جزيئات الطّعام حتّى يتوقّف ويخرج الطّعام ساخنًا. والابواب البلاستيكيّة أو الرّخاميّة أو الزّجاجيّة لا تمتصّ الأشّعة علي عكس المواد المعدنيّة التي تعكسها وتنقلها.
تنتشر هذه الأشعة عندما لا يتم إغلاق باب الميكروويف بشكل جيد، وقد يسبب ذلك الكثير من المشاكل الصحية، أولها اضطراب ضربات القلب، ويجب أن يتم إبعاد الأطفال عن الميكرووف عند تشغيله.