بماذا ميز الله الانسان عن باقي المخلوقات
لقد أكرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الأطعمة الطيبة، وفضلناهم على كثير ممن خلقنا، لم يكرم الله أحدا من المخلوقات كما أكرم الإنسان، وخلق له كل ما في الكون ليكون عونا له في الحياة، وكرمه بالعقل الذي يميزه وجعله يقيم العديد من الحضارات، وأعظم تكريم للإنسان من رب الكون هو جعله خليفة لله عز وجل في الأرض، وعلى الرغم من المعاصي التي يرتكبها البشر، إلا أن هذه القيمة هي من أعظم القيم التي تمتعنا بها.
الغاية من خلق الإنسان
أولا، ينبغي أن نذكر أن الله لديه حكمته في خلقه، ولكن لا ضرر من معرفة سبب خلق الله للإنسان وفقا لما أخبرنا به الله ورسوله. في البداية، يمكننا أن نقول أن سبب خلق الله للإنسان هو لكي يعبده، فقد قال تعالى في آية 56 من سورة الذاريات: `وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون`. ولكي يعبد الإنسان الله، يجب أن يعرفه أولا ويؤمن به ويعرف حقيقة قدر الله العظيم وصفاته. إذا لم يكن الإنسان يعرف الله وأنكر وجوده، فلن يعبده. وإذا كان يعرف الله، ولكن بطريقة خاطئة أو لم يكن يعرف حقيقة عظمة الله، فلن يعبده بالطريقة المناسبة.
هذا ليس صعب إذا قام الشخص بالتجوال حوله، حيث سيتعرف على كيفية عيشه وموقع إقامته وكيفية قدومه إلى هذه الحياة وكيفية موته. تتوصل هذه الأسئلة إلى وجود الله سبحانه وتعالى، فمن الضروري على الإنسان أن يستكشف مواطن الحياة على الأرض وعملية خلقها بدقة، وأن يتأمل في خلق الكون الواسع المحيط به والقمر والشمس والكواكب والمجرات. لابد وأن يكون هناك خالق لكل هذا الكون العظيم، فمن هو هذا الخالق الذي استطاع أن يخلق هذا الكون الهائل.
الكرة الأرضية بكل ما عليها هي قطرة من فيض في ملكوت الله، كل هذه الأشياء سوف تُصل الإنسان إلى حقيقة واحدة وهي أن لهذا الكون خالق عظيم، ووراء خلق الإنسان وتكريم الله له بشكل خاص غاية عظيمة أيضاً، لأن من يخلق كل هذا الإبداع من حولنا وكل هذه العظمة لا يمكن أن يعبث ويخلق أي شيء هباءً.
مظاهر تكريم الله للإنسان
تتعدد وتتنوع طرق تكريم الله للإنسان، ويتحدث أهل العلم بشكل مستمر عن تكريم الله للإنسان ومظاهر هذا التكريم، وفيما يلي بعض مظاهر تكريم الله للإنسان
-بداية تكريم الله للإنسان هي في بداية خلقه من العدم، ليعطيه أهم وأثقل وظيفة على كوكب الأرض وهي إعمارها، وخلافة الله عز وجل في الأرض، قال تعالي في سورة البقرة آية 30 (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
-من بعدها يظهر التكريم الإلهي للإنسان مرة أخري بعد خلقه لأول البشر وهو سيدنا آدم وأمر الملائكة أن يسجدوا له، قال تعالي في سورة الإسراء (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هذا الَّذِي كَرَّمْتَ على لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62)).
أبدع الله خلق الإنسان على أحسن صورة وأحسن خلق، فهو من أجمل المخلوقات التي خلقها الله على وجه الأرض، وجاء في سورة التين (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، وذلك يعني أن خلق الإنسان كان في أحسن تقويم.
الله أكرم الإنسان بأعظم النعم التي نفتخر بها. فقد نفخ فينا الله روحه العزيزة، ولم يكرم أحدا بالفضل هذا سوى الإنسان، حتى لم يتمتع به الملائكة الكرام. وقد ورد في كتابه الكريم في سورة ص الآية 71-72: `إذ قال ربك للملائكة: إني خالق بشرا من طين، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين`.
سخر الله مخلوقات الأرض جميعًا لخدمة بني آدم وكرَّمهم بهذه النعمة.
أنعم الله على الإنسان بنعمة العقل والكرم، ليفكر ويعمل ويعمر الأرض ويبني الحضارات، ويصبح من أرفع المخلوقات على وجه الأرض.