بلاغة الاستعارة
تعريف الاستعارة
فالاستعارة في اللغة هي أن يتم نقل الشيء وتغيير مكانه، فمثلا يمكن للشخص أن يقول استعرت من صديقي كتابا، أي أنه تحول من يد صديقه إلى يدي .
تعد الاستعارة اصطلاحا في علم البلاغة، وتتعلق بعلم البيان، وقد قام بتعريفها العديد من علماء البلاغة مثل الجاحظ والجرجاني، وتتمحور معظم التعريفات حول استخدام كلمة أو معنى في غير موضعه، وذلك لوجود تشابه بين الكلمتين .
تهدف الاستعارة للتوسع في الفكرة أو التشبيه لذلك يجب ملاحظة الفرق بين الاستعارة التمثيلية والتشبيه التمثيلي الذي يتم على مكونات أركانه، مثل قولك: أقسمت السيوف ألا تضيع حقوقها .
السيوف هي شيء مادي لا يمكنه الأقسامة، وقد تم تشبيهها بالإنسان الذي يقسم، ولكن تم حذف الإنسان ومن هنا استخدمت الكلمة بمعنى غير المعتاد العادي .
من الأمثلة الأخرى في اللغة التي تشبه هذا المثال، كما قال الشاعر “وإذا المنية أنشبت أظفارها”، فمن الطبيعي أن المنية هي الموت ولا يوجد له أظافر، ولكن تم تشبيهها بوحش يملك أظافر، وتم حذف لفظ الوحش واستخدام كلمة المنية في موضع غير معتاد لها.
شرح الاستعارة وأركانها
: “لفهم كيفية استخدام الاستعارة المكنية، يجب معرفة أركان الاستعارة التي تتضمنها
- المستعار: هو لفظ يستخدم فيما بين المشبه به والمشبه، ويمثل وجه العلاقة والتشابه بينهما .
- المستعار منه: تتمثل المعنى الحقيقي للعبارة في وضعها أولاً واستخدامها كمقارنة .
- مستعار له: المشبه هو عبارة فرعية تعبر عن المعنى ولا يستخدم في الجملة الأساسية .
- القرينة: وهي توقف الإرادة في المعنى الحقيقي وتقوم بتغييره، وقد يكون حالها كحالي الذي يوضح الحالة إما لفظياً أو عملياً .
تشبه الأركان هذه أركان الاستعارة التمثيلية، ومن الأمثلة على الاستعارة باستخدام هذه الأركان قوله تعالى في كتابه الكريم: `واشتعل الرأس شيبا`، فالشيء الذي تم تشبيهه به والشيء الذي تم استعارته هو النار، والمشبه هو الشيب، وجه التشابه بينهما الذي يعرف باسم المستعار هو الاشتعال .
هناك أيضا مثال آخر يمكن أن يوضح الاستعارة والشرح، مثل قول الشاعر (وإذا المنية أنشبت أظفارها أبصرت كل تميمة لا تنفع) .
في هذا المثال، يشبه المنية المشبه به الحيوان المفترس الذي يمتلك أظافرًا، وتظهر القرينة في هذا المثال بالأظافر .
تعود أصول استخدام التشبيه في اللغةالعربية إلى أيام الجاهلية، حيث كان يستخدم لوصف الكلمة في موضع غير مناسب عن طريق وضع كلمة تشبهها وقد تكون سببًا أو نتيجة لها. ومن الأمثلة على ذلك عندما يقول العرب “يصيبنا ربيع باكر” عندما يمطر في فصل الربيع .
تكون الاستعارة فعالة عندما تكون لها معنى مشترك وحقيقي بين المستعار والمستعار له، ويتم فهم ذلك من خلال استخدام الاستعارة في كلامك .
البلاغة في انواع الاستعارة
الاستعارة هي نوع من الأساليب الفنية البلاغية التي توصف بالحسن والجمال، حيث تعطي كلماتها معان مختلفة عن المعنى الأصلي الحقيقي، وغالبا ما تكون الاستعارة حسنة وجميلة ولا تصف أي شيء قبيح .
بلاغة الاستعارة المكنية والتصريحية
- الاستعارة المكنية
الاستعارة المكنية هي عملية حذف المشابه للشيء الذي يريد الشاعر الحديث عنه، ويتم تمثيله بأي صفة موجودة به، ومن أمثلة الاستعارة المكنية قول الشاعر: (لا تعجبي يا سلم من رجل ضحك المشيب في رأسه فبكى) .
تم تشبيه الشعر الأبيض بإنسان يضحك، وتم حذف الإنسان واستخدمت صفة من الصفات اللازمة له وهي الضحك .
- الاستعارة التصريحية
التي تصرح بذكر الكلمة التي تم التشبيه بها مثل قول الحق تبارك وتعالى (كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور) .
في التشبيه بين الظلمات والنور، يُعتبر الظلال والنور تعبيرًا صريحًا وواضحًا، ويتم فهمهما مباشرةً من المعنى .
بلاغة استعارة لفظية
قسم علماء البلاغة الكلمة إلى عدة أقسام بناءً على فظِّها، وتشمل:.
- استعارة تبعية
في الاستعارة، يتم استخدام كلمة أو فعل مشتق من كلمة أخرى مستعارة، على سبيل المثال، عندما يتوقف الشخص عن الغضب، فإن كلمة `سكت` مشتقة من الكلمة المستعارة `انتهى`، وتم ارتباط الغضب بشخص يسكت، وحُذف الشخص واستخدام واحدة من مصطلحاته (السكوت) .
- استعارة أصلية
في هذه الجملة، يتم استخدام الاستعارة من اللفظ الجامد غير المشتق. ومن الأمثلة على ذلك أبيات الشاعر التالية: `عضنا الدهر بنابه، ليت ما حل بنابه`. تم استخدام لفظ `ناب` المشتق من اللفظ الجامد `دهر` لإيضاح الفكرة .
الاستعارة في أطرافها
يشير مصطلح “أطراف” إلى الكلمات التي تعبر عن الشيء المشبه به بطريقة تلائم اللفظ، وتنقسم هذه الأطراف إلى:
- استعارة مجردة
في الاستعارة، يستخدم ما يتلائم مع المشبه به، مثلما يمكنك القول “رحم الله المرء الذي يكبح نفسه ويبعدها عن الشهوات”، حيث تم تشبيه النفس بالجواد الذي يتم تكبيره، ولكن تم حذف الجواد وأي ملحقات له، وبقي الإلجام .
- استعارة مطلقة
المطلق هو الذي يستخدم فيه الملائمات بين المشبه والمشبه به، أو يتم ذكر ما يتلائم مع المشبه والمشبه به. وأفضل مثال على ذلك هو أبيات المتنبي: “يا بدر يا بحر يا غمامة يا ليث الشرى يا حمام يا رجل.” في هذه الاستعارة، الممدوح هو المشبه، وما تم تشبيهه هو البدر والبحر والحمام والغمامة. ومع ذلك، قد يتم استخدام ما لا يتلائم مع المشبه والمشبه به، ولذلك يسمى هذا النوع من الاستعارة بالمطلق .
الاستعارة المركبة المفردة
- الاستعارة المركبة
تستخدم الاستعارة التمثيلية في هذه الحالة ، حيث يتم استخدام تركيب الكلمات بشكل مختلف عن المعتاد وليس اللفظ المستخدم في موضعه الصحيح .
يتم ذلك بسبب التشابه الموجود في القرينة التي تمنع التحقق من المعنى الأصلي، ولكنها توحي بالمعنى الآخر، وخير مثال على ذلك هو القول: .
لا تنثر الجواهر أمام الخنازير، المعنى الحقيقي هو النهي عن إهدار الجواهر أمام الجهلة، والمجاز هو نصح من لا يقدر النصيحة ولا يفهمها .
التشبيه هنا يعني أن من لا يهتم ولا يبالي بالنصائح يشبه الذي ينثر الدر على طريق الخنزير، حيث لا ينظر إليه الخنزير ويتم فهم المعنى الحقيقي للنصيحة من قِبَل الآخرين .
- استعارة مفردة
يتم فيها استخدام كلمة مفردة بدلاً من كلمة أخرى، وتظهر بشكل واضح في الاستعارة التصريحية والمكنية.
أمثلة عملية على الاستعارة
يجب تحديد الركن المستعار للاستعارة الموجودة في كل الجمل التالية.
- وعد البدر بزيارته مساءا حتى يراك.
- آمل أن ترى السعادة تنظر إليك من عينيها.
- فم الزمن قد تبسم لك ورعاك.
- فالسيوف تعهدت بعدم إهدار أي حق له، وواظبت على ذلك.
- فالمجد عوفي إذ عوفيت.