ادبروايات

بدلة الغوص والفراشة رواية تحثك على الخروج من قوقعة الواقع

يترك شغف الكتابة الشخص لحظة الوفاة، ولذلك هناك أمثلة عديدة لأولئك الذين تحدوا الإعاقة وانتصروا عليها من أجل الكتابة، كطه حسين، ولكن كاتب هذه الراوية تحدى الموت بدلا من الإعاقة الجسدية أو أي شيء من هذا القبيل .

رواية `بدلة الغوص والفراشة` تعدُّ من بين أغرب الروايات في العالم وأعمقها، كما تُعد هذه الرواية معجزة بشرية في مجال الأدب، وستبقى خالدةً للأجيال القادمة .

مرض جان دومينيك بوبي المرعب
جان دومينيك بوبي هو واحد من أشهر كتاب وصحفيين فرنسا، كما عمل كمحرر في مجلة الأزياء الفرنسية (ELLE). وعلى الرغم من عدم تركه خلفه تاريخًا كبيرًا في الكتابة، إلا أنه خلف معجزة لا يغفلها أحد وهي رواية (بدلة الغوص والفراشة)

تعتمد عظمة هذه الرواية بالدرجة الأساس على الظروف التي كتبت فيها ونشرت، حيث تعرض جان دومينيك لجلطة حادة في المخ أدت إلى دخوله في غيبوبة تامة لمدة 20 يومًا متواصلة داخل غرفة مستشفى في العاصمة الفرنسية باريس .

تعرض لجلطة أدت إلى شلل كامل في جسمه، فعندما استيقظ دومينيك، لم يتمكن من تحريك أي جزء من جسده على الإطلاق، باستثناء رموش عينه اليسرى .

رغم الفاجعة التي ألمت بمحبي الكاتب وعائلته بعد تعرضه للجلطة في عام 1995 وفقدانه لحوالي 27 كيلوجرامًا من وزنه خلال تلك الأيام، إلا أنه كان لديه نظرة مختلفة تمامًا عن المناخ السائد لليأس العام الذي كان يحيط به .

ورغم الكارثة، فإن الجميع مفاجئ بأن جان دومينيك يرغب في بدء كتابة روايته (بدلة الغوص والفراشة)، وبالفعل نجح دومينيك في التواصل مع مساعدته الشخصية من خلال حركات رموش عينه اليسرى، وكتب هذه الرواية بشكل مدهش حقا، حيث كانت مساعدته تكتب الحروف بينما يشير هو برموشه إلى الحروف التي تحتاجها كلماته في الرواية .

وقد استغرق هذا العمل الإبداعي عامين تقريباً ، حيث خرجة رواية ( بدلة الغوص والفراشة ) للنور في عام 1997 ، وكما كان متوقعاً فقد احتفى العالم أجمع وبشكل خاص الأدباء والروائيين بصدور الكتاب المعجزة ، كما تحدثت الكتب العالمية في هذا الوقت عن جان دومينيك وإرادته الخارقة ، ووصفوا في هذا الوقت باسم ( الرجل الحديدي ) .

تناول دومينيك في روايته مجموعة من المواضيع المتعلقة بالنفس البشرية، وكيف أن كل من حولهم ليسوا سوى أشخاص محبوسين داخل أجسادهم، ولا يختلفون عنه في أي شيء، وعبر صفحات الكتاب استكشف ما يدور في ذهنه، وحقق الكتاب نجاحا كبيرا في فرنسا وعدد من الدول الأوروبية فور إصداره في الأسواق .

وفاة جان دومينيك الدرامي
على الرغم من النجاح الباهر الذي حققته الرواية، والذي جعل دومينيك يحظى بشهرة كبيرة على مستوى العالم لم يحصل عليها من قبل، إلا أن القدر لم يبتسم له كثيرا. فقد توفي جان دومينيك في يوم 9 من مارس عام 1997، أي بعد صدور روايته بيومين فقط، مما جعل البعض يكتبون عن قصته الغريبة ويصفون أيامه الأخيرة قبل صدور الكتاب بأنها كانت معركة بينه وبين الموت حتى يشهد نجاحه ويغادر العالم بعدها بسكون .

في عام 2007، بعد مرور حوالي عشر سنوات على وفاة دومينيك، قام المخرج الفرنسي جوليات شنابل بتحويل الرواية إلى فيلم سينمائي بنفس الاسم. حقق الفيلم نجاحا كبيرا وحصل على العديد من الجوائز المهمة، بما في ذلك جائزة السعفة الذهبية وجائزة مهرجان كان السينمائي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى