منوعات

بحث عن الفلسفة الوضعية ورأي الشرع بها

تتعدد المذاهب الفلسفية وتنتشر بكثافة حول العالم بأكثر من لغة وبأكثر من فكر، ولكن تبقى جميعها معبرة عن تفكير عميق منطقي من الطراز الأول، وبالرغم من ذلك ليس من الجدير بالذكر أن نعتبره ونتعامل معه كواقع يستحق التصديق والاعتقاد، لأن الرؤى الفلسفية قد تختلف مع مسلمات عديدة دينية وغيبيات نعترف بها دون أن نراها أو نتعامل معها بجوارحنا، وفيما يلي نستعرض الفلسفة الوضعية من كل جوانبها

المقصود بالفلسفة الوضعية
– الفلسفة الوضعية هي إحدى فلسفات العلوم الاجتماعية، وتعتمد في تعريفاتها وأفكارها وميولها واتجاهاتها على الاعتماد على دلائل واقعية ومقنعة كالعلوم الطبيعية. وتقيم الفلسفة الوضعية صحة الأمور بعد أن تصل إلى معرفة حقيقية نحوها وهي معرفة البيانات المستمدة من التجربة الحسية والمعالجات المنطقية والرياضية لهذه البيانات.

نشأة وتفاصيل تلك الفلسفة
وتعتبر الفلسفة الوضعية أحد أهم أقسام نظرية المعرفة التي تسمي إبستمولوجيا، وهذه النظرية وأقسامها تعتبر النقيض الأول لعلوم اللاهوت وعلوم الميتافيزيقيا والغيبيات وما وراء الطبيعة ونحو ذلك من أمور بديهية غيبية سواء دينية أو تراثية اعتقدها الناس منذ قديم الأزل، وقد وضع الفيلسوف الفرنسي ” أوغست كونت” مصطلح الفلسفة الوضعية في القرن الـ 19، واعتقد أن العالم في وقت ما سوف يصل إلی مرحلة من الفكر والثقافة والعلم تنتفي بعدها كافة العلوم والقضايا الغيبية الدينية والفلسفية.

وأكد العالم الاجتماعي الكبير في كتاباته وأفكاره في أكثر من مرة، أن كل القضايا العلمية هي فقط ما سيبقى لأنها مثبتة بالعلم وبالجوارح والحواس والخبرات الواقعية، واعتقد أنه عند حدوث ذلك سوف يتم محو الدين من ساحة المجتمعات البشرية ويسعى الجميع للاهتمام فقط بالعلوم الحقيقية التي نعيشها حولنا، وأن الظواهر الطبيعية لن تعتمد على السمع والتراثيات وما ورد في كتب دينية وسماوية أيا كانت هي، وأن المجتمع سيصبح أكثر نضوجًا وتحضرًا.

تطور الفلسفة الوضعية
أخذت الفلسفة الوضعية في التطور والازدهار والانتشار في القرن الـ 20، حتى ظهر مجموعة من الفلاسفة الألمان والإنجليز وكونوا فيما بينهم فريقًا وجعلوا له مكانًا خاصًا به في مدينة فيينا وأسموه بفريق «الوضعية المنطقية»، وكان أعضاء هذا الفريق يعتقدون بأن كل العلوم البشرية الغير منطقية يجب التأكد من صحتها عبر الحس والتجربة، ويمكن أن يستثنوا من ذلك فقط القضايا المنطقية التي لا تطلب شرحصا ولا مبررات، وتهدف لتحديد طريقة تفكير البشر وتوجيهه وإنقاذه من الأفكار السيئة.

مع مرور الوقت، بدأت تتلاشى تلك الفلسفة وظهرت أنواع أخرى من الفلسفات التي قد تتفق أو تختلف معها. ضمن تلك التطورات الفلسفية ظهرت بعض المدارس الاجتماعية المعروفة بفلسفة ما بعد الوضعية، بالإضافة إلى مدارس الفلسفة التأويلية والفلسفة الظاهراتية وفلسفة الحركة النقدية وغيرها الكثير، التي تشرح العلوم وتؤكد وتنفي وتدعم وتبرز وتحلل سبل ومقومات وأهداف وآليات وأسس العلم ومدى صحتها.

رأي الإسلام في الفلسفة الوضعية
الدين الإسلامي في مجمله يستند إلى المعتقدات الغيبية، مثل وجود إله ورسل وملائكة وجنة ونار وحساب وثواب وعقاب وصراط وميزان… إلخ. وهذه الأمور تختلف بشكل كبير عن مبادئ تلك النظرية التي تنفي كل الغيبيات غير المنطقية. وكان لدى العديد من علماء المسلمين آراء مختلفة تعارض تلك النظرية، واعتبروا أن هؤلاء الفلاسفة المؤيدين للوضعية المنطقية ليسوا إلا متطرفين معادين للأديان التي تدعو إلى القيم الحميدة والأخلاق. بينما النظرية نفسها لا تعترف بالغيبيات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى