بالعلم ترتقي الأمم وبالاخلاق تسود
ما هي الأخلاق
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، الأخلاق هي الأساس لتعامل البشر جميعا. إنها ما يميز الإنسان عن بقية المخلوقات. فإذا تساءل أحدهم كيف يرتقي الأمم، فالأخلاق هي النور الذي يضيء مصباح العلم. لا يشع مصباح العلم بدون الأخلاق. فمن يقول أن العلم يمكن أن يكون بلا أخلاق، حتى لو أثبت ذلك بالأمثلة والشواهد، أجيبه بأن العلم الذي يكون بلا أخلاق هو علم زائل؛ لأنه يفتقر إلى الأساس الذي سيحميه من الانهيار ويحافظ على بقائه.
العلم و الأخلاق
يرتبط العلم بالأخلاق برباط وثيق ، فالعلم لا ينفع بلا أخلاق حميدة ، ولا ينتشر بدون الصفات النبيلة ، الطالب يتعلم الأخلاق من معلمه قبل العلم، فيكتمل الأدب في تكوينه و يترسخ العلم في عقله ، وتظهر الأخلاق والعلم في أقواله وأفعاله ، فالأخلاق هي فطرة الإنسان الطبيعية والسليمة ، فلا تتغير بتغير الوقت أو المكان ، فالعلم حينما يقترن بالأخلاق يكون هذا هو أساس ازدهار المجتمع ونموه وتطوره.
إذا كان الشخص الفرد يجمع علمه بأخلاقه، فإنه سيكون ناجحا ومتميزا في عمله، وسيؤدي واجبه ويوصل رسالته في الحياة بشكل كامل. إن ديننا العظيم أمرنا بحسن الخلق، وبالتالي يصل الشخص الذي لديه أخلاق طيبة إلى أعلى المنازل. وديننا الحنيف يحث على تجنب سوء الخلق ويعتبره أمرا مذموما، فسوء الخلق يفسد أي شيء توجد فيه تماما كما يفسد العسل الخل. إذا اندثرت الأخلاق وتخلت الناس عنها، ستنتشر الفواحش والرذائل بين الناس، وسينحدر العلم. فالعلم بدون أخلاق يشبه سكينا في يد صاحبه، وإذا لم يستخدم بالعقل والحكمة، سيكون سببا في تدمير عقول البشر.
قال أمير الشعراء أحمد شوقي : ” وإذا أُصيب القومُ في أخلاقِهم فأقِمْ عليهم مأتَمًا وعويلاً ” ارتقت الأخلاق والعلم معا وبلغوا منزل العظماء ، ولقوا اهتمام كبير في جميع الدول المتقدمة ، فأقيمت وزارات وسميت بوزارة التربية والتعليم ، فقدمت مبادئ التربية قبل التعليم، لذا يجب أن نجعل الأخلاق مرآة لكل من معارفنا واعمالنا لينتشر الخير والأخلاق ، وينحصر الجهل وسوء الخلق ، وتتقدم الأمم على النور والهدى.
صلة العلم بالأخلاق
الصلة التي بين العلم والأخلاق أن الأخلاق هي الأسس التي تبني عليها العلم ومعا يساعدون في الارتقاء والوصول إلى الحياة المثالية ، والأخلاق هي التي تتربع على قمة كل الأسس التي تبنى عليها المجتمعات ، فهي تعد كملكة بين كل الأسس والمبادئ الأخرى التي تبنى عليها المجتمعات ، فكلما كانت الأخلاق صحيحة وسوية ، كلما نهضت باقي الأسس ، والعكس صحيح ، فإن يكون الشخص متعلم شئ مهم ، ولكن سيكون هذا بلا قيمة إن كان ذو علم فقط بدون الأخلاق.
فالعلم بلا خلق ما هو إلا شجرة بدون أوراق ، فلا ينظر إليها أحد ، حتى ولو طالت فروعها للسماء ، وعندما تريد أن تحدد أهم صفات طالب العلم فشيء بديهي أن تضع الأخلاق أولا ، ثم تأتي باقي الصفات بعدها ، فالأخلاق هي التي تستطيع توجيه العلم في المسار الصحيح ، وابعاده عن ما يكون سبب أذية له وللمجتمع.
كم عدد المتعلمين الذين يستطيعون، من خلال معرفتهم، إلحاق الضرر بالناس والمجتمع؟ وهذا لا يحدث إلا في غياب القيم النبيلة والأخلاق. فبوجود القيم النبيلة والأخلاق، ينظم حياة الإنسان ويبتعد عن فعل أي شيء يؤذي نفسه والمجتمع من حوله، مثل استخدام معرفته في إنتاج مواد تلحق ضررا بالمجتمع والبيئة والحيوانات، أو تصنيع مواد كيميائية ضارة تؤدي إلى قتل آلاف البشر في لحظة واحدة.
ويتمثل الارتباط بين الأخلاق والعلم في أن كلما تزايدت الروابط بين الأخلاق والعلم في الفرد، كلما كان الفرد أكثر حكمة وتوازنا، ويمكن أن يكون قدوة للآخرين، وعلى العكس، كلما زاد علم الشخص بدون أخلاق، كان ذلك مدمرا للإنسانية ووباء في المجتمع يجب القضاء عليه.
أهمية العلم والأخلاق
عندما قال الشاعر أحمد شوقي: المعرفة تبني بيوتا بلا أساس لها والجهل يهدم بيت العز والكرم. كان يرغب في توضيح أهمية المعرفة في تاريخ الأمم وبيان دورها في بناء الحضارة وتطويرها وتقدم المجتمعات. وهو محق في ذلك، ولكن تطور المجتمعات يحتاج، بجانب المعرفة، إلى شيء آخر يضمن استدامتها، وهذا الشيء هو الأخلاق. قال أحمد شوقي في موضع آخر: `إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا`. ومن هنا يتضح العلاقة بين الأخلاق والمعرفة وأهمية الأخلاق في تطور واستمرار الأمم والمجتمعات. فالمعرفة تساعد في التقدم والبناء، والأخلاق تضمن ثباتها واستمرارها.
ومما يجب ذكره في أهمية العلم والأخلاق فإن العلم والأخلاق من الأمور التي حثنا عليها ديننا الإسلامي الحنيف ، فقد قال صلى الله عليه وسلم ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. ” كما احث صلى الله عليه وسلم على طلب العلم وأن يبذل الإنسان كل ما في وسعه ليحصل على هذا العلم ، وهذا إن دل فهو يدل على أهمية الأخلاق والعلم في حياة الفرد والمجتمع ، فلا يمكن أن تقوم بالمقارنة بين الشخص المتعلم والشخص الغير متعلم ، كما لا يمكن أن تقارن بين متعلم ذو خلق ومتعلم بلا خلق ، فشتان بين الاثنين فالعلم ما هو إلا سبيكة من الذهب الخالص ، والأخلاق هي الصائغ الذي يزين تلك السبيكة ويشكلها ويهذب مظهرها لتظهر بشكل ملفت وجذاب ، فالأخلاق والعلم توأم لا يمكن أن تفصل بينهم.
مما يؤكد أهمية ارتباط العلم والأخلاق أن أغلب الوزارات التي تختص بالتعليم في مختلف الدول خاصة الدول العربية ، تسمى وزارات التربية والتعليم فهم يقدمون التربية قبل التعليم ، وهذا يدل ان التربية الحسنة والأخلاق يرتبطون بالعلم ، وكل منهما مهم في حياة الفرد والمجتمع ، ومن أهمية ارتباط الأخلاق والعلم فإنهما مصدر التفكير في الكون كله من عجائب وغرائب لا تنتهي.
فكثير من الاختراعات ظهرت في هذا العصر الحديث أثبتت أن أهمية العلم ضرورة للحياة ، ومن المهم أيضا ان تكون الخلق موجود ليتمكن الإنسان من أن يستثمر كل اختراع قد توصل إليه العلم في ما يفيد المجتمعات ويخدمها ، ويساهم في بناء المجتمع وفي بناء الأجيال الجديدة ، ويحارب بعلمه واخلاقه كل ما يهدف هدم الفرد وتثبيط همته ، ويسعى لإضعاف الإرادة وتجميد العقول.
عندما يدرك الإنسان مدى أهمية العلم والأخلاق، يستطيع التفكير الجيد في كل خطوة يخطوها ويتقدم بها في حياته. فينبغي على الإنسان ألا يتوقف عن الالتزام بالأخلاق والتعلم، وألا يعتقد أنه انتهى من التعلم وأنه لا يوجد شيء جديد يمكنه تعلمه. فالتفكير بهذه الطريقة يعد بداية الجهل. فالتعلم عملية مستمرة طوال حياة الإنسان ويجب أن ترتبط بالأخلاق الحميدة لتكتمل الرسالة وتحقق التطور الذي يرفع مكانة الأمة