انواع الغزل وخصائص كل نوع
عند تعريف الغزل، يتم وصفه على أنه نوع من الشعر كان معروفا في أيام الجاهلية، حيث كان يستخدم للتعبير عن مشاعر الشاعر، وكان الهدف الرئيسي منه وصف جمال المرأة. كانت بداية القصائد الشعرية تتحدث عن المحبوبة وجمالها، وكانوا يذكرون المكان الذي غادرته الحبيبة بحزن على فراقها. ومن بين أشهر قصائد الغزل، نجد معلقة امرؤ القيس التي تغزل في محبوبته وتحزن على بعدها. كانت مقدمة القصائد الشعرية دائما تتضمن غزلا، حتى في عصر صدر الإسلام، حيث تضمنت قصيدة مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كتبها كعب بن زهير، وكانت الكلمات المستخدمة في هذا النوع من الشعر تتميز بالعفة والأدب والطهر، وتناسب الأفكار الإسلامية.
أنواع الغزل
اشتهر شعر الغزل بشكل كبير بداية من الشعر الجاهلي واستمر طوال العصور اللاحقة له بما فيهم الغزل في العصر الاندلسي وهو لم يكن على نوع واحد بل كان له أكثر من نوع، كما كانت تنقسم حسب طبيعة الشاعر وقصائده، وكذلك كانت جرأته أحد العوامل التي تحكمت في الأمر، وفي الآتي أنواع الغزل في الشعر:
الغزل العذري
في هذا النوع من الغزل، يقوم الشاعر بوصف الخصائص الجمالية المعنوية فقط لحبيبته، ويتجنب تماما وصف جمال جسدها. يعبر عن أحاسيسه تجاهها، وعن شوقه لها بعد الفراق، وصعوبة العثور عليها ولقائها. كان هذا النوع السائد في العصر الأموي، وتسميته بالغزل العذري تعود إلى بني عذرة الذين كانوا معروفين بإخلاصهم الشديد لأحبائهم. وقد مات بعضهم من العشق. ومن الشعراء الأكثر شهرة الذين كتبوا بهذا النوع من الغزل هو قيس بن الملوح الملقب بمجنون ليلى، ابنة عمه. تربيا معا وأحبها بشدة، وعلى الرغم من ذلك، تزوجت من شخص آخر دون رغبتها، مما أدى إلى فقدان قيس عقله. ومن هنا أطلق عليه الناس اسم مجنون ليلى. وتلك هي الأبيات المشهورة له
خليـليَّ لا واللهِ لا أملكُ الذي
- الله قضى في ليلة دون أن يقضي لي
قضَاهَا لِغيري وابتلاني بِحُبِّها
- فهلّا بشـيءٍ غير ليـلى ابتلانيا
الغزل الصريح
هو نوع من الغزل يعتمد فيه الشاعر على وصف أوقاته مع النساء، ومن الأمور التي تميزه أن الشاعر لا يذكر اسم امرأة واحدة فقط، بل يُلاحظ الكثير منهن كما يتحدث عن الجواري، بالإضافة إلى قيامه بوصف جسد المرأة بالتفصيل بداية من بشرتها إلى مشيتها وحتى أعضائها، ومن أكثر الشعراء الذين اشتهروا في ذلك النوع من الغزل هو عمر بن أبي ربيعة، حيث أنه عند النظر في قصائده تصل عشيقاته إلى 42 واحدة.
خصائص شعر الغزل
من أهم المواضيع التي كان يتمحرر عليها الشعراء قديما هي الحب والغزل في الشعر العربي، والذي منه نوعين يتخصص كل منهما في مجمعة من الشعراء المشهورين في ذلك المجال، والجدير بالذكر أن لكل نوع خصائصه التي تميزه عن الآخر، ومن هذه الخصائص التالية:
خصائص الغزل العذري
يختلف العزل العذري عن الصريح تمامًا في المضمون، ومن خصائصه التالي:
- عدم وصف الملامح الجسدية للحبيبة.
- حقيقة الشاعر في تعبيره والعفة في ذكر الحبيبة بشكل عام.
- الألفاظ المستخدمة تتميز بالرقة والعذوبة.
- تتسبب الحالة التي يعيشها الشعراء بعيدًا عن الحبيبات في حرارة المشاعر.
- تعد أحد مميزات هذا النوع هي الأسلوب المباشر، حيث يبدأ الشاعر على الفور بذكر المحبوبة.
- يظهر الشعراء ألم الفراق ومعاناتهم منه.
- يجب تجنب الحديث عن الأوصاف الجسدية والجنسية، وغير الملائمة.
- يذكر الشاعر حبيبة واحدة فقط، ويكون الغزل كله موجهاً لها دون ذكر أي شخص آخر.
- الغزل العذري يتميز ببساطة المعاني ووضوحها في توضيح الحب.
خصائص الغزل الصريح
عندما يتم ذكر العصر الجاهلي وما شابه ذلك، يتبادر إلى الذهن في المقام الأول شعر الغزل الفصيح الذي كان مميزا للغاية في تلك الفترة، ويشمل هذا الشعر الغزل الصريح الذي يستند إلى الجرأة في وصف المحبوبة، ومن الخصائص التي تميزه نجد الآتي:
- لا يذكر الشاعر حبيبة واحدة في قصيدته، وهذا يختلف عن الغزل العذري، ويظهر ذلك من خلال الأسماء العديدة التي ذكرها في أبياته.
- يتضمن تصوير المرأة بشكل جريء الذي ترغب به لشخص معين، دون الاهتمام بالحفاظ على حيائها كما هو الحال في العذرية.
- وضح بوضوح جسد المرأة وجاذبيتها بجرأة.
- يفخر الشعراء بالعلاقات العاطفية المتعددة والمواقف المشوقة مع المعشوقة، ولكن هذا يجعل قصائدهم سطحية وفقيرة بالعواطف.
- صُوِّرَت القصيدة على شكل قصة تم روايتها.
- يتم ذكر لحظات لقاء الحبيبة بشكل حسي وصريح.
- تعدد الرسل بين المعشوقة والشاعر.
أهم شعراء الغزل الصريح
تم انتشار الغزل الصريح في العديد من العصور، حيث وجدنا مجموعة من قصائد الغزل في العصر العباسي وكذلك في الأموي، ولكن أشهرهم كانوا في العصر الجاهلي. وتضمنت أهم شعراء الغزل الصريح في العصر الجاهلي
امرؤ القيس
قصائد الشاعر الجاهلي الملقب بامرؤ القيس تظل مخلدة في التاريخ عبر العصور. الشاعر الجاهلي هو جندح بن حجر بن الحارث الكندي، وينحدر من واحدة من أكبر عائلات ملوك العرب. كان معروفا بالغزل الصريح بسبب علاقاته العاطفية المتعددة مع النساء، وأشهر هؤلاء النساء هي فاطمة التي ذكرها في معلقته المشهورة. نتيجة لخروجه عن العادات والتقاليد في شعره الصريح، تم طرده من قبل والده لأنه كان يتعامل مع الكثير من نساء قبيلته بدون اهتمام. معلقته تعتبر أفضل قصيدة في تاريخ الشعر العربي، وفيما يلي نصها
قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل
بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ
فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمها
لما نسجتْها من جَنُوب وَشَمْأَلِ
ترى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها
وقيعانها كأنه حبَّ فلفل
كأني غَداة البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَلّوا
عمر بن أبي ربيعة
اشتهر عمر بن أبي ربيعة بوصفه الصريح والجرئ لمفاتن المرأة وصفاتها الجسدية، كما غلب على بعض قصائده التصوير البصري، الذي يعكس رغباته، غضبه، خوفه، وعواطفه، ومن القصائد التي ذكر فيها جميع ما يستطيع تجسيمه في صورة يراها القارئ بالتفصيل كـأنها أمامه، هذه القصيدة التي غلب عليها تصويره لمعشوقته هند:
-
-
-
- لِمَن الدّيارُ كأنّهُنّ سُطورُ
-
-
-
-
- تسدي معالمَها الصَّبا وَتُنيرُ
-
-
-
لَعِبَت بها الأرواحُ بعد أنيسِها
-
-
-
-
- نَكباءُ تَطَّرِدُ السَّفا وَدَبورُ
-
-
-
دارٌ لهندٍ إذ تهيمُ بِذِكرِها
-
-
-
-
- وإذا الشّبابُ المُستَعارُ نَضيرُ
-
-
-
إذ تَستَبيكَ بِجيدِ آدمَ شادِنِ
-
- لِمَن الدّيارُ كأنّهُنّ سُطورُ
-
-
-
-
-
-
-
الأعشى
هو الشاعر ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضبيعة، وقد أطلق عليه لقب الأعشى بسبب ضعف بصره الذي وصل في أواخر عمره إلى العمى، وهو يعتبر واحدا من فحول شعراء الجاهلية، وقد ذكر أنه من كثرة جلوسه مع ملوك الفرس احتوت شعره على بعض الألفاظ منهم، وغلبت في شعره الطريقة القصصية التي تظهر في الغزل الصريح، وتحدث عن مفاتن محبوبته وصورها في معلقته المشهورة هذه
-
-
-
-
-
-
-
-
-
ودّعْ هريرة َ إنْ الركبَ مرتحلُ،
وهلْ تطيقُ وداعًا أيها الرّجلُ؟
غَرّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُها،
تَمشِي الهُوَينا كما يَمشِي الوَجي الوَحِلُ
كَأنّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جارَتِهَا
مرّ السّحابة، لا ريثٌ ولا عجلُ
تَسمَعُ للحَليِ وَسْوَاسًا إذا انصَرَفَتْ
-
-
-
-