انواع الخطب المحفلية
الخطب المحفلية وانواعها
الخطب المحفلية هي الخطب التي يتم إلقاؤها في المحافل لأغراض مختلفة، مثل التكريم والتأبين والتهنئة وتقديم الحلول للمشكلات الاجتماعية، وموضوعاتها تتنوع حسب المناسبة أو الموقف الذي تلقى فيه، ويمكن أن ترتبط بأي نوع من الأقسام السابقة، كخطبة سياسية في مناسبة سياسية، أو خطبة اجتماعية عن صلة الرحم أو حل مشكلات المجتمع
خطبة المديح والتكريم
إلقاء خطب المديح والتكريم هو وسيلة للتعبير عن الامتنان والتقدير لشخصية عظيمة أو ذو فضل كبير. ودور الخطيب هو إبراز الصفات والفضائل التي جعلت تلك الشخصية عظيمة. ومن الأمثلة على ذلك خطبة محفلية عن الموهوبين. ويجب على الخطيب أن يأخذ في الاعتبار ما يلي في تلك الخطبة
- ينبغي أن يتميز المدح بالاعتدال، حتى لا يقع الثناء في المبالغة.
- ينبغي على الخطيب أن لا يتجاوز حدود الصدق، فإن حبه للشخص الذي يتم تكريمه جنبًا إلى جنب مع رغبته في المجاملة لا يجب أن يدفعه إلى ذكر سمات غير موجودة بالفعل لديه.
- ينبغي التركيز على الصفات الأخلاقية الحميدة التي يمتلكها الشخص، وربط نجاحه بتلك الأخلاق الطيبة، وتشجيع المستمعين على التمسك بالقيم الرفيعة والأخلاق العالية، ويمكن ذكر خطبة محفلية عن الطموح كوسيلة لتشجيع الحاضرين.
خطبة التأبين
يتم إلقاء خطبة التأبين أمام قبر الراحل أو المتوفى العظيم، وقد تكون في حفل التأبين الخاص به، أو في الذكرى السنوية للوفاة، ويجب على الخطيب في هذه الخطبة أن يوضح قدر الحزن والألم الذي يشعر به الناس، ويذكر إيجابيات الراحل والمواقف التي أثرت فيه، ويقدم تعازيه لأقربائه وأحبائه، وبالإضافة إلى ذلك، يشجع الحاضرين على أخذ الراحل كمثال للأخلاق الكريمة والأعمال الصالحة، ومن الممكن أن تكون هذه الخطبة متعلقة بالأم المتوفاة في بعض الأمثلة.
خطبة الزواج
تعد خطبة محفلية اجتماعية واحدة من أنواع الخطب، ويفضل فيها التركيز على موضوع الزواج وكل ما يتعلق به من أحكام وآداب، وأيضا الحديث عن قواعد الإسلام المتعلقة ببناء البيت والأسرة، وكيفية الوقاية من المشاكل الزوجية وحلها، وأساليب تربية الأطفال بطريقة صحيحة وحديثة. ويمكن ختام الخطبة بتقديم دعوات للعروسين بالخير والبركة، وتناول موضوعات أخرى ذات صلة، مثل الصبر في الحياة الزوجية وكيفية التعامل مع المشاكل.
خطبة الصلح بين المتخاصمين
تلقى هذه الخطبة في مناسبات الإصلاح بين الجماعات أو الطوائف، وذلك لخلق جو من الألفة والوئام بين الناس، حتى يصبح الجميع كأخوة مترابطين. تندرج هذه الخطبة ضمن فنون الخطب المحفلية الاجتماعية، وقد يقوم البعض بتصنيفها ضمن الخطب القضائية. يركز الخطيب في هذه الخطبة على إصلاح الخلافات وتوضيح مدى ترغيب الإسلام في ذلك، والتحذير من العداء والبغض والنزاعات والقتال، والعمل على زيادة حب الناس للعفو والمسامحة والصفاء. يجب على الخطيب تدعيم كلامه بالأدلة من القرآن والسنة المأثورة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والشواهد من التاريخ إن وجدت، والأمثال والحكم وغيرها، حتى ينال الكلام قبول القلوب ويصلح الله به النفوس وتخمد نار النزاعات. وفي حال وجود العديد من الخلافات بين الجيران، يمكن تقديم خطبة محفلية عن الجار كمثال على هذا النوع من الخطب.
عناصر الخطب المحفلية
قبل أن يبدأ الأدباء في استكشاف التساؤلات الخاصة بكتابة الخطب المحفلية، يجب أن نتعرف أولا على العناصر التي تشكل هذه الخطب، وتتمثل في ما يلي:
الخطيب
لكي يتمكن الخطيب من تقديم خطبة تؤثر في المستمعين، يجب عليه أولاً أن يكسب قبول الجمهور، وأن يتميز بالصوت الجهور والمظهر الجيد، بالإضافة إلى امتلاكه القدرات اللغوية والثقافية، وأن يكون ذو ثقة عالية بالنفس حتى يستطيع إقناع الجمهور بما يريد.
أسلوب الإلقاء
يجب على الخطيب أن يتلقى تدريبا مسبقا على الخطابة، حتى إذا كان واثقا من نفسه وقدراته. فقد أكدت العديد من الأبحاث العالمية أن الوقوف أمام حشد كبير يعد واحدا من أكثر المواقف التي تسبب الإجهاد والرهبة على الإطلاق. لذلك، يعد التحضير للخطابة أمرا هاما، بالإضافة إلى محاولة تجنب التعثر وعدم إظهار الارتباك، حتى إذا كان الخطيب يشعر بهذا الارتباك في الواقع. فالتظاهر بعدم القلق يعتبر عادة علامة نجاح في إقناع الجمهور بثقة الخطيب وثباته. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون الخطيب قادرا على مواجهة التغيرات والأحداث المفاجئة أثناء إلقاء الخطبة والتغلب عليها.
سمات نص الخطبة
عندما يبدأ الخطيب في كتابة خطبته العامة، يجب أن يتبع الخطوات الأساسية للخطاب، مثل تجنب استخدام النصوص الطويلة أو النصوص القصيرة بشكل مفرط، وأن يكتب بطريقة صحيحة ويتجنب استخدام اللغة العامية.
أنواع الخطب في العصر الجاهلي
كما عرفت جميع الشعوب فن الخطابة، فقد عرفه العرب أيضا، وشهدت خطابات العرب فترات قوة وأخرى ضعف، وكان للعصر الجاهلي خطباؤه كما في جميع العصور، وكانت لحضارتهم بعض الخطباء الماهرين. ذكر الجاحظ في كتابه “البيان والتبيين” الخطابة لدى العرب الجاهليين، وأوضح كيف تمتعوا بالمهارة في هذا المجال، حيث كانوا لا يقارن لهم مثيل، إذ لم يحتاجوا غالبا إلى التحضير المسبق لمواجهة الجماهير. فالكلام في مثل هذه المناسبات كان ينبع منهم بطريقة طبيعية نابعة من ذكائهم وثراء أفكارهم، ونجاحهم الكبير في المحادثات العامة كان معروفا ولا يحتاج إلى إثبات، وخاصة أنهم كانوا يدربون أولادهم على ذلك في سن مبكرة.
كانت هناك خطب في الجاهلية في الحروب والمنافرة والصلح والزواج والوعظ، وأيضا في حضرة الملوك. ومع ذلك، يعتقد بعض الباحثين العرب في العصر الحديث أنهم كانوا يعدون خطبهم ويستعدون لإلقائها في وقت سابق. وهذا هو الإبداع الأدبي، كما قال الدكتور إحسان النص في كتابه “الخطابة العربية في عصرها الذهبي”، حيث كانوا يستخدمون السجع في خطبهم، وهذا يجعل من الصعب تصور إلقاءها بشكل مباشر. كان لديهم أيضا بعض التقاليد الشهيرة أثناء إلقاء الخطبة، مثل ارتداء العمائم واستخدام العصا. وضم كتاب الجاحظ العديد من نماذج الخطب التي تم إلقاؤها في زمن الجاهلية، بالإضافة إلى أسماء العديد من الأشخاص الذين حظوا بالشهرة والتفوق في هذا المجال.
توجد في كل ذلك أدلة وبراهين قوية على أن العرب الجاهليين في هذا العصر كانوا يملكون خطبا وأحاديثا خاصة بهم، وعلى الرغم من أنهم كانوا أميين، إلا أن هذه الخطب والأحاديث لم تضيع. ويرجع السبب في ذلك إلى أن حفظهم لها كان قويا ودقيقا، كما أن اعتزازهم بكلامهم وتقاليدهم دفعهم إلى الاهتمام بحفظ نصوص خطبهم المشهورة. ولذلك، يمكننا أن نجد لديهم خطبا قصيرة في العديد من المناسبات والمواقف. [2]