الهجاء في الشعر العربي
هو من موضوعات الشعر العربي الشهيرة بين القبائل العربية في ذلك الوقت، حيث يركز على ذكر عيوب الأشخاص أو القبائل ومحاولة التقليل من شأنهم أمام الآخرين، وعادة ما يركز هذا الموضوع على العيوب التي تشتهر بها القبيلة أو الشخص. كان العرب يتباهون بمحاسن قبائلهم في كثير من الأحيان، وقد يتضمن ذلك تقليل قيمة قبائل أخرى. وكان الهجاء من المواضيع الشهيرة التي تعتبر سلاحا هاما في ذلك الوقت للدفاع عن الأنساب والأحساب العربية، وذلك لأن العرب كانوا يعانون من العصبية القبلية بشكل كبير.
الشعر العربي
كان للشعر في العصر الجاهلي مكانة مرموقة حيث أنه كان بمثابة الإعلام في وقتنا الحالي ، وذلك لأن القبائل كانت تفخر أيما فخر بولادة شاعر لهم ، كانت تقام المؤتمرات والندوات الشعرية في الكثير من الأسواق والمواسم لتنافس الشعراء فيما بينهم ولتنقيح الشعر الجيد من الرديء ، الشعر كان من أهم المصادر التي أوضحت لنا حياة الجاهلي بكل التفاصيل التي تخص حياته ، وكانت للقصائد طرق معينة يتم تأديتها بها حيث كانت القصيدة تبدأ بالبكاء على الأطلال في غالب الأوقات ثم التطرق إلى التغزل في المحبوبة ثم الدخول في الغرض الرئيسي فيما بعد الذي ألفت القصيدة من أجله أي كان ذلك الغرض اتصفت القصيدة العربية بالكثير من الصفات التي جعلتها من أهم القصائد آنذاك ومن تلك المميزات الترابط والوحدة العضوية وحسن انتقال الشاعر من غرض إلى آخر ومن موضوع إلى آخر في القصيدة الواحدة دون أن يشعر القارئ والمستمع بأي خلل في القصيدة ، كل تلك الأسباب جعلت للقصيدة العربية مكانة مرموقة وعظيمة في الشعر بشكل عام .
تعريف الهجاء
هو موضوع شعري يسلط الضوء على العيوب والنقائص، بدون الإشارة إلى الصفات الحسنة بل على العكس تماما من التمجيد. يهدف الشاعر دائما في هذا الموضوع إلى التعبير عن الكراهية والانزعاج نتيجة لتلك القبيلة أو تلك الشخصية المستهجنة. واستخدم بعض الشعراء هذا الموضوع بشكل كبير كسلاح لمهاجمة القبائل الأخرى، ويمكن أن يكون أيضا في قوالب فكاهية تركز بشكل مضحك على تلك العيوب لجذب انتباه الجمهور .
الهجاء في العصر الجاهلي
يختلف الهجاء في العصر الجاهلي عن الهجاء في أي عصر آخر، وذلك بسبب بعض الأمور التي كان يقوم بها شعراء تلك الفترة والذين كانوا يهاجمون الآخرين. من أهم تلك الأمور هي الشكل غير الاعتيادي لهؤلاء الشعراء. فعلى سبيل المثال، كان الشاعر يحلق رأسه ويدهن إحدى جانبي الرأس، ثم يرتدي حذاء واحدا فقط في قدميه ويترك قطعتين صغيرتين في رأسه. تلك الهيئة الغريبة التي يظهر عليها الشاعر تنذر بقدومه لمهاجمة الآخرين. وكان الناس في ذلك الوقت يتنبأون بالسوء من هذا الشكل ويحاولون الابتعاد عن الشاعر خوفا من لسانه. ونظرا لشهرة الهجاء في العصر الجاهلي، كانوا يطلقون على القصائد التي تتناول هذا الموضوع أسماء خاصة مثل الفاضحة والمؤذية للجري .
طرق الهجاء في العصر الجاهلي
للهجاء في العصر الجاهلي طرق معينة من أهمها :
التركيز على العيوب المعنوية وكذلك الأمور النفسية التي كان يعاني منها ذلك الشخص المهجو وذلك عبر الاعتماد على بعض الصفات الهجائية التي تعمل على التركيز على الصفات القبيحة ، وقد يهجو بعض الشعراء البعض بصفات هجائية لا توجد بهم لكن للهجاء فقط ويعمل الشاعر أيضا في ذلك النوع من الهجاء على تجريد المهجو من جميع الصفات الحسنة التي به لغرض تشويهه والانتقاص منه ، ومن الصفات الشجاعة والكرم ومساعدة من يبتغي المساعدة ، حيث أن تلك الصفات من أهم الصفات التي يشتهر بها الجاهلي القديم وذلك للمفاخرة أمام الآخرين ، ويهجوه بكل من صفات البخل والغدر والتشكيك في النسب .
يتمثل الهجاء الثاني في وصف العيوب الخلقية والهيئة الخارجية للشخص بشكل مضحك أمام الآخرين. يركز الشاعر في هذا النوع من الهجاء على الشكل الخارجي للشخص المستهدف وليس على جوهره، بالمقارنة مع الهجاء الأول .
نماذج من الهجاء الجاهلي
أرجع العلماء الهجاء إلى بعض الأمور والمقاييس التي من أهمها :
يشير الهجاء المقذع إلى نوع من الهجاء يحرص الشاعر فيه على ذكر بعض الفضائل مع الانتقاص من الأخرى، كما قال أحد الشعراء:
وكثرة السعادة بسعد مشترك*** ولا يطلب من سعد وفاء أو نصر
تروعك أجسامها من سعد بن عمرو، وتتناسى قتلها حينما تسمع خبرها
يعتبر أفضل الهجاء هو الذي لا يحمل الكثير من السب واللعن، وذلك كما قال جرير
إذا جمعت الغلبة في يوم التفاخر، لن تزن مثقالًا
يعتبر أصعب أنواع الهجاء هو الهجاء الذي يقوم فيه الشاعر بمقارنة المهجو بأشخاص آخرين عن طريق المفاضلة، حيث يعمل هذا النوع من الهجاء على السخرية من الشخص المذكور، وهذا ما فعله جرير عندما قال ،
استخف بمن ينظر إليك من نمير، فليس لديك قدم بلغته ولا كلب له
الهجاء العفيف هو نوع من الهجاء يعتمد على الصدق في ذكر الصفات السلبية، ويعتبر أحد أشد أنواع الهجاء صرامةً وصدقًا .
يشير الهجاء البليغ إلى الهجاء الذي يعتمد على كل من التصريح والتلويح في آن واحد، ويشمل أيضًا الشعر الذي يتميز بسهولة المعاني والحفظ، كما قال الشاعر زهير:
وما أدري وسأعلم أم لا أعلم *** هل أنا من عائلة حصن أم نسا
يعتبر الهجاء الجميل من خلال الاعتماد على الإيجاز في الهجاء، وقد أشار أحد الشعراء إلى ذلك قائلاً:
وإذا تسرك من تميم خصلة فما يسوءك من تميم أكثر
يعتمد الهجاء الذي يستخدم فيه التقليل والتصغير المحض من المهجور على سكين الهجاء، وذلك كما قال أحد الشعراء
ويحدث ذلك عند غياب تيم دون استئذان وهم في شهوة
الهجاء في العصر الحديث
ظهر الهجاء في العصر الحديث في صورة المسرحيات المضحكة التي تتناول هجاء شخص ما أو حزب أو مؤسسة ، وظهر أيضا الهجاء السياسي في العصر الحديث بكثرة مقارنة بأي من العصور السابقة في الهجاء وأرجع البعض ذلك إلى كثرة الأحزاب السياسية والتكتلات التي ظهرت مؤخرا ، ومن أشهر الشعراء في ذلك المجال كل من نزار قباني وإبراهيم طوقان ومظفر النواب وكذلك عمر أبو ريش ومن نماذج الهجاء في العصر الحديث قول الشاعر إلياس قنصل :
يا من استفاد براحة أرضه والحماية التي توفرها له سلاحه
ألقيت سيفك في المعركة دون خوف … فلا تتوعد الدنيا وأنت آسي
هجاء المدن
نوع واحد من السباب الذي ظهر هو سباب المدن. غالبا ما يستخدم الشعراء هذا النوع من السباب للتعبير عن غضبهم تجاه حاكم البلاد، أو يستخدمون السباب في المدينة للتعبير عن رغبتهم في تركها والانتقال إلى مدينة أخرى. يشير الشاعر إلى عيوب وسلبيات مدينته، وقد يسب المدينة بسبب الاحتلال من قبل جيوش أخرى. كان هناك الكثير من السباب للمدن في العصر العباسي بسبب العديد من البلاطات الموجودة في تلك الفترة، وهذا يجعل الشاعر يتنقل باستمرار، وبالتالي لا ينتمي إلى مدينة محددة بسبب التنقل المتكرر من بلاط إلى آخر، ومن أمثلة السباب للمدن قول المتنبي
بدون أصدقاء ولا وطن ولا رفيق ولا كأس ولا سكينة
أود من زمني الحالي أن يخبرني بما لا يعرفه في الوقت الحالي
لا تهتم بالزمن إلا بعدما تأكد من أن روحك معك
من يجعلك سعيدًا ستحزن إذا فقدته، ولن يرد عليك الفائت الحزن