تعريف زواج القاصرات قبل سن الثامنة عشرة
يمكن أن يختلف مفهوم زواج القاصرات من مجتمع لآخر، ولكن يتم التزوج في هذه الحالة رسميا أو غير رسمي خارج إطار القانون لشخص يقل عمره عن الثامنة عشر، ويمكن أن يشمل الإناث والذكور. ومع ذلك، فإن الإناث هن الأشخاص الأكثر تضررا في هذه الحالة، حيث يحدث الزواج في كثير من الأحيان بشكل قسري، ويكون الشخص القاصر غير قادر على تحمل المسؤولية الاجتماعية والقانونية بسبب عدم نضجه العقلي أو الجسدي وعمره الذي لا يتجاوز الثامنة عشر.
يحدث زواج القاصرات في الغالب في المجتمعات الريفية والبدائية، وعادة ما يكون ضد إرادة القاصر نفسها، وبالطبع، هذا يتعارض مع تعاليم الشريعة الإسلامية. من المفترض ألا يتم اضطرار الأبناء للزواج بأي شكل من الأشكال، وأنهم لا يجب أن يجبروا على شريك حياتهم. ومع ذلك، يعتبر هذا القرار أحيانا شيئا فاقدا للرغبة بالنسبة للفتاة، وبالتالي فإن الفتيات لا يمتلكن حق الاختيار في بعض المجتمعات. ويتحمل الولي المسؤولية عن هذا الأمر، حيث يجب أن يوفر الوالدين حياة كريمة لأبنائهم تحمي حقوقهم. وما يحدث في زواج القاصرات هو استغلال لهن من قبل الولي للحصول على مهر الفتاة، والذي يعتبر حقا لها شرعا.
في الزواج، غالبا ما يكون الطرف الأنثى هو الأقل سنا، ويعود ذلك إلى تأثير بعض المجتمعات بفكرة العذرية، وهذه الفكرة غير صحيحة بشكل تام علميا، وتسبب فقر الأهل وحاجتهم للمال في حدوث الزواج القاصر، وبالتالي تكون للمرأة ثمن يتم الاتفاق عليه تحت مفهوم المهر، ولكن المهر شرعا هو من حق الأنثى وليس أهلها، ويسبب خوف بعض المجتمعات من العنوسة ارتفاع نسبة الزواج المبكر وانخفاض قيمة المهر عندما تكبر الفتاة.
نتائج زواج القاصرات
يترتب على زواج القاصرات العديد من النتائج السيئة، ويمكن القول إنه لا يحمل أي نتائج إيجابية. فزواج القاصرات لا يعدو أن يكون سلبا لحرية المرأة، ويحرمها من حقوقها في التعليم واختيار شريك حياتها. فعادة ما يتم زواج القاصرات ضد إرادتهن، ويسبب إجهادا جسديا ونفسيا لصحتهن. وبالتالي، تزداد حالات الوفاة بين الفتيات القاصرات، مما دفع العديد من الدول حول العالم إلى تحديد سن قانوني للزواج وهو سن الثامنة عشرة
وتقول المستشارة أنجو مالهوترا، المستشارة الرئيسية لليونيسف في مجال النوع الجنساني: عند إجبار الفتاة على الزواج وهي طفلة، فإنها تواجه تبعات فورية وعبر مدى حياتها، إذ تتناقص فرصتها في إكمال دراستها، ويزيد احتمال تعرضها للإساءة من زوجها ولتعقيدات أثناء الحمل، وتضيف مالهوترا: “نظرا للتأثير الذي يتركه زواج الأطفال على حياة الفتيات اليافعات والتغيير الدائم الذي يحدثه فيها، فإن أي تقليص يشهده يمثل تطورا إيجابيا، ولكن هناك مسافة طويلة لا بد من قطعها
يمكن تحديد النتائج المترتبة على الزواج قبل سن الثامنة عشر كما يلي
- الأذى النفسي
تقع الفتاة القاصر تحت العديد من الضغوطات والمسؤوليات والتي قد تتعدى عمرها بمراحل لأنها تجد نفسها فجأة أصبحت مسؤولة عن منزل ورجل وطفل في أغلب الأحيان بالتالي تصبح عرضة للإصابة بالاكتئاب وخاصةً اكتئاب ما بعد الحمل، وذلك لأن وعيها ليس كاملًا تمامً فهي ليست امرأة ناضجة بعد، فهي مجرد فتاة مراهقة لا يصح أن تحمل مثل هذه الأعباء في هذا السن الصغير.
- مخاطر صحية
تحت سن الثامنة عشر، تكون نشاطات الهرمونات لدى الفتيات في طور النمو، لذلك، بعد الزواج المبكر، يمكن أن تتعرض هذه الفتيات لتقلبات هرمونية تؤدي في بعض الأحيان إلى صعوبة في الولادة الطبيعية، أو حدوث إجهاض، أو حمل عنقودي. وفي الأسوأ، يمكن أن تتسبب هذه المشاكل في الإصابة بالسرطان، وقد يؤدي ذلك في بعض الحالات إلى وفاة الفتيات أثناء الولادة
- عدم إكمال التعليم
في معظم حالات الزواج قبل سن الثامنة عشر، لا تستطيع المرأة أو الرجل إكمال تعليمهما بسبب الأعباء التي تقع على عاتقهم فجأة. فالفتاة تصبح مسؤولة عن المنزل والزوج والأطفال، مما يشكل إرهاقا عليها، والرجل يجد نفسه مسؤولا عن تغطية مصاريف الأسرة
- العنف المنزلي
تتعرض الفتيات في هذه الحالة للعنف المنزلي من قبل أزواجهن بسبب الجهل الذي ينتشر في هذه المجتمعات ويعتقد فيه الرجل أنه له الحق في ضرب زوجته.
- تفشي الفقر
يستمر الفقر من جيل إلى جيل بسبب عدم إكمال الطرفين لتعليمهم، مما يقلل من إنتاجية الأفراد ويؤدي إلى استمرار وضع العائلة في الفقر
- سوء التربية للأطفال
تكون الأم في هذه الحالة غير متعلمة وغير مختبرة في الحياة، مما يجعلها غير مؤهلة عقليًا ونفسيًا لتربية الأطفال، حيث تتطلب التربية العديد من المقومات، وأولها أن يكون الشخص ناضجًا بشكل كافٍ.
تضمنت هذه الفقرة العديد من النتائج السلبية، ولكن يجب علينا أن نعلم أن الزواج في حد ذاته ليس كذلك لأن له آثار إيجابية عديدة على المجتمع والأفراد، ولكن يجب أن يتم بشكل طبيعي وفقا لجميع الشروط التي تضمن حقوق الأفراد
نسبة زواج القاصرات في العالم العربي
تعتبر نسبة زواج القاصرات في العالم العربي هي الأعلى، لكن في أفريقيا عمومًا والدول النامية مثل التي في جنوب آسيا وغيرها ترتفع فيهم هذه النسب بشكلٍ ملحوظ، ومن المناطق التي ترتفع فيها نسبة زواج القاصرات حول العالم أيضًا في بعض دول غرب آسيا وبعض المجتمعات في أمريكا اللاتينية، ومن الدول التي يرتفع بها معدل زواج القاصرات بما يتعدى نسبة 20% هي الدول الآتية: النيجر، وتشاد، ومالي، وبنغلاديش وغينيا.
نسبة الفتيات القاصرات في الدول النامية تعتبر واحدة من كل ثلاث فتيات تتزوجن قبل سن الثامنة عشر، وواحدة من كل تسع فتيات تتزوجن قبل سن الخامسة عشر، وتعتبر هذه النتائج مخيفة وتشكل تهديدا واضحا لحياة هؤلاء الفتيات، خاصة أن الشريك الآخر قد يكون أكبر منهن بثلاثين عاما، وفي العقد الأخير، قامت بعض الدول بإصدار قوانين تحمي الفتيات من هذا الزواج المبكر، والتي تحظر زواجهن قبل سن الثامنة عشر، وذلك بسبب أن معظم حالات الوفاة تحدث للفتيات بسبب الحمل في سن مبكرة، وذلك بسبب عدم نضجهن جسديا
توصل تقرير صادر عن مركز دراسات أمريكي يستند إلى العديد من البيانات التي جمعتها وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن معظم دول العالم العربي تسمح قوانينها بزواج القاصرات، بعد موافقة أولياء الأمور بسبب مصلحة الفتاة، وعلى الرغم من أن بعض الدول العربية حددت سن الزواج القانوني فوق الثامنة عشر، فإن نسبة زواج القاصرات مرتفعة بسبب حدوثه بشكل غير قانوني في بعض المناطق الريفية، وأما الدول العربية التي تمنع زواج القاصرات فهي: المغرب وتونس وموريتانيا ومصر والأردن
الدول العربية التي تسمح بزواج القاصرات دون سن الثامنة عشر هي:
- البحرين: الحد الأدنى للزواج للإناث هو 15 عامًا، بينما الذكور هو 18 عامًا.
- الكويت: الحد الأدنى لعمر الزواج للفتيات هو خمسة عشر عامًا، بينما يكون الحد الأدنى للذكور هو سبعة عشر عامًا.
- لبنان: يقتضي الحد الأدنى للزواج للفتيات سن السابعة عشرة، بينما يكون للذكور سن الثامنة عشرة.
- العراق: يحدد الحد الأدنى لسن الزواج للفتيات عند خمسة عشر عامًا، ولكن يشترط موافقة الوالدين.
- قطر: الحد الأدنى لعمر الزواج للفتيات هو ستة عشر عامًا.