النابغة الذبياني والملكة المتجردة
النابغة الذبياني هو أحد الشعراء المتميزين في الشعر العربي. لقد أثبت وجوده في الشعر والقصائد إلى درجة أنه يعتبر من الشعراء البارزين. حصل على لقب النابغة نظرا لتفوقه واستثنائيته في الشعر العربي. قام النابغة الذبياني بكتابة العديد من القصائد، بما في ذلك قصيدة الملكة المتجردة.
نبذة عن النابغة الذبياني
يُدعى بالكامل زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان، ويُلقب بأبي أمامة.
النابغة الذبياني كان من قبيلة قريش ومن بني كنانة، وحصل على لقب النابغة بسبب موهبته في الشعر، وتشير بعض الروايات إلى أن هذا اللقب جاء نتيجة بلوغه سن البلوغ وبعد أن أصبح رجلاً.
يعد النابغة الذبياني واحدًا من سادة قومه، ولعب دورًا كبيرًا في الجاهليةعند الغساسنة في منعهم من الحروب، وكان له مكانة خاصة عند الملوك لأنه كان شاعرًا له وزنه ومكانته.
قصة قصيدة الملكة المتجردة
تعتبر قصيدة الملكة المتجردة واحدة من أجرأ وأروع الأشعار التي كتبها النابغة الذبياني، والتي تظهر مدى شجاعته وفصاحة لسانه، وهي من أشهر قصائده في تاريخ هذا الشاعر.
كان النابغة الزبياني قريبًا جدًا من الحكام، بما في ذلك الملك النعمان، وطلب الملك النعمان من الزبياني يومًا كتابة قصيدة عن زوجته التي كانت جميلة وموهوبة، بينما كان الملك النعمان قصير القامة وغير وسيم بجانبها.
بدأ النابغة الذبياني في وصف محاسن زوجة النعمان بشكل مفرط لدرجة أنه كشف أسرارًا ملكية، مما أدى إلى غيرة الملك النعمان وأمر بقتل النابغة. هذا الأمر دفع النابغة إلى الهروب إلى الغساسنة .
نص قصيدة المتجردة
أمِنَ آلِ مَيّة َرائحٌ، أو مُغْتَدِ
عجلانَ، ذا زادٍ، وغيرَ مزودِ
أَفِل التّرَحّلُ، غير أنّ ركابنا
لما تزلْ برحالنا، وكأنْ قدِ
زَعَمَ البَوارِحُ أنّ رِحْلَتَنا غَداً،
وبذاكَ خبرنا من الغداف الأسود
لا مرحباً بغدٍ، ولا أهلاً بهِ
إنّ كانَ تَفريقُ الأحبّة ِفي غَدِ
حانَ الرّحيلُ، ولم تُوَدِّعْ مهدَداً،
والصّبْحُ والإمساءُ منها مَوْعِدي
في إثْرِ غانِيَة ٍرَمَتْكَ بسَهَمِها،
فأصابَ قلبَك، غير أنْ لم تُقْصِدِ
غنيتْ بذلك، غذ همُ لكَ جيرة
منها بعَطْفِ رسالَة ٍوتَوَدُّدِ
ولقد أصابَتْ قَلبَهُ مِنْ حُبّهَا،
عن ظَهْرِ مِرْنانٍ، بسَهمٍ مُصردِ
نَظَرَتْ بمُقْلَة ِشادِنٍ مُتَرَبِّبٍ
أحوى، أحمَّ المقلتينِ، مقلدِ
والنظمُ في سلكٍ يزينُ نحرها
ذهبٌ توقَّدُ، كالشّهابِ المُوقَدِ
صَفراءُ كالسِّيرَاءِ، أكْمِلَ خَلقُها
كالغُصنِ، في غُلَوائِهِ، المتأوِّدِ
والبَطنُ ذو عُكَنٍ، لطيفٌ طَيّهُ،
والإتْبُ تَنْفُجُهُ بثَدْيٍ مُقْعَدِ
محطُوطَة ُالمتنَينِ، غيرُ مُفاضَة ٍ
ريّا الرّوادِفِ، بَضّة ُالمتَجرَّدِ
قامتْ تراءى بينَ سجفيْ كلة ٍ
كالشّمسِ يومَ طُلُوعِها بالأسعُدِ
أوْ دُرّة ٍصَدَفِيّة ٍغوّاصُها
بهجٌ متى يرها يهلّ ويسجدِ
أو دُميَة ٍمِنْ مَرْمَرٍ، مرفوعة ٍ
بنيتْ بآجرٍ، تشادُ، وقرمدِ
سَقَطَ النّصيفُ، ولم تُرِدْ إسقاطَهُ،
فتناولتهُ، واتقتنا باليدِ
بمُخَضَّبٍ رَخْصٍ، كأنّ بنانَهُ
عنم على أغصانه لم يعقدِ
نظرَتْ إليك بحاجة ٍلم تَقْضِها،
نظرَ السقيمِ إلى وجوهِ العودِ
تَجْلُو بقادِمَتَيْ حَمامة أيكَة،
برداً أسفّ لثاتهُ بالإثمدِ
كالأقحوانِ، غَداة َغِبّ سَمائِه،
جفتْ أعاليهِ، وأسفلهُ ندي
زَعَمَ الهُمامُ بأنّ فاها بارِدٌ،
عذبٌ مقبلهُ، شهيُّ الموردِ
زَعَمَ الهُمامُ، ولم أذُقْهُ، أنّهُ
عذبٌ، غذا ما ذقتهُ قلتَ: ازددِ
زَعَمَ الهُمامُ، ولم أذُقْهُ، أنّهُ
يشفى، بريا ريقها، العطشُ الصدي
أخذ العذارى عِقدَها، فنَظَمْنَهُ،
مِن لُؤلُؤٍ مُتتابِعٍ، مُتَسَرِّدِ
لو أنها عرضتْ لأشمطَ راهبٍ،
عبدَ الإلهِ، صرورة ٍ، متعبدِ
لرنا لبهجتها، وحسنِ حديثها،
ولخالهُ رشداً وإنْ لم يرشدِ
بتَكَلّمٍ، لو تَستَطيعُ سَماعَهُ،
لدنتْ لهُ أروى الهضابِ الصخدِ
وبفاحمٍ رجلٍ، أثيثٍ نيتهُ،
كالكرمِ مالَ على الدعامِ المسندِ
فإذا لَمستَ لمستَ أجخثَمَ جاثِماً،
متحيزاً بمكانهِ، ملءَ اليدِ
وإذا طَعَنتَ طعنتَ في مستهدفٍ،
رابي الَمجَسّة، بالعَبيرِ مُقَرْمَدِ
وإذا نزعتَ نزعتَ عن مستحصفٍ
نَزّعَ الحَزَوَّرِ بالرّشاءِ المُحْصَدِ
وإذا يعضّ تشدهُ أعضاؤهُ،
عضّ الكَبيرِ مِنَ الرّجالِ الأدردِ
ويكادُ ينزِعُ جِلدَ مَنْ يُصْلى به
بلوافحٍ، مثلِ السّعيرِ المُوقَدِ
لا واردٌ منها يحورُ لمصدرٍ
عنها، ولا صدرٌ يحورُ لموردِ