المهاتما غاندي و قصة كفاحة
كان المهاتما غاندي، السياسي الهندي الشهير موهانداس كرمشاند غاندي، الزعيم الروحي للهند أثناء حركة الاستقلال، رائدا لحركة المقاومة ضد الاستبداد باستخدام العصيان المدني الشامل المعروف بالساتياغراها، والتي تأسست بقوة عقب أهمسا التي تعني اللاعنف الكامل، وهي التي أدت لاستقلال الهند، وكانت القدوة لكثير من حركات حقوق الإنسان والحرية في العالم .
لُقِّب رابندرانات ظاغورر غاندي بلقب المهاتما تشريفًا له، إذ يعني هذا اللقب “الروح العظيمة”، كما عُرِفَ باسم بابو باعتباره “أبو الأمة”، واعتُبِر يوم ميلاده في 2 أكتوبر عطلة وطنية في الهند ويومًا عالميًّا معروفًا باسم “اليوم العالمي للأعنف .
كفاح غاندي :
نشأ غاندي في عائلة سياسية إذ شغل جده ووالده منصب رئيس وزارء إمارة بوربندر ، وقد درس غاندي القانون في لندن عام 1882 ، وبعد عودة غاندي للهند واكتشافه صعوبة العمل في المحاماه لم يتردد في قبول التعاقد للسفر لجنوب افريقيا من قبل مؤسسة هندية في ناتال بجنوب افريقيا حيث بدأت رحلته للكفاح السلمي لمواجهة التفرقة العنصرية .
كان غاندي مدافعا عن حقوق الهنود العمال في جنوب أفريقيا. واجه غاندي واقع الحياة هناك، الذي كان يسوده التمييز العنصري والاضطهاد. وعلاوة على ذلك، كانت حكومة جنوب أفريقيا تشجع ممارسات الاضطهاد العرقي، حيث فرضت ضرائب باهظة على السكان واتخذت إجراءات قمعية لمنع هجرة المزيد من الآسيويين إلى هناك. وقد تعرض الهنود للنهب وتدمير ممتلكاتهم بشكل تعسفي .
بدأ غاندي نضاله السلمي من خلال تقديم العرائض وإرسالها إلى السلطة البيضاء في جنوب أفريقيا، ثم نظم مؤتمرا هنديا في منطقة ناتال، وأسس صحيفة الرأي الهندية باللغة الإنجليزية وثلاث لغات هندية أخرى. أنشأ غاندي مستوطنة زراعية تدعى فينيكس بالتعاون مع مجموعة من أصدقائه بعيدا عن صخب المدن وعداوة البشر، مما دفع الهنود للهروب من المدن وأدى إلى تعطيل الأعمال الصناعية .
أدت أعمال غاندي إلى اعتقاله مرارا وتكرارا، خاصة بعد مواجهات عنيفة مع حكومة جوهانسبرج. وفي النهاية، قدمت الحكومة تسوية للنزاع بين الجانبين، ثم غادر غاندي إلى الهند، محققا بذلك فوز حركة اللاعنف وضمان حقوق الأشخاص في جنوب أفريقيا. وبعد عودته إلى الهند في عام 1915، أصبح غاندي قائدا شعبيا من خلال نضاله ضد الظلم الاجتماعي والاستعمار وحماية حقوق العمال والفلاحين. وقد تعاون غاندي مع بريطانيا في الحرب العالمية الأولى ضد الدول المتوسطة، وشارك في مؤتمر دلهي الحربي. ثم انتقل إلى المعارضة المباشرة للسياسة البريطانية وطالب بالاستقلال الكامل للهند. وقاد حركة العصيان المدني في عام 1922، التي أدت إلى تصاعد الاحتكاك بين المواطنين والشرطة البريطانية، مما أدى إلى إيقافها وحكمه بالسجن لمدة ست سنوات حتى عام 1924 .
تحدى غاندي القوانين البريطانية التي تمنع استخراج الملح من قبل أي شخص غير السلطات البريطانية، حيث قاد مسيرة شعبية نحو البحر لاستخراج الملح هناك. نتج عن هذا التحدي والعصيان توقيع معاهدة غاندي – إبروين في عام 1931، كحل وسط بين الطرفين. بعد ذلك، قاد غاندي العديد من حملات العصيان المدني لمواجهة المشكلات الاقتصادية والسياسية في البلاد حتى تم اعتقاله مرة أخرى وإطلاق سراحه في عام 194 .
وفي عام 1945، تم الإعلان عن استقلال الهند بعد زيادة المخاوف من تقسيمها إلى دولتين، واحدة للمسلمين والأخرى للهندوس. وقد حدث ذلك فعليا في عام 1947، حيث شهدت اضطرابات دينية وسقوط عدد كبير من القتلى. اعتبر غاندي هذا حدثا كارثيا وطنيا كبيرا، وبدأ بالدعوة للوحدة الوطنية بين الهنود والمسلمين، ولا سيما احترام حقوق المسلمين. وهذا أثار استياء بعض الفئات الهندوسية المتعصبة التي اعتبرته خيانة كبرى، فقرروا التخلص منه واغتياله في 30 يناير 1948، وتوفي عندما كان في الثامنة والسبعين من عمره بعد نضال سلمي طويل .