المنجزات الحضارية في العصر المملوكي
جماعة المماليك كانوا جنودا من أصل آسيوي حكموا مصر والشام والعراق وبعض أجزاء الجزيرة العربية لأكثر من قرنين ونصف من الزمن بدءا من العام ١٢٥٠ حتى العام ١٥١٧، وأسسوا دولتين في مصر والشام: دولة المماليك البحرية ودولة المماليك البرجية قبل أن يستقروا في مصر.
الانجازات الحضارية للدولة المملوكية
الحياة العلمية في عصر المماليك
عصر المماليك يُعَدُّ من أزهى العصور علميًا وثقافيًا، وخصوصًا في القرن الثامن الهجري، حيث تميَّز هذا الوقت بوجود العديد من العلماء الذين أنجبتهم الأمة، فتركوا للأجيال القادمة تراثًا كبيرًا في جميع مجالات المعرفة، وبخاصةٍ أنَّ مصر أصبحت محورًا علميًا كبيرًا للنشاط العلمي في ذلك الوقت
في القرن السابع عشر الهجري، تعرض المسلمون للعديد من الكوارث بسبب المغول في العراق والشام، وبسبب المسيحيين في الأندلس. لذلك، أصبحت مصر الملجأ الوحيد للنشاط الفكري والثقافي والفني. وبما أن الخلافة العباسية تم إحياؤها في مصر عن طريق المماليك، فقد جعلت القاهرة مركزا للنشاط العلمي والديني في العالم الإسلامي.
كانت المماليك دائمًا تشجع العلم وترحب بالعلماء، ولذلك كانوا يبنون المدارس والجوامع بكثرة لتصبح مراكز لتعليم العلم واستقطاب العلماء.
يتميز عصر المماليك بكثرة المدارس التي أنشأها الملوك والسلاطين، وكانت تتضمن كل مدرسة مكتبة تحوي مجموعة متنوعة من الكتب في جميع المجالات ليستطيع الطلاب الرجوع إليها في البحث والاستقصاء.
كان التعليم مجانياً للطلبة وتوفر لهم سكناً وملابس، بالإضافة إلى بعض المواد التعليمية والمواد الأساسية الأخرى شهرياً، ولكن تختلف هذه الأشياء من طالب إلى آخر، ولم تكن المدرسة مبنى مستقلاً خلال عصر المماليك، بل كانت جزءاً من الرقبة التي بناها السلطان لدفنه فيها بعد وفاته.
العمارة في العصر المملوكي
يلاحظ اهتمامًا ملحوظًا بالعمارة في هذا العصر، خاصةً في عهد كلٍّ من بيبرس وقلاوون، حيث كانوا يعملون على بناء المدارس والمستشفيات والأضرحة والجسور والمجمعات، وتتميز العمارة في عصر المماليك بالعديد من الصفات المميزة
كانت الآثار في هذا الوقت صغيرة المساحة بسبب الأحياء المزدحمة.
في بعض الأحيان، يتم إنشاء المباني داخل المدارس بسبب ضيق المساحة.
وتتميز المباني الدينية بتصاميم متنوعة تجمع بين المسارح والكتب والقباب، على الرغم من أن الدين الإسلامي يعارض بناء المقابر. كانت المدارس تتميز بتصاميم تشتمل على صالات ومساحات مغطاة بثلاثة جدران فقط والجانب الرابع مفتوح في الهواء الطلق. وكانت هناك تصاميم تقليدية متعددة.
كانت الأسقف الخشبية تستخدم في البنايات بدلاً من القباب الحجرية.
كان المدخل موجودًا في الأركان المتطرفة المنشأة، وذلك حتى لا تتأثر الوحدات الزخرفية الموجودة في الواجهة.
تنتشر في هذا العصر المداخل المنكسرة التي تتألف من دركاه مسقوفة وتؤدي إلى دهليز، وكثيرا ما تجد المنشآت المعلقة التي تم بناؤها أسفل الدكاكين، وعرفت مصر بهذه الفكرة لأول مرة في العصر الفاطمي، وزاد استخدام الحجر في بناء الحوائط الخارجية والطوابق الأرضية، واستخدام الآجر في بناء دورات المياه.
قاموا باستخدام الرخام الملون والوزارات في جدران وأرضيات المبنى، واستخدموا الفسيفساء والصدف في زخرفة المحارب.
بالإضافة إلى اهتمامهم ببناء المآذن بشكل كبير، كان التكوين المعماري لواجهة العديد من المنشآت الدينية يتضمن الكثير من النصوص القرآنية المكتوبة بخط النسخ المملوكي.
أهم الآثار المعمارية في العصر المملوكي
1- مدرسة السلطان قايتباي: أسس السلطان الأشرف أبو النصر قايتباي الجركسي المحمودي هذه المدرسة، وتولى الحكم عام ١٤٦٧م، وكانت المدرسة والمدقاة له ولأسرته، وتقع في جبانة صحراء الممالي، وتم إنشاؤها في عام ١٤٧٤م.
2- مسجد الظاهر بيبرس: تم بناء هذا المسجد في عام 665 هجريًا في ميدان الظاهر بالقاهرة، وتزين بزخارف جصية، ويُعد واحدًا من أضخم المساجد التي تم بناؤها في عهد دولة المماليك البحرية.
قام السلطان بيبرس ببناء برج في قلعة الجبل وتشييد القنوات السبعة على خليج مصر، وتم إصلاح برجي رشيد والإسكندرية في عهده.
قام السلطان قلاوون ببناء القبة التي دُفِنَ تحتها، وأسس مسجداً ومدرسةً ومستشفىً سميت باسم مستشفى قلاوون.
5- وقام السلطان الناصر محمد بن قلاوون ببناء المدرسة الناصرية في حي النحاسين، وقام بتعيين مدرسين للأربع مذاهب، وكانت تضم مكتبة يوجد فيها الكتب النادرة، وتلك المدرسة موجودة إلى الآن بحالة جيدة، كما قام ببناء القصر الابلق في قلعة الجبل وسبب تسميته بهذا الاسم لان بنائه كان باستخدام الحجر الأبيض والحجر الأسود.