المناضل المغربي الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي
الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي كان ناشطا مغربيا [1882 – 1963]، ولد في مدينة أجدير بالمغرب، عمل في مجال القضاء وأصبح قاضيا للقضاة في مليلة. عاش حياة طويلة مليئة بالكفاح ضد الاستعمار الإسباني، حتى أعلن تأسيس جمهورية الريف في عام 1921، وتولى رئاسة الجمهورية. ومع ذلك، ساعد الاستعمار الإسباني القوات الفرنسية في إسقاط الجمهورية ونفيه وعائلته. طلب اللجوء السياسي في مصر وعاش هناك هو وعائلته حتى وفاته.
نشأة وتعليم محمد بن عبد الكريم الخطابي :
ولد في عام 1882م في مدينة أجدير بالمغرب، وهو من أصول قبيلة بني ورياغل. كان والده قاضي القبيلة وتحظى عائلته بمرتبة عالية بين أفراد القبيلة. حصل على شهادة البكالوريا الإسبانية في مدينة مليلية، ثم انتقل إلى فاس للدراسة في جامعة القرويين. خلال فترة دراسته، تم تكليفه من قبل والده بمهمة سياسية للقاء السلطان عبد العزيز، ليبلغه بدعم قبيلة بني ورياغل للسلطان في محاربة الجيلالي بن إدريس الزرهوني، وذلك بسبب أعماله التي تهدد وحدة المملكة المغربية وتدعمها الاستعمار الفرنسي والإسباني. وأخيرا، درس القانون الإسباني في جامعة شلمنقة الإسبانية.
الحياة المهنية :
كانت حياة محمد بن عبد الكريم الخطابي حياة صاخبة بالأعمال حيث امتهن الكثير منها، ففي عام 1907م امتهن التدريس في مدينة مليلة لفائدة الساكنة المسلمة، وفي عام 1910 عمل كمترجم وكاتب في الإدارة المركزية للشؤون الأهلية بمليلة وساعده على ذلك إتقانه للغة الإسبانية بجانب العربية و الأمازيغية، وفي نفس الوقت عمل في مهنة الصحافة وكتابة الأخبار وتم تخصيص عمود يومي له في صحيفة تيليغراما ديل ريف الإسبانية، وفي عام 1913 تم تعيينه في منصب قاضي، وفي السنة التالية تم ترقيته إلى منصب قاضي القضاة، وفي نفس العام أي 1914م تم تعيينه معلم بأكاديمية اللغة العربية والريفية بمدرسة الشؤون الأهلية، مما يعني انه في خلال فترة قصيرة حصل على أعلى وأرفع المناصب بالدولة.
التحول في آرائه السياسية ضد المستعمر :
كان محمد بن عبد الكريم الخطابي مؤمنًا بالتعايش السلمي في ظل وجود المستعمر ولم يكن له أي أراء أو اتجاهات سياسية مناهضة للاستعمار بل على العكس فقد سعى للحصول على الجنسية الإسبانية مرتين غلا انه لم يوفق في ذلك، ولكن في عام 1915 بدأت مرحلة جديدة في حياته سعت لتغيير جميع أرائه واتجاهاته السياسية:
أولًا: تم اتهامه بالتخابر لصالح ألمانيا تعرض للسجن من قبل السلطات الفرنسية نتيجة لإعلانه تعاطفه الشديد مع القوات الألمانية خلال الحرب العالمية الأولى، وظل بالسجن لمدة 11 شهر تم إطلاق سراحه بعدها ليعود لممارسة القضاء في مليلية.
ثانيًا: بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، بدأ المستعمر الإسباني في التوسع داخل المغرب، وذلك بعد أن كانت مستوطنته مركزها الرئيسي على السواحل الشمالية للمغرب، وقام بتوسيع عدد المواقع العسكرية، ولكن هذا الإجراء قوبل بالرفض والاستنكار من قبل شيوخ وزعماء القبائل المغربية، وعلى رأسهم والد الزعيم القبلي لقبيلة بني ورياغل.
بداية الكفاح من اجل تحرير المغرب من المستعمر الإسباني :
في عام 1920م، حاول عبد الكريم الخطابي تنظيم المقاومة الريفية بمساعدة أبنائه، مما أدى إلى تفاقم العداء بين عبد الكريم الخطابي وعائلته بشكل عام والمستعمر بعد فترة طويلة من التعايش السلمي. كان هذا التغيير نتيجة لتعرض أفراد القبيلة للعديد من المضايقات والاعتقالات والتشهير بعبد الكريم ليظهر للسلطات الاستعمارية بأنه مستسلم، مما دفعه لتجميع المقاتلين من أفراد القبيلة حتى تمكن من جمع مائتي رجل للمقاومة. في عام 1920، تمكن من حصار نقطة استراتيجية تدعى تفريست، ومع ذلك توفي فجأة وروجت الشائعات بأنه تعرض للتسمم. بعد وفاته، استكمل ابنه محمد الاستعداد للثورة في أجدير.
تمكن محمد الخطابي في فترة قصيرة من توحيد قبائل الريف في شمال المغرب، وأطلق عليها اسم “مجلس القبائل”. ورغم قلة عدد جنوده، نجح في تحقيق انتصارات متتالية ضد الجيش الإسباني.
جمهورية الريف :
في عام 1921م، أعلن سكان الريف في شمال المغرب، بقيادة محمد عبد الكريم الخطابي، استقلالهم الكامل عن الاستعمار الإسباني وأعلنوا جمهورية الريف، وأقاموا دستورا وبرلمانا خاصا بهم برئاسة محمد عبد الكريم الخطابي الذي كان في البداية رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء. وفي عام 1926، تم حل جمهورية الريف بعد معركة عنيفة استخدمت فيها الأسلحة الكيميائية بقيادة فرنسا وإسبانيا.
وفاته :
عاش محمد عبد الكريم الخطابي حياة مليئة بالصراع مع المستعمر الإسباني، وبسبب ذلك تم نفيه هو وأسرته إلى جزيرة لارينون حيث قضى أكثر من عشرين عاما، وعندما قرروا نقله مرة أخرى إلى فرنسا، استغل محمد الخطابي تواجد الباخرة في ميناء بورسعيد المصري وطلب اللجوء السياسي من الملك فاروق الذي وافق على طلبه على الفور، وظل في مصر حتى وفاته في عام 196.