الكويت قبل وبعد اكتشاف النفط
الكويت قبل اكتشاف النفط
بعد أن تولى الشيخ أحمد الجابر الصباح حكم دولة الكويت في عام 1921، وهو محارب شجاع وقائد حكيم لديه رؤية عميقة للمستقبل، قاد الشيخ الكويت نحو الازدهار خلال فترة حكمه. في بداية العشرينات من القرن الماضي، ازدهرت صناعة اللؤلؤ الصناعي على سواحل الخليج العربي، وبعد ذلك أصبحت الكويت القوة الرائدة في سوق اللؤلؤ خلال عهد الشيخ.
ليس هذا فقط بل بالرغم من التدهور الاقتصادي المنتشر في الثلاثينيات إلا إن الشيخ كان قد واجه هذا التدهور أيضاً وبقي يؤمن بمستقبل مشرق لدولة الكويت، كان الشيخ قد وجد بقع سوداء قاسية متفرقة في صحراء الكويت وكان قد ألف نشاطات النفط في البحرين والمملكة العربية السعودية والعراق ونجاح شركة تنقيب النفط البريطانية (بريتش بيتروليوم) في جنوب إيران وتطلعات هذه الشركة لبداية التنقيب في البحرين في عام 1932م، هذا الأمر جعل الشيخ وشعب الكويت متفائلين إن البقع السوداء القاسية هذه هي آبار نفطية وهي التي سوف تنتشل الكويت من الوضع الاقتصادي المزري آنذاك وسوف تكون هذه الآبار بمثابة نقلة نوعية في نهضة الكويت.
بعد ذلك، تم توقيع اتفاقية الامتياز النفطي في 23 ديسمبر 1934م. في هذا التاريخ، قام الشيخ أحمد الجابر الصباح بتوقيع الوثيقة المتوقع أن تعزز أهمية الكويت على المستوى العالمي وتزيد ثروتها. تم منح هذه الاتفاقية لشركة بريتش بتروليوم لاستكشاف النفط في صحراء الكويت بالتعاون مع شركة نفط الخليج. استمرت مفاوضات هذه الوثيقة لمدة عام تقريبا بسبب الحرب العالمية الثانية. خلال هذه الفترة، تحولت الكويت من دولة فقيرة اقتصاديا إلى دولة غنية بعد اكتشاف النفط فيها، وظهرت عوامل النهضة الكويتية.
الكويت بعد اكتشاف النفط
بعد اكتشاف شركة نفط الكويت أول حقل نفطي في الكويت، وذلك بعد إجراء عملية مسح جيولوجي للمنطقة التي قامت بها شركة النفط في الكويت المحدودة، استنادا إلى تقرير فني صادر عن `كوكس ورودس`، انتقلت الأنظار إلى البرقان. وبدأت عمليات الحفر والتنقيب في نهاية عام 1937 وبداية عام 1938، وفي 22 فبراير 1938، تحققت أكبر نقلة تاريخية في عهد الدولة عندما تم اكتشاف النفط في البرقان. وكانت هذه البئر أهم آبار النفط في الكويت وأولها.
وكانت السعادة الكبيرة هي أن التقرير أثبت أن النفط المكتشف يوجد تحت ضغط وهو خزان يحوي كميات ضخمة، وتم اكتشاف هذا البئر الذي لم يتمكنوا من السيطرة عليه وبدأت بعدها عمليات استخراج النفط منه، ولكن نظرا لنقص الطمي في أرض البرقان، أصبح من الصعب سد فتحة البئر قبل بدء استخراج النفط. وبعد فشل محاولات سد البئر بأي طريقة، استخدم دونالد كامبيل، رئيس الحسابات في شركة بريتش بيتروليوم، قطعة خشب مؤقتة بطول ستين قدما لسد البئر حتى يبدأ عملية التكرير.
تاريخ النفط في الكويت
أدار الشيخ أحمد الجابر الصباح العجلة الفضية في تاريخ الثلاثين من يونيو عام1946م لكي يدشن أول تصدير للنفط الكويتي الخام وبعدها تدفق النفط عبر الخط بقوة إلى الناقلة ونقلت أول شحنة على متن ناقلة بريطانية اسمها “جندي بريطاني” بعد انضمت الكويت لقائمة منتجي النفط القويين في الخليج العربي والذين يصدرون للعالم أجمع ونظراً لأهمية هذا الحدث.
أقامت الكويت احتفالاً كبيراً تحت رعاية الشيخ أحمد الجابر الصباح وكان قد حضر الحفل عدد كبير من مسؤولي الدولة والحاكم السياسي البريطاني لمنطقة الخليج والكولونيل هارولد ديكسون المعتمد السياسي لدى الكويت وكفة فئات الشعب، وفي العقود الثلاث الماضية لحظت دولة الكويت تطورات واسعة حيث بدأت شركة نفط الكويت بتكرير النفط عام 1949م في مصفاة الأحمدي وبعد ذلك تم تأسيس شركة لنقل النفط كويتية في عام 1957م وفي عام 1960م.
كان الحدث التاريخي بتأسيس شركة البترول الوطنية الكويتية وكانت بمثابة قطاع تعاوني بين حكومة الدولة الكويتية والقطاع الخاص للدولة، وفي عام 1968م بدأت عمليات شركة البترول الوطنية في منطقة الشعيبة وكواكبة لهذا التطور في عام 1963 تأسس شركة الكيماويات البترولية والتي كانت بمثابة ثمرة العمل التعاوني، أيضاً بين القطاعين العام والخاص وفي عام هذه الشركة التالي بدأت عمليات تصنيع المشتقات النفطية وكانت قد قامت الكويت في تأميم صناعة النفط في عام 1975م وذلك في السادس من ديسمبر وكان هذا الحدث نقلة نوعية وذو أهمية كبيرة عند الكويت.
في بداية السبعينيات، استطاعت الكويت أن توسع نفوذها في مجال صناعة النفط، وأبرمت اتفاقيات مع شركة بريتش بيتروليوم وشركة نفط الخليج، التي شاركت في ملكية شركة نفط الكويت. وتدريجيا، ازدادت حصة الكويت في هذه الشركة حتى استعادت السيطرة الكاملة عليها. وفي الخامس من مارس عام 1975، تم توسيع سلطة الكويت على شركة نفط الكويت بعد توقيع اتفاقية مع الشركتين الأجنبيتين التي أقرت سيطرة الكويت على مصادر النفط في الدولة. وبعد ذلك، انضمت الكويت إلى منظمة الأوبك.
دور النفط في نهضة الكويت
يعتبر اكتشاف النفط في الكويت دورًا مهمًا جدًا، حيث أثر النفط بشكل كبير على الدولة وكانت الطريقة الرئيسية لنهضتها للعديد من الأسباب، وكانت من بينها:
- الدولة اكتسبت أهمية سياسية واقتصادية كبيرة من عائدات النفط، على الرغم من حداثة اكتشافه، نظرا للدور المحوري الذي تلعبه الكويت على المستويين السياسي والاقتصادي
- يُعَدُّ تطور النهضة العمرانية التي شهدتها دولة الكويت دليلاً على الأهمية الكبيرة للنفط، على الرغم من انتشار البيئة الصحراوية في الكويت.
- تُعَدُّ النفط أهم صادرات الكويت، وتعد صحراء الكويت سادس أكبر مصدر نفطي في العالم، وبالإضافة إلى ذلك، تُعَدُّ الكويت من الدول المؤسسة لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
- تمثل صناعة النفط في الكويت حوالي 40% من الإنتاج المحلي الإجمالي العالمي، وتشكل 92% من صادرات النفط في العالم، و80% من الإيرادات الحكومية في الكويت.
- تنتج دولة الكويت يوميًا حوالي 2.74 مليون برميل من النفط الخام، وهذا يشكل حوالي 7% من احتياطي النفط الخام في العالم الذي يقدر بحوالي 102 مليار برميل.
- تشير الإحصائيات التي أُجريت في عام 2018م إلى أن صادرات النفط من الكويت بلغت ما يقرب من 4 مليارات دولار أمريكي، وهذا يمثل 81.2 بالمائة من إجمالي صادرات الكويت التي بلغت 71.93 مليار دولار أمريكي.
- أدى اكتشاف النفط إلى اندثار حرفة الغوص على اللؤلؤ التي كانت منتشرة بين سكان الخليج العربي حتى منتصف القرن العشرين، نظرًا لصعوبتها مقارنةً بسهولة استخراج النفط.
- وتظهر أيضًا تأثيرات النفط على الحرف والصناعات التقليدية المحلية التي تأثرت بشكل واضح وتدهورت نتيجة هجرة معظم أصحابها وانتقالهم للعمل في صناعة النفط الرابحة والمريحة، مما أدى إلى اختفاء معظم الصناعات المحلية في الكويت.
- أثر أيضاً اكتشاف النفط على العمل في الزراعة مما أدى تراجع الزراعة في بلدان الخليج والتي تراجعت بسبب انتقال الفلاحين للعمل في مرافق النفط والإعمال المساندة له أو للوظائف الحكومية بسبب سهولة العمل والأجور المغرية والخدمات التي تقدمها هذه الوظائف الصحية والترفيهية بالإضافة إلى ظروف العمل المريحة.