الكاتب الفرنسي ميشيل سورا صاحب كتاب سورية الدولة المتوحشة
جيرار ميشو، هو ذلك الاسم المستعار الذي ذيل به ميشيل سورا دراساته الموسعة التي كان ينشرها في المجلة البحثية الفرنسية إسبري (Esprit)، خوفاً من أن تطوله يد النظام السوري، نشر ميشيل في نوفمبر 1983 دراسة مهمة بعنوان سورية الدولة المتوحشة، وفي أكتوبر 1984 نشر دراسةً بعنوان إرهاب الدولة .
كتب دراسة رابعة بعنوان `الطبقة والطائفة والمجتمع في سوريا` وحملت عنوان المجتمع السوري ضد دولته، وثق فيها تصاعد الحالة الإسلامية وتحليلها في سوريا منذ عام 1963، وقام بكتابة عدة دراسات عن هذه الحالة، وتنامي صراعها مع النظام حتى وقوع مواجهات في عام 1982.
انخراط ميشيل في الثورة الطلابية واعتناق الفكر اليساري
ولد الكاتب الفرنسي ميشيل سورا في تونس عام 1947، وشهد هذا الشاب اليافع وحشية قوات الاحتلال الفرنسية، حيث كان عمر ميشيل 13 عاما عندما قصفت القوات الفرنسية مدينة بنزرت التونسية في عام 1961 أثناء سعيها للاستقلال، وسقط أكثر من ألفي قتيل وجريح في هذا القصف الهمجي الوحشي، وكان معظمهم من المدنيين.
قامت أسرة ميشيل بالعودة إلى فرنسا، والتحق ميشيل بالجامعة لدراسة علم الاجتماع. وجد ميله الفكري توجها نحو الأفكار اليسارية بعد أن شهد العام 1968 ثورة طلابية انضم إليها. وبعد حصوله على شهادة عليا في علم الاجتماع، قرر ميشيل العودة إلى العالم العربي.
شغف ميشيل بالثورة الفلسطينية
بلغ النضال الفلسطيني ذروته في عام 1971، عندها قرر هذا الشاب ذو الرابعة والعشرين من العمر أن يقيم في لبنان ، حيث كان يرى أن القضية الفلسطينية هي التجسيد الحي للمثالية الثورية في القرن العشرين، فأجاد العربية وصاحب العديد من الفدائيين الفلسطينيين، ودرس الفرنسية تطوعاً في المخيمات الفلسطينية.
كان اهتمام ميشيل بالثورة الفلسطينية يدفعه للانتقال إلى دمشق في عام 1972 لدراسة الماجستير حول أعمال غسان كنفاني، الأديب الثائر في الثورة الفلسطينية. وقد قام بإعداد أطروحة عن القائد القومي العربي ساطع الحصري. تم تعيين ميشيل أستاذا زائرا في المعهد الفرنسي للدراسات العربية في دمشق، وقد بقي في دمشق لمدة ست سنوات. بعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، عاد إلى بيروت وانضم إلى فريق مركز دراسات الشرق الأوسط.
تزوج ميشيل في عام 1979 من فتاة سورية من حلب، وعلى الرغم من انتمائه اليساري لم يتعاطف مع النظام السوري الذي رفع لافتة الاشتراكية التقدمية خلال صراعه مع الإسلاميين السوريين في السبعينيات، ثم واجه معهم مواجهات دامية في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات .
كتاب سورية الدولة المتوحشة
هو تجميع لدراسات كتبها ميشيل بمنهجية ماركسية، حيث تم جمع كل ما كتبه عن الحالة في سورية أثناء حكم حافظ الأسد من قبل زوجته وعائلته، وتمت إعادة طبعها في هذا الكتاب. صدر الكتاب الأصلي بالفرنسية في عام 2012 تحت عنوان `سورية الدولة المتوحشة`، وتمت ترجمته إلى العربية بواسطة الشبكة العربية للأبحاث والنشر. كان عنوان الكتاب الأصلي `الدولة البربرية`، لكن تم تغييره في الترجمة إلى `سوريا الدولة المتوحشة`.
يستعرض الكتاب بمنهجية ماركسية البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتاريخية للمجتمع السوري، وآلية حكم حزب البعث. كما يستعرض الكتاب تاريخ مرحلة مهمة وغير معروفة بالنسبة للباحثين اليساريين والعلمانيين، وهي حقبة الصراع المسلح بين الدولة وجماعة الإخوان المسلمين.
خوف ميشيل سورا من النظام ثم اختطافه وموته
تابع ميشيل جميع الإجراءات التي اتخذها النظام السوري ابتداء من عام 1970، ورصد ظهور الوجود الطائفي العلوي في هيكل حزب البعث أولا، ثم في الجيش والأمن، ثم في بقية أجهزة الدولة ومؤسساتها، ونشر العديد من الدراسات الموسعة في المجلة البحثية الفرنسية إسبري (Esprit) تحت اسم مستعار خشية أن يتعرض للمس من قبل النظام السوري.
في ربيع عام 1985، سافر ميشيل سورا إلى باريس في عطلة قصيرة، وعند عودته إلى بيروت، تم اختطافه مع أربعة فرنسيين آخرين من قبل منظمة الجهاد الإسلامي، وتم الإعلان عن وفاته بعد ذلك بظروف غامضة وغير معروفة.