القيم المستفادة من سورة لقمان
سورة لقمان هي إحدى سور القران الكريم التي تزخر بالكثير من المعاني والقيم السامية ، ولقد ورد بهذه السورة تحديدًا مجموعة من القيم التربوية التي وضعها المولى عز وجل على لسان عبده الصالح لقمان عليه السلام أثناء خطابه الموجه إلى ابنه ؛ ليعلمه بعض السلوكيات المهذبة بطريقة بسيطة محببة إلى النفس.
بداية سورة لقمان
بسم الله الرحمن الرحيم
“الٓمٓ ١ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ ٢ هُدٗى وَرَحۡمَةٗ لِّلۡمُحۡسِنِينَ ٣ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ٤ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ٥ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡتَرِي لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ ٦”
تأتي البدية القرآنية هنا لتؤكد أن القرآن الكريم نزل كهدى ورحمة للبشر؛ فالذين يتبعون ما أنزل الله من الأوامر ويبتعدون عن نواهيه، فهم الذين سيفوزون بجنات النعيم، بينما الذين كفروا سيخسرون كل شيء ومصيرهم العذاب الأليم.
القيم التربوية في سورة لقمان
ذكرت سورة لقمان موقفًا تربويًا كبيرًا يحتاجه كل أب وأم ومعلم لتعليم الأطفال في مرحلة حساسة من العمر، وفيها تم توضيح أركان العملية التربوية الأساسية والضرورية التي تتمثل في ما يلي:
خصائص المربي الفاضل
المربي هو الداعم الأساسي في العملية التربوية. ووصفه الله عز وجل في قوله `لقد آتينا لقمان الحكمة`. والحكمة تعني العكس من الجهل والتصرف العشوائي بدون تفكير. المربي الحكيم يجب أن يجمع بين العلم والفهم ويظهر ذلك في تصرفاته وجهوده. ومن أهم خصائص المربي الحكيم قدرته على مراعاة الخصائص النفسية والاجتماعية والعقلية للمتربي. ويتضمن أسلوب الموعظة الذي استخدمه لقمان مع ابنه التواصل الحميم وتحذيره من الأعمال السيئة، كما قال تعالى `وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله، إن الشرك لظلم عظيم`.
أهم القيم في سورة لقمان
صاغ لقمان المواعظ الحكيمة التي تشتمل على مجموعة من الأهداف والقيم التربوية التي ينبغي للمربي توفرها في شخصيته خلال هذه المرحلة العمرية. وتبدأ الأهداف بتقديم ما بدأ به الله تعالى، ومن ثم بترتيبها بالترتيب القرآني الذي يحمل كل الحكمة
بدأ التعليم بتعريف التوحيد بالله، كما ورد في قوله تعالى `يا بني لا تشرك بالله، إن الشرك لظلم عظيم`. في هذه المرحلة التعليمية، يكون الشخص الصغير واعيا ومدركا للفطرة السليمة التي تدفعه للايمان بالله. لذا، يجب على المربي أن يدعم هذه الفطرة بطريقة حكيمة لكي لا يتحول المتعلم عن الطريق المستقيم.
الهدف الثاني يشير إلى أهمية بر الوالدين وشكرهما، كما جاء في قوله تعالى `ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير`. في هذه المرحلة، قد لا يدرك المراهق أهمية حقوقه وواجباته. لذلك، يتعين على المربي أن يضع الآداب الشرعية في اعتباره، ومن أهم هذه الآداب، بعد حق الله تعالى، هو حق الوالدين والبر بهما. وإذا كان أحد الوالدين أو كلاهما يحاولان أن يحرماك من الطريق الصحيح بعد أن تمت هدايتك، فلا ينبغي أن تتبع أوامرهما في ما يتعارض مع نهي الله، ولكن من الضروري التعامل معهما بحسن وعدم تركهما.
ويأتي بعد ذلك الحكم في اتباع الحق وقول الله تعالى `وَٱتَّبِعۡ سَبِيلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَيَّۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ`؛ فإن الشباب يشعرون بحاجة للانتماء إلى فئة معينة، ومن هنا جاء دور المربي لتوجيههم إلى الانتماء إلى أهل الحق.
بعد ذلك، تظهر حكمة مراقبة الله تعالى في قوله العزيز الجليل `يا بني إنها إن تكن مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله. إن الله لطيف خبير`، وذلك لتعليم الشباب أن الله يعلم كل شيء، سواء كان صغيرا أو كبيرا، وهذا يدعوهم لسعيهم لإرضاء الله والابتعاد عن المعاصي.
– وفيما بعد يأتي الدعوة إلى أداء الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكرات والصبر على الابتلاء في قوله تعالى “يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك، إن ذلك من عزم الأمور”، فإن أداء الصلاة هو أحد أركان الإسلام وواجب لا يمكن تجاهله أو التخلي عنه، ومن الضروري فهم أهمية أمر بالمعروف والكلمة الطيبة والنهي عن كل منكر، وأن يتعلم قيمة الصبر وما يمكن أن يحققه من خير بسبب صبره على الابتلاء.
-ورد فيما بعد ضرورة التنفير من الكبر وذم الخيلاء والفخر وأهمية الوقار ؛ حيث أن لا يحب المتكبرين الذين يتكبرون على عباده لأنها سمة مذمومة ، وهو ما أوضحه في قوله تعالى “وَلَا تُصَعِّرۡ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمۡشِ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالٖ فَخُورٖ”
تهدف الحكمة التربوية الأخيرة إلى التشجيع على الاعتدال في اللغة وعدم المبالغة في الكلام أو رفع الصوت، لأن ذلك لا يتوافق مع آداب الحديث، وقد جاء ذلك في قوله تعالى: `وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِيرِ`.