القيم الحضارية في حديث الفسيلة
حديث الرسول عن غرس النخلة
وصلت إلينا العديد من النصوص التي تحثنا فيها الله تعالى على العمل حتى آخر لحظة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: `إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فأمسك بنبات صغير وازرعه`. والهدف من هذا الحديث هو تشجيع المسلمين على الاستمرار في العمل حتى النهاية، وأن يكون المؤمن مجتهدا في أصعب الظروف. يتم تشبيه قيام الساعة هنا بأصعب الحالات التي لا يمكن للإنسان القيام بشيء فيها، وتحتوي قيمة العمل في هذا الحديث على العديد من الجوانب التي تحث على العمل وتعزز قيمته
جاء تفسير الإمام ابن باز لهذا الحديث قائلًا: المعنى هنا هو التشجيع على العمل، وإلا فمن المعروف أنه عند قيام الساعة لن يكون هناك أي فائدة من العمل. ولكن المقصود هو تشجيع الناس على العمل، وأن الإنسان يجب أن يكون عاملا. ويحث على الزراعة والزرع، وأن المؤمن يجب أن يكون نشيطا ولا يكون كسولا مثل بعض الناس. بل يجب أن يكون لديه نشاط وحماس في الزراعة، وزراعة الأشجار، وفي جميع أنواع الاكتسابات المختلفة مثل النجارة والحدادة والزراعة والكتابة، وما إلى ذلك. فلا يجب أن يكون مشغولا، بل يجب أن يكون عاملا
ما القيم الحضارية في حديث الفسيلة
يتضمن حديث الفسيلة العديد من الفوائد والقيم الحضارية التي تدور جميعها حول مفهوم العمل وأهميته في حياة الإنسان حتى نهاية عمره، ومن أهم القيم الحضارية الموجودة في حديث الفسيلة:
- إيمان وتذعن المسلم بحقيقة قيام الساعة، وأن وقت وقوعها لا يعرفه إلا الله تعالى، حيث قال تعالى في كتابه الكريم: (يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله) من سورة الأحزاب
- تحث الإنسان على الاستفادة من كل الفرص المتاحة له حتى اللحظة الأخيرة في الحياة، وهي الوقت الذي يقوم فيه الساعة
- يتمثل إرغام الإنسان على زرع الخير وتركه للاستفادة منه من قبل الآخرين حتى بعد وفاته في أنه سيتم تسجيلها له كصدقة حتى يوم القيامة ، وهذا يشجع البعض على القيام بهذا الفعل الصالح.
- استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم مصطلح `الفسيلة` في هذا الحديث، والمقصود منها هنا أي شيء يتركه الإنسان ويستفيد منه الآخرون بعده، وتعني الفسيلة صغار النخيل.
- يجب على كل مسلم عدم التردد في فعل الخير
- يجب على كل مسلم أن يكون له تأثير وفعل في حياته وحياة الناس من حوله، ويجب أن يكون المسلم إيجابياً ومنتجاً.
- ينبغي على المسلمين جميعًا أن يحرصوا بكل حرص على استغلال وقتهم، حيث إن الوقت هو حياة الإنسان.
- ينبغي على جميع المسلمين أن يتفائلوا ويتطلعوا إلى المستقبل وأن يعملوا على صنع الخير للأجيال القادمة
- يجب على كل مسلم العمل، حيث يحث ديننا الناس على العمل ويدعو إليه في العديد من المواضع، ولا ينبغي الاعتماد على العجز والكسل.
- يوحي مصطلح الغرس المستخدم في هذا الحديث بالتفاؤل والطموح للمستقبل والحياة الجديدة ويحث على العمل.
- يجب على كل مسلم أن يسعى للقيام بالأعمال الصالحة والاستفادة من كل الفرص التي تتاح له قبل أن ينتهي عمره وعمله على الأرض.
- يُظهر هذا الحديث مدى حرص النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته لأُمته، ورغبته في الخير لهم في أبسط الأعمال.
- يجب على كل مسلم أن يدرك أن قيام الساعة قريب، وعليه أن يحاول القيام بالأعمال الصالحة في كل مكان يذهب إليه.
- عدم الأنانية، وحبُّ الذات، ونفع الغير.
- ينبغي على كل مسلم أن يدرك أن لحظة الحياة لها قيمتها، وأنه يجب عدم التقليل من شأنها.
- يجب على كل مسلم أن يعمل بأفضل ما يستطيع.
- تدخل المرأة في الخطاب الموجه في حديث الفسيلة، فهي مكلفة بالعمل ونفع الناس من بعدها مثل الرجل
- الثواب الذي يأتي من الأعمال الصالحة المذكورة في الحديث والقيم الحضارية يعود للمسلم وليس للكافر
- أفضل الكسب عند الله هو الذي يحصل عليه الإنسان من عمل يده، وذلك كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: “ما أكل أحد طعاما أفضل من أن يأكل من عمل يده، وإن داود عليه الصلاة والسلام كان يأكل من عمل يده
- مثلما غرست غيرك ما شبعت به، فاغرس لمن يأتي بعدك.
- يتم زراعة النخيل باستخدام النوى الموجودة داخل التمور، حيث تنمو منها شتلات النخيل التي تشكل الفسيلة.
- يشجع الحديث على زراعة التمور وزراعة أشجار النخيل، حيث يأتي التمر منها لأنها تحتوي على العديد من المزايا
- جاء حديث النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (فليغرسْها) بهدف الاستحباب وليس الوجوب، أي أن الأمر يترك لاختيار الإنسان.
- إذا كانت النية خيرًا في أي فعل مباح، فإن الإنسان يأخذ أجرًا عليه، ومن بين الأعمال المباحة الغرس، فإذا وضع الإنسان نية خير مع هذا الفعل، فإنه يأخذ أجرًا عليه.
ترجمة حديث إذا قامت السَّاعَةُ وفي يَدِ أَحَدِكُمْ فسيلة
حديث النبي عن غرس الفسيلة حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا.
ترجمة حديث النبي إلى الإنجليزية:
Anas ibn Malik reported that the Prophet, may Allah bless him and grant him peace, said, “If the Final Hour comes while you have a shoot of a plant in your hands and it is possible to plant it before the Hour comes, you should plant it.”
أهمية العمل في الإسلام
تحث النبي على أهمية العمل في العديد من الأماكن والأحاديث حتى أشار إلى أن العمل يمكن أن يكون صدقة فقط، وهذا مأخوذ عن النبي صلى الله عليه وسلم بخصوص أهمية الصدقة للمسلم، وأن الصدقة تتجسد في أبسط الأشياء التي يمكن لأي شخص القيام بها، حتى وإن لم يكن لديه أي شيء يمكنه أن يتصدق به، وفي صحيح مسلم نقل عن النبي ﷺ قوله: “على كل سلامى منكم صدقة”، قالوا: يا رسول الله، وإن لم يجد؟ ماذا لو لم يكن لديه مال؟ قال: “فليعمل بيديه لينفع نفسه ويتصدق”. وقال عليه الصلاة والسلام: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تيأس، وعندما سئل عن أفضل طريقة للكسب، قال: “عمل الإنسان بيده، وكل بيع مبرور”، وروى البخاري في “الصحيح” أن النبي ﷺ قال: “ما أكل أحد طعاما أفضل من أن يأكل من عمل يده، وإن داود عليه الصلاة والسلام كان يأكل مما صنع بيده