الفن الاسلامي في العصر الفاطمي

لقد أثر العصر الفاطمي بشكل واضح على الفن الإسلامي، وعندما نقوم بالبحث عن الفن الإسلامي، سنلاحظ أنه يسلط الضوء بشكل خاص على العصر الفاطمي بسبب تأثيره الملحوظ على الفن الإسلامي .

تاريخ العصر الفاطمي

من القرن العاشر حتى الحادي عشر، كانت مناطق الجزائر وتونس وصقلية ومصر وسوريا تحت حكم الأسرة الفاطمية. وكان الحكام الفاطميون ينتمون نسبيا إلى الأبناء المنحدرين من فاطمة، ابنة الإمام الشيعي السابع إسماعيل، وكان ذلك سببا واضحا لتهديد السلطة السياسية والدينية للخليفة العباسي السني الأرثوذكسي .

تعتبر مدينة المنصورة إحدى العواصم الأولى التي تأسست في عام 947. وقد حدث الكثير من المعارك في بداية العصر الفاطمي في مصر عام 969. حرص الفاطميون في تلك الفترة على تأسيس مدينة القاهرة أو المنتصر واعتبروها عاصمتهم الجديدة. ومن بين الأسباب التي دفعتهم للقدوم إلى مصر كان الرخاء الهائل في المقام الأول بسبب دورها الوسيط في التجارة المربحة بين البحر الأبيض المتوسط والهند. سرعان ما تنافست القاهرة مع العاصمة العباسية بغدا .

تأثير العصر الفاطمي على الفن الاسلامي

إن غنى البلاط الفاطمي كان سبب واضح في نهضة في الفنون الزخرفية بشكل ملحوظ ، وهذا الأمر نتج عنه أن أصبحت القاهرة أفضل وأكبر مركز ثقافي في العالم الإسلامي ، ولقد أصبحت القاهرة القديمة والتي كانت تعرف حينها بإسم الفسطاط وهي مركز رئيسي لإنتاج الفخار والزجاج والأعمال المعدنية وكذلك الكريستال الصخري الفخم والعاج أيضًا ولم تقتصر على هذا فقط بل أنها نافست في النحت للخشب .

جميع هذه التطورات التي مرت بها كانت سبب في أن يتم إنشاء مصانع المنسوجات التي كان يديرها في ذلك الوقت مسؤولون حكوميون أقمشة تراز بإسم الخليفة في مكان آخر في المنطقة المصرية ، وتشكل الحيوانات الصغيرة والنقوش المختلفة تعتبر هي الزخرفية الرئيسية في المنسوجات والتي زادت من جمالها ومن قيمتها .

تطورت صناعة الفخار بشكل كبير في دلتا النيل، حيث تم اتباع أسلوب جديد وأكثر دقة في صناعة الفخار. وبالنسبة للكريستال الصخري، فقد شهد تطورًا كبيرًا وكان عرضة للتحسين المستمر والواضح .

لم يقتصر الأمر على هذا فقط حيث أن الأعمال الفنية في هذه الفترة كانت تجسد إبداع الحرفيين الفاطميين ، ومن ضمن ما تم إحياؤه في هذه الفترة هي تقنية اللمعان على السيراميك ولقد تم تطويرها في الأصل في العراق ومن ثم في مصر وسوريا ، وفي هذه الفترة لقد تم توقيع بعض قطع البريق المعدني من هذه الفترة من قبل الأشخاص الذين قاموا بصناعتها ، وهذا يدل على التقدير الذي حاز عليه الحرفين في هذه الفترة ، ومن ضمن صور التطوير الذي حدث في هذه الفترة أنه كان يتم النحت على الخشب وعلى المجوهرات بمهارة عالية وكان يتم ابتكار الكثير من الأمور التي زادت من قيمة ما كان يتم صناعته .

ولقد ابتكر الفنانون الفاطميون زخارف جديدة كانت اضافية كبيرة لهم ، واستفادوا بشكل كبير من الأشكال التصويرية التي كان يتم تنفيذها ، من ضمنها أشكال بشرية وأشكال حيوانية ، وعند النظر إلى هذه الأشكال تشعر أن الحياة بها ، وفي نفس الوقت حافظت الزخارف النباتية والهندسية التقليدية على جودتها المجردة ، كل هذا كان سبب في حدوث تطور واضح به .

دور الفاطميين في الهندسة المعمارية

فيما يتعلق بالهندسة المعمارية، اعتمد الفاطميون تقنيات الطولونية واستخدموا مواد مماثلة، لكنهم طوروها بشكل كبير. وكانت معظم المباني الأولية في العصر الفاطمي مبنية من الطوب، على الرغم من استخدام الحجر بشكل رئيسي ابتداء من القرن الثاني عشر. جمع الفاطميون عناصر العمارة من الشرق والغرب وأفريقيا واليونان والقبطية، ودمجوها بين الأنماط المبكرة من العمارة الإسلامية والعمارة الوسطى للمملكة. كانوا متسامحين تجاه الأشخاص ذوي الأصول العرقية المختلفة والتوجهات الدينية، وكانوا ماهرين في استغلال قدراتهم .

كذلك، العديد من الأعمال المعمارية الفاطمية تعبر عن تفاصيل معمارية استوحيت من شمال سوريا ومن بلاد ما بين النهرين. يعزى ذلك جزئيا إلى استخدام المهندسين المعماريين من تلك المناطق في بناء مبانيهم. استخدمت مواد بناء مشابهة لتلك العصور، وأثرت بشكل كبير من قبل الحضارات العديدة .

الهندسة المعمارية الفاطمية اتبعت الخطط التقليدية والجماليات، ولكنها اختلفت بشكل واضح في التفاصيل المعمارية، مثل البوابات الضخمة للمساجد والواجهات المتقنة. ساهم الفاطميون بشكل كبير في بناء المساجد. كما قاموا بتطوير استخدام القوس المركب ذو الأربعة أركان ومقبض القرارة. تم ابتكار سقارة المقرنصات، وكان هذا التصميم مستوحى من الإلهام الإيراني. تم تطبيق نظام مماثل في بناء النوافذ. بالنسبة لقوس الأحذية في مصر أثناء حكم الفاطميين، لم يكن له أصل فارسي كما يشاع. ومن بين المساجد التي تم بناؤها في هذه الفترة، كانت تعتبر نموذجا للعمارة في ذلك الوقت وتميزت بالزخارف الجميلة. تشمل هذه المساجد ما يلي

جامع الأزهر

تم بناؤه بعد تكليف المعز لدين الله، واسمه تكريما لفاطمة الزهراء، ابنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. قام جوهر الصقلي ببنائه ابتداء من عام 970. ويعتبر هذا المسجد أحد أول المساجد التي تم بناؤها في المدينة. أقيمت أول صلاة في هذا المسجد في عام 972، وتم تحويله لمركز تعليمي فيما بعد. تم إجراء بعض التعديلات في المسجد في وقت لاحق .

مسجد الحاكم

يحمل المسجد اسم الإمام الحاكم بأمر الله، الخليفة الفاطمي الثالث الذي حكم مصر وأمر ببناء هذا المسجد، ويتضمن المسجد نقوشًا بإسمه وتاريخه، وتعرض المسجد فيما بعد للعديد من التعديلات المعمارية التي أدت إلى تغيير واضح في شكل المبنى .