العصر الأموي كان فترة تكوينية مهمة في تاريخ الفن الإسلامي، حيث أصبحت اللغة العربية الرسمية والإسلام الدين الرئيسي في الأراضي التي كانت تحت حكم الأمويين. ورغم ذلك، استمر الفنانون في العمل بأسلوبهم الخاص، حيث جاء التأثير الفني من التقاليد الطبيعية والكلاسيكية المنتشرة في الشواطئ الشرقية للبحر المتوسط، وتم تطويرها من قبل البيزنطيين والساسانيين. وقد أثر ذلك بشكل كبير على صناعة المنسوجات والأعمال المعدنية، وتصوير الزخارف الحيوانية والنباتية بالإضافة إلى التقنيات والأشكال الزخرفية الجديدة التي ظهرت وأضافت طابعا إسلاميا جديدا على الأعمال الفنية .
الأعمال الفنية الإسلامية في العصر الأموي
نجد أنها واحدة من الأعمال الأكثر شهرة وأهمية في العصر الأموي اللاحق
- قبة الصخرة بالقدس
في ذلك الوقت، كان الإسلام لا يزال دينا جديدا ولم يكن لديه أي مفردات فنية خاصة به. وكان أول عمل إسلامي متأثر بشكل كبير بالأساليب القديمة في المنطقة. وكانت من بين تلك الأساليب التقليد القبطي في مصر وسوريا، واستخدام الزخارف الهندسية، والأعمال المعدنية الساسانية، والحرف التجريدية، وفسيفساء البيزنطية التي تصور الحيوانات. وتعتبر هذه العناصر من أقدم الأعمال المهمة في العصر الأموي، وأهمها قبة الصخرة في القدس. وتحتوي هذه القبة على العديد من العناصر القبطية والساسانية والبيزنطية، ولا تزال تعتبر تحفة فريدة من العمارة الإسلامية حتى في وقتنا الحالي .
- قاعدة القبة ، قبة الصخرة القدس
من الجدير بالذكر أن قبة الصخرة ليست مسجداً ، حيث تم استخدام خطة أكثر شيوعاً تستند إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك للغالبية العظمى من المساجد في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية والمغرب العربي ، ونجد أن أبرزها هو مسجد قرطبة الكبير في إسبانيا ، والذي يشير إلى تكامل أنماط الثقافة القائمة التي نشأت فيها مثل قبة الصخرة ؛ فقد أنتجت الحضارة الإسلامية ذلك النصب التذكاري الرائع ، والمذهل ، والفريد أيضاً ؛ فتعتبر قبة الصخرة من الأعمال المؤثرة ، كما أنها لا تشبه كثيراً المساجد الكثيرة التي قد أنشأت في جميع أنحاء الخلافة .
- ثلاثة مساجد كبيرة
أثناء حكم الأمير الأموي الوليد الأول، حدثت العديد من التطورات المعقدة داخل المجتمع الإسلامي، بناء على ثلاثة مساجد رئيسية في المدينة المنورة والقدس ودمشق، والتي تعد من المنجزات الحضارية في عصر الأمويين. تم اختيار هذه المدن الثلاثة كرمز للمدينة التي تشكلت فيها الدولة الإسلامية ودفن فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم. تم تصميم مساجد الوليد على طراز إمبراطوري، وعلى الرغم من أن المباني الثلاثة تبدو مختلفة عن بعضها البعض في الوهلة الأولى، إلا أن مسجد المدينة يتكون من أعمدة كبيرة وفناء، وكانت الأعمدة على الجوانب الأربعة متفاوتة في العمق، والمسجد الأقصى يتكون من عدد غير محدد من البلاطات الموازية لبعضها البعض، ولم يوجد به فناء، والجامع الأموي في دمشق على شكل مستطيل يحدد حدوده الخارجية، والأبواب الثلاثة الخاصة بها أجزاء من معبد روماني، ويحتوي على فضاء مفتوح ومحاط من الجهات الثلاثة برواق ومساحة بها ثلاث بلاطات طويلة وموازية لجدار القبلة .
الخصائص الهامة للثلاث مساجد
تتشارك تلك المساجد الثلاثة في العديد من الخصائص المهمة، وتشمل ذلك ما يلي:
- تتميز كل هذه المساجد بمساحات كبيرة وتعدد الدعامات الداخلية، وعلى الرغم من ذلك، يتمتع مسجدا القدس ودمشق بالمرونة وسهولة الاتصال الداخلي، في حين يعتبر مسجد المدينة عمودًا نقيًا .
- تحتوي المساجد الثلاثة على عدد من العناصر المميزة والحديثة والمعاني الرمزية، وهذا يوجد في جميع المساجد، حيث يتميز المكان الذي يوجد في جدار القبلة بحجم مختلف وزخرفة كبيرة .
- تحتوي المساجد الثلاثة على صحن محوري، وهو عبارة عن ممر أوسع على محور المبنى، والذي يعتبر محورًا رسميًا للأغراض التصميمية، كما كان يعتبر أيضًا محورًا احتفاليًا لحاشية الأمير .
- تم تزيين جميع المساجد الثلاثة بالرخام والفسيفساء والأعمال الخشبية المميزة، ولقد كان هناك اهتمام كبير بالتصميم الرسمي .
- يتميز المسجد بتوازن بين أجزائه المختلفة، ويتجلى ذلك بشكل واضح في المباني الثلاثة التي تعتبر أعمال فنية رائعة، ويتمثل هذا التوازن بشكل خاص في مسجد دمشق، حيث يوجد توازن كبير بين المساحة المفتوحة للفناء وواجهة القبلة المغطاة .
عند مقارنة تلك المساجد الثلاثة بالمباني الإسلامية الأولى في العراق ومصر، وفي النظر إلى دراسات الفن الإسلامي، نجد أن آثار المسجد الوليد تتميز بتعقيد أشكالها، وظهور واضح للزخارف والرموز والوظائف الإسلامية الفريدة والتميز، والتي تدل على جودة البناء .
الصور البشرية والحيوانية
نرى أن الأحجار المعمارية استخدمت كمساجد جمالية وزخارف إسلامية تعتمد على الخط والزهور والألوان والهندسة بديلا عن الصور البشرية، وعلى الرغم من ذلك، فهناك أماكن أخرى مثل القصور ومنازل النبلاء والأشياء الزخرفية، وكذلك الكتب استخدمت بطريقة كبيرة شخصيات الناس والحيوانات، ويعد أسد مونزون من أبرز الأمثلة على ذلك وهو موجود الآن في متحف اللوفر، وأنتجت هذه التحفة في الأندلس وهي مصنوعة من البرونز، ويقول بعض الخبراء إنها قد أنتجت في القرن الثاني عشر أو الثالث عشر، وتم استخدامها كفتحة نافورة
وتعرض الكتب المصورة العديد من الدلائل التي تعبر عن حرية التعبير المتاحة للفنون الإسلامية ، ومن ضمنها القصيدة الملحمية الفارسية ، والتي تعتبر من الأعمال الأدبية التاريخية من القرن الرابع عشر ، والتي تتضمن رسماً للنبي يونان وملاك ، وقد تم استخدام تقنيات عديدة من الفن الإسلامي في الغرب بعد ذلك ، بما في ذلك العمارة الإسبانية ، وصناعة الزجاج الإيطالي ، واستخدم الأوروبيون العديد من الأعمال الفنية التي قام بصنعها الحرفيون المسلمون في الاحتفالات الدينية مثل فنجان مزخرف مصنوع من النحاس المطروق مع البطانات الذهبية والفضية .
قام الفن الإسلامي برحلة عبر العالم الغربي خلال التاريخ، وهو شاهد على العلاقة الحميمة بين الثقافتين ويدل على أن صناعة تلك التحف كانت، وما زالت، جزءًا كبيرًا من تراث الإنسانية عمومًا .