احكام اسلاميةاسلاميات

الفرق بين شركة العنان والابدان

عرف العلماء الشركة بشكل عام بأنها مشاركة بين طرفين أو أكثر، حيث يتداخل أموالهم مع بعضها البعض دون تمييز أي طرف عن الآخر في الربح وغيره. وعرف علماء المصطلح الشركة بحسب نوعها، حيث يختلف تعريف كل شركة عن الأخرى بسبب تنوع الشركات مثل شركات العقود أو الأملاك. فشركة العقود تشمل الأبدان والأموال والوجوه. وعرف علماء المصطلح الشركة بشكل عام بأنها إجبارية الحق في أمر من الأمور من خلال وجود عقد يتيح ذلك. كما عرف ابن قدامة الشركة في كتاب المغني بأنها `اجتماع الطرفين في أمر مستحق أو تصرف ما` . 

وبذلك أشار ابن قدامة إلى كل من شركات العقود بأقسامها المختلفة من شركة المفاوضة وشركة العنان والوجوه والتقبل ، كما أن هذا التعريف المجمل للعلماء فيما يخص تعريف الشركة بأن الاستحقاق يحتوي على استحقاق العين وكذلك تملك الإرث أو الشراء والاستيلاء أو الصدقة والوصية وهذا فيما يخص شركة الأملاك .

نشأة الشركات

يجب على الإنسان أن يشارك الآخرين في العديد من الأمور، سواء كانت اجتماعية أو مادية، ولذلك ظهر مصطلح الشركة وانتشر بين المجتمعات المختلفة، وذلك لأن الناس يحتاجون إليها في حياتهم اليومية ومعاملاتهم، وعبر الزمن والعصور وجدت بعض القوانين التي تساعد على تسهيل المشاركة بين الناس في مختلف البلدان، وكانت هذه المشاركات قائمة في العصور القديمة بين الفراعنة والبابليين، وكذلك بين العرب في تعاملاتهم المختلفة، وأكد الدين الإسلامي الحنيف على أهمية هذه المشاركات والشركات، ولكن وفقا للقوانين الإسلامية التي فرضها الله عز وجل

وعندما دخلت العديد من الجنسيات المختلفة في الدين الإسلامي الحنيف وتم انتشاره في شتى أنحاء العالم  فصل علماء الدين الإسلامي أنواع الشركات وشروطها وجواز التعامل بها من خلال شروط معينة ، ومن أهم تلك الشروط تراضي الشركاء فيما بينهما واتفاقهما ، واختلف العلماء في جواز بعض الشركات وتحريم الأخرى ، حيث استدل كل فريق بدليل على الجواز أو التحريم ، وتقوم تلك الأنواع من الشركات في الأصل على فتح المجالات المتعددة في تعاملات الناس فيما بينهم وتنوع طرق الكسب الذي أتاحه الله تبارك وتعالى ، وذلك عن طريق المتاجرة وعدم ترك الأموال هكذا دون منفعة تعود على صاحبها . 

تعمل الشركات على توفير فرص عمل للكثير من الشباب، وتعمل أيضًا على مصلحة الأفراد والمجتمعات بشكل عام، وتسعى للابتعاد عن الكسب الذي حرمه الله تبارك وتعالى، وتعمل على توفير الخدمات والمنتجات بجودة عالية وأسعار معقولة، وتسعى لتحقيق الربحية بشكل مسؤول ومن خلال الممارسات الأخلاقية .

معنى شركة العنان

اكتشف العلماء شركة العنان اللغوية وسموها بذلك لأنها مشتقة من عن يعن بكسر العين ويعن بضم العين. وفي اللغة، يستخدم مصطلح العنان بكسر العين للإشارة إلى السيطرة على اللجام. أما في مفهوم العلماء، فإن العنان يشير إلى مشاركة اثنين في ملكية معينة، بهدف القيام بالتجارة وتقسيم الأرباح نسبة لحصصهما في المال، ولا يشترط توزيع الأرباح بالتساوي .

يتفق هذا التعريف مع شركة العنان لأئمة الأحناف، حيث اتفق الأئمة الأربعة (المالكية والشافعية والحنابلة) على تعريف شركة العنان بهذا التعريف .

حكم شركة العنان

اتفق علماء المسلمين على جواز المعاملة بشركة العنان مستدلين بحديث سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” إن الله تعالى يقول أنا ثالث الشريكين مالم يخن أحدهما صاحبه ، فإن خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما “، وذلك الحديث دليل على جواز التعامل بشركة العنان بشرط عدم خيانة أحد الطرفين للآخر .

شركة الابدان

اتّفق العلماء المسلمون على تعريف شركة الأبدان بأنّها اختيار شريكين لأحد الأعمال، بهدف الربح من هذا العمل وتقسيم الأرباح بين الشّريكين، مثل اختيار مهنة الخياطة أو الصّناعة أو أي عمل آخر مشروع شرعه الله عزّ وجل للمسلمين .

لم يشترط العلماء أن يكون لدى الشركاء نفس الوظيفة قبل الشراكة، مثل شراكة بين نجارين أو حدائد، بل يمكن أيضًا أن تكون الشراكة بين شخصين أو أكثر في مجالات مختلفة، مثل شراكة بين نجار وصائغ، ويُطلق على هذا النوع من الشراكات اسم “شركة الأبدان” أو “شركة الأعمال” أو “شركة الصناعات .

وتم ذكر هذا النوع من الشركات في كتاب الروضة الندية، وتشير الأسماء المستخدمة لهذه الشركات مثل العنان والأبدان والمفاوضة والوجوه إلى مصطلحات حديثة، ولا يوجد ما يمنع شراكة رجلين عن طريق شراكة المال على سبيل المثال، ويطلق على هذا النوع من التعامل اسم شركة المفاوضة، شرط أن لا يكونا في تجارة محرمة مثل الخمر أو تجارة لحم الخنزير .

وقد تتم المشاركة عن طريق الإيجاب والقبول دون وجود عقد إذا اتفق الشريكين على ذلك ،  وقد تتم الشراكة مقابل شراء أحد الأطراف شيء عيني من الأشياء التي تخص الشركة مثل معدات تصنيع أو غيرها مما يتطلبه العمل في الشركة ، على أن يكون لكل واحد منهما نصيب في هذا الأمر ، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يتعاملون بذلك النوع من الشركات في أيام النبوة على أن يتم إدارة هذه الشركة من خلال أحد الشريكين ، وفي ذلك الأنواع من الشركات يشترط توفر شرط الإيجاب والقبول من قبل الطرفين .

مشروعية شركة الابدان

وافق الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد بن حنبل والإمام مالك على جواز التعامل مع شركة الأبدان، واستدلوا بما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سيدنا عمار وسعد وابن مسعود. حينما جاء سيدنا سعد برجلين تم أسرهما في إحدى الغزوات ولم يأت بشيء. لذا استند الأئمة إلى فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لجواز التعامل مع شركة الأبدان .

لكن الإمام الشافعي لم يجيز التعامل بهذا النوع من الشراكات، ودليله بعدم جواز التعامل بهذه الشركة هو أن الشركة، من وجهة نظر الإمام الشافعي، تستند إلى شراكة المال وليس الأعمال، كما يرى الإمام الشافعي أن أعمال المشاركة يجب أن تكون معلومة وواضحة وليست مجهولة

الفرق بين شركة العنان والابدان

يتضح من ذلك أن الفرق الرئيسي بين شركات العنان وشركات الأبدان هو أن شركة العنان تشكل شراكة بمبلغ مالي محدد، أما شركة الأبدان فتشكل شراكة في المعدات أو الأصول غير المالية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى