ادب

الفرق بين الكتابة في العصر العباسي والعصر الأموي

الفروق بين الكتابة في العصر العباسي والعصر الأموي

الكتابة هي واحدة من أسمى فنون الحياة، حيث يحظى الكتاب في جميع العصور بمكانة مرموقة، وكان لأصحاب الرأي، سواءً كانوا سياسيين أو نقادًا أو فنانين، دور كبير في تاريخ الكتابة. ربما كانت العصور القديمة أكثر حظًا بالمؤلفين العظماء والكتاب العباقرة الذين نقشوا أسمائهم بأحرف من ذهب على جدران التاريخ.

تعرف الدولة الأموية، والدولة العباسية بالحضارة والثقافة، حيث بدت في كلا العصرين مظاهر الفخامة والبزغ والغنى، إذ أن كل دولة ظهر فيها شكل معين للكتابة، واختص كل عصر منهم بشكل جديد من الفنون، ولكي يمكن التعرف على الفرق بين الدولة العباسية والدولة الاموية.
– يجب فهم خصائص الكتابة في كل عصر.

الكتابة في العصر العباسي

يعرف العصر العباسي، بأنه أكثر العصور تقدم وتطور في الكتابة والشعر والنثر، حيث أزدهر إزدهار مبهر، فكان للكتاب مكانة كبيرة حيث كان الحكام يأخذون بأرائهم في كل كبيرة وصغيرة، وكانوا يمنحوهم سلطان مميزة، ومراكز كبرى، لأنهم على علم ودراية بأن أصحاب القلم هم أكثر الناس علماً، ولا سيما أن الكتابة علم وفن لا مثيل لها، لأن يجب أن يكون وراء الكاتب فكر ينبع منه أفكاره، وحكمة تنسج سطوره وتنظمها نظماً.

في العصر العباسي، كان الوزير يختار من بين فئة الكتاب من يتولى مناصب مساعدي الوزير ليساعده في اتخاذ القرارات، وكان للكتاب العديد من الاختصاصات التي تمثلت في:

كانت كتابة رسائل الملوك من اختصاص تراجمة الملوك، حيث كانوا يقومون بكتابة الرسائل وصياغتها بما يحتويها من ما يرغب الملوك في نقله لنظرائهم، وكان لهم دور كبير في هذا المجال.

كان لكاتب الخراج مهمة مختلفة، حيث كان مسؤولًا عن تنظيم الخراج ومتابعة أموال الدولة.

  • كان من مهامهم في كتابة الكتب كتابة أسماء الجنود وتسجيل خصائصهم وسلوكهم، كي يتمكن السلاطين من متابعة أدائهم وتعيينهم في المناصب التي يستحقونها.
  • لقد كان للكتابة في العصر العباسي تأثيرًا كبيرًا، فكان الكتاب مصدرًا للوعي ونشرًا للقافية، وكان لكل منهما أثره الكبير، وخاصة أن الكتاب كانوا قدوة للناس حولهم، فكانوا يأخذونهم كنموذجٍ يحتذون به.
  • كان الكتاب في العصر العباسي يتمتعون بمعرفة واسعة وقدرة على الإقناع، وذلك لأنهم كانوا يهتمون بمشاكل الناس وما يجري بينهم، وكانوا متعلمين بشكل جيد.
  • كان الكتاب الأكثر شهرة في ذلك الوقت هو كتاب الشعر والنثر، نظرًا لأنه كان أعظم فنون تلك العصور، وكان هاك جهابز مثل المتنبي في كتابة الشعر، وكان لكتاب الشعر مكانة عظيمة، خاصةً إذا كانوا يمدحون الحكام كثيرًا.

كيف كانت الكتابة في العصر العباسي

كانت للكتابة في العصر العباسي مجموعة من الأغراض، سواء في النثر أو الشعر، أو في الكتب والمؤلفات، وتتمثل تلك الأغراض في:

  • المدح

تعتمد الكتابة بشكل عام والشعر بشكل خاص على المدح للتقرب من الحكام والدفاع عن الآراء السياسية، وكان الأدب في العصر العباسي يتجاوز دوره كوسيلة للترفيه والتسلية إلى حالة من الوصف وتحقيق الأهداف.

تلتزم الشعراء والأدباء في العصر العباسي بأعلى المعايير في الكتابة، ولم يمتدحوا أحدًا حتى وصلوا إلى الإفراط، إذ كان كل منهم يشعر بالمسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقه، ولذلك كانوا يمتدحون كرم وشهامة وشجاعة الحكام.

من بين الشعراء والكتاب المميزين الذين أشادوا بالحكام بما يليق بهم وبأسلوبهم الأدبي المثالي، كان أبو تمام وصف شعره بأنه شعر الملاحم، حيث جمع بين شعر المديح وشعر الحرب، واعتمد على الشعر الحماسي الذي يدعم حب الوطن والانتماء للدولة.

  • الهجاء

أحد أنواع الكتابة في العصر العباسي، وكتب الهجاء شعراً ونثراً، وهو عبارة عن نقد أو تحقير إلى الخصم، ولكن لم يكن للهجاء دور كبير، حيث في العصر العباسي وخاصة بداياته، بدأت القبائل بالاتحاد والتقرب والانصهار، ولم يعد المجال فسيح للهجاء فكانت الدولة تعمل بكل جد من أجل التطور والنهضة، ما كان لا وجود للنسب والتفاخر بالعائلات كما كان متواجد من قبل.

كان يكثر الهجاء بين الكتاب والشعراء أنفسهم حيث كان يبلغ الأدب والشعر أشده، فكانت المنافسة شديدة وقوية، مما استدعى أن يحقر كل منهم الأخر، ويحاول أن يقلل منه، ويستعرض قوة أشعاره من خلال التحقير من الأخر، ومن أمثلة الشعراء الذين هجوا زملائهم، أبو نواس، وابن الرومي والخزاعي وعبد الصمد بن المعذل.

  • الرثاء

كان أحد أنواع الكتابة في العصر العباسي، حيث بدع الشعراء في الرثاء وتوديع الأحبة والسلاطين والحكام، بأكثر الكلمات رقة ورقي، وكان الشعر عميق وقوي  ويثير البكاء والحزن الشديد، فكان يأبن الشعراء المتوفون تأبين يليق بالمتوفى، وسجلت تلك الرثائات في كتب التاريخ ودرست من شدة رقيها.

  • الغزل

كان الغزل في المحبوب من بين أساليب الكتابة المفضلة في العصر العباسي، حيث كان العصر راقيًا وهادئًا في بداياته، وانتشرت الحياة البذخ والترف مما فتح المجال للحب والغزل وكتابة القصائد الناعمة والمميزة.

خصائص الكتابة في العصر العباسي

يوجد العديد من السمات التي كان يتميز بها الكتابة في العصر العباسي، وكان العديد من الكتاب يشتركون فيها، وتتمثل هذه السمات في:

  • تضمنت الكتابة في العصر العباسي جوانب كافة الحياة، حيث كتب الأدباء عن كل ما يحيط بهم، وركزوا على وصف الطبيعة والثمار والحدائق.
  • وصفوا الكتاب المدن والمعمار، حيث وصلت الهندسة المعمارية إلى أشدها، وتوصل المهندسون إلى أقصى درجات التصميم والبناء.
  • ركز الكتاب على الفقراء والعاملين الجادين وصفهم في كتبهم وقصائدهم، وصفوا الخباز ووصفوا العمال والفلاحين والمزارعين وجميع الأشخاص الذين يعملون بجد ومثابرة، بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الكتب التي تحتوي على صور ورسوم لهؤلاء العمال.
  • بفضل الحضارة والتطور، تفوقت الكتابة على الشفهية، وتميزت الأفكار بالنضج والقوة في صياغة الجمل وفي الأبيات الشعرية.
  • اشتهرت الكتابة في العصر العباسي بالإبداع والتميز، إذ كان الكتاب قادرًا بشكل مميز على اختراع المعاني وتوصيل الرؤية بوضوح للقارئ.
  • في العصر العباسي، اعتمد الشعراء على استخدام المباني الشعرية المميزة وتزيين الكلمات، مما جعلها تبدو مزخرفة مثل المنازل والقلاع.

الكتابة في العصر الأموي

في الدولة العباسية، كان الاهتمام موجها نحو الحاضر والمستقبل والصناعة والتجارة والحكام، بينما في الدولة الأموية كانت الكتابة تعنى بمدح الأجداد وذكر النسب والأصل. وكانت الكتابة في العصر العباسي أكثر انتشارا وازدهارا وقوة، بينما اقتصرت في العصر الأموي على بعض الموضوعات، وكانت معظمها رسائل كتابية. ومع تطور الكلمة في العصر العباسي، أصبحت الكتابة أقل حجما مما كانت عليه في العصر الأموي

  • استخدمت الدولة الأموية الرسائل بكثرة وبشكل كبير.
  • كانت المراسلات تحدث أحيانًا بين الدولة والثوار في ذلك العصر بسبب كثرة الحروب والثورات.
  • الكتابة حول الحكام وأولئك الذين يتولون حكم المدن.
  • كانت الكتابة السياسية من بين أنواع الكتابة الشائعة في عصر الدولة الأموية.

خصائص الكتابة في العصر الأموي

تميزت الكتابة في العصر الأموي بالتناحر، حيث كان كل فريق يهجئ الآخر.

  • استخدام السجع في الكتابة يُعَدُّ وسيلة لتجميل الكلام وتزيينه.
  • استخدم الكتاب الصور كوسيلة للتطوير، وقد انتشر استخدامها بكثرة في هذا العصر.
  • يستخدم الكتاب أسلوب الازدواج والتأكيد على المعاني والأغراض بالصور والتسميات.
  • استخدم الكتاب أشكالًا مختلفة من الإيهام والتزوير في الكتابة.
  • التأنق الشديد في اختيار اللفظ والمعنى.
  • يستخدم الكتاب والشعراء في كتاباتهم الطباق والتشبيه الذي يعتمد على التوازن لجعل القراء لا يشعرون بالملل أو يشتتون.
  • تمثل قصائد الأمويين سردًا وتوثيقًا للأحداث والحروب التي يشهدها العالم في ذلك الوقت.
  • يتميز الأدب الأموي بتأثره بالمفردات الإسلامية والطابع الغسلامي في كتاباته، حيث تأثروا بشكل كبير بالقرآن الكريم واستخدموا الآيات القرآنية في غالبية مؤلفاتهم.
  • عُرِفَت الأشعار في هذا العصر بالتعصب الشديد.
  • انتشرت الخطابة في العصر الأموي، وهي ما تعرف باسم النثر، حيث كان له النصيب الأكبر من التطور والإزدهار، فبني أميه أبدعوا في كتابة النثر، وتطوروا فيه تطور كبير، والسبب في ذلك انتمائهم الكبير للدين الإسلامي الحنيف، حيث تولوا الدفاع عن الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتوضيح أهداف الدين الإسلامي وغرس تشريعاته بين الناس وفي عقولهم.
  • كانت الكتابة في العصر الأموي ناضجة بما فيه الكفاية، مما جعلهم مميزين بشكل كبير بين صفحات التاريخ، خاصة في علم الخطابة.
  • من بين أبرز خطباء الدولة الأموية، الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي اشتهر بكتاباته المميزة وقوة كلمته وبلاغته الكتابية.
  • يعتبر كتاب كليلة ودمنة لأبن المقفع واحدًا من الكتب الأكثر شهرة في العصر الأموي، ويُعد من بين الكُتّاب المميزين في عصر بني أمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى