هناك العديد من الناس الذين يخلطون بين مفهوم الطغيان، و مفهوم الاستبداد، و ذلك لأن التعريفان متلازمان، و يتم استخدامهم بشكل مستمر مع بعضهم البعض، خاصةً أن معظم الكتب السياسية تقوم باستخدام التعريفين أيضاً، مما جعل بعض الناس في حيرة، و بالرغم من ذلك فهناك فرق كبير بين التعريفين .
معنى الطغيان
قبل تعريف العديد من أشكال الطغيان، يجب أن نشير إلى الكتاب الكريم الذي وصف معنى الطغيان على أنه تجاوز للحدود، ويتم الإشارة إلى ذلك من خلال ورود كلمة “طغى” ومشتقاتها في تسعة وثلاثين موضعًا في القرآن.
يعد الخليل بن أحمد الفراهيدي أحد أوائل من عرفوا معنى الطغيان، وقد قام بتعريفه على أنه كل شيء يتجاوز الحد فهو طاغ، ويتمحور تعريفه حول مفهوم تجاوز الحد، أما ابن فارس فقد قام بتعريف خاص للطغيان يتمثل في كل شخص يتجاوز الحد في العصيان فهو طاغ، ويلاحظ أن ابن فارس ربط التعريف بالعصيان، وعبر ابن شميل عن الطاغية وصفها بأنها الشخص المستكبر الأحمق والظالم.
كما هو موجود في بعض القواميس الإنجليزية، يعرف الطغيان بأنه القسوة والاعتداء في استخدام القوة. هنا، يعبر مفهوم الطاغية عن الشخص الذي يتجاوز الحدود ولا يهتم بأفعاله، ويقمع الناس ويؤذيهم، وذلك بسبب تكبره وتعاليه عليهم وظلمهم دون أي شعور بالخطأ. إذا نظرنا إلى التاريخ، نجد أن العرب استخدموا كلمة الطاغوت للدلالة على الشخص الذي يتجاوز حدوده ويتصف بالعنجهية والتكبر.
كما أن الطاغية يظن أنه فوق القانون، فلا يهتم بالقوانين، و هنا نجد جانب جديد للطغيان، و هو جانب مهم جداً هو الجانب السياسي، فيجب ألا يستخدم الراعي مع رعيته الطغيان، و أن يكون ملتزم بالقوانين، ولا يتكبر عليهم و يتعدى حدوده معهم، فإذا كان من يتولى شئون الناس طاغية، فسوف نجد أنه يقف أمام كل رأي مخالف و معارض له، و أنه يرى الجميع عبيده .
معنى الاستبداد
قام العديد من الناس بوضع تعريف للاستبداد، منهم تعريف أحد أهم علماء الأمة في العصر الحديث، و هو العالم عبد الرحمن الكواكبي، الذي قام بتعريف الاستبداد على أنه غرور المرء برأيه، و الاستقلال بالرأي و في الحقوق المشتركة، و هذا العالم لم يكتفي بوضع هذا التعريف فقط، بل قام بوضع كتاب اسمه طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد.
و قام بعدة تعريفات أخرى مهمة للاستبداد، منها تعريفه للحكومة المستبدة، و هي التي تتصرف في شئون الرعية كما تشاء، بلا خشية حساب ولا عقاب محققين، و أضاف تعريف آخر من أهم التعريفات الموجودة، و هو تعريف الاستبداد عند السياسيين، هو تصرف فرد أو جمع في حقوق قوم بالمشيئة و بلا خوف تبعة، و قد قال أن أكثر الاستبداد الموجود و المؤذي، هو استبداد حكومة الفرد المطلق.
يمكننا أن نجد أيضا تعريفا آخر لمصطلح الاستبداد في قاموس لسان العرب، حيث يعرفه بأنه الاحتكار الشخصي بدون مشاركة الآخرين، وكذلك في قاموس المنجد حيث يعرفه بأنه السيطرة الكاملة والتصرف بشكل مطلق دون إمكانية الاعتراض، ويعرف أيضا كالتعسف والتحكم .
الفرق بين الطغيان و الاستبداد
بعد أن عرفنا تعريف كل منهما و أن كل تعريف مختلف عن الآخر، نقول أن الاستبداد هو أن يكون الحاكم له قانون خاص به، و يرفض التعامل بغيره، فيكون هناك سلطة خاصة به، و قد يكون استمد شرعيته من تاريخ من قبله، أما الطغيان فهو اتباع الأهواء و الظلم، و يحطم الطاغية القوانين و يخالفها، ولا يكون لديه أي شرعية للحكم، و يحاول وضع نظام قانوني يختلف مع نظام الدولة، و الفرق هنا أن الطغيان يكون فيه الشخص خادع، و يستخدم العنف في أساليبه .