الفرق بين الحب والهوس في علم النفس
لا يرغب أحد منا في الاعتراف بأنه مهووس بأي شيء أو شخص، لأن الهوس يدل على وجود حالة خطرة وضارة، ولكن في الواقع، فنحن جميعا مهووسون بشيء ما، بعضنا بالملابس والبعض الآخر بالطعام أو السفر أو أي شيء آخر. يجب علينا فهم أن الهوس ليس شيئا إيجابيا على الإطلاق، حتى إذا كان الهوس يدفعنا لمساعدة العالم أو نشر الحب، فإن الاعتدال والوسطية هما الطريقة الأفضل للعيش بشكل أفضل والحفاظ على توازن حياتنا، بما في ذلك الطعام والمال والحب وغيرها، وإذا تجاوزنا حد الهوس في أي شيء فسنفقد التوازن الدقيق داخل عقولنا .
في علم النفس، يختلف الحب عن الهوس
يتم تقسيم أدمغتنا إلى أقسام، إنها مثل مدرسة بها العديد من الفصول الدراسية، كل فصل يختص بدراسة مجال واحد، ولكن يوجد بينهم انسجام بحيث لا أحد يتداخل مع موضوع آخر، ولكن عندما يحضر جميع طلاب تلك المدرسة فقط صف الرياضيات ولا يهتم أحد بباقي المجالات، يتم التخلي عن المواد الأخرى، وينطبق هذا المبدأ بسهولة على الفصول الدراسية داخل الدماغ، إذا كان هناك من يركز فقط على شخص يحبه في النهار والليل، فهو يجعل جميع الخلايا العصبية في دماغه تذهب إلى هذا الجزء من التفكير فقط، وبمرور الوقت تشكل الخلايا العصبية روابط وتقيم علاقات وتتكاثر في العدد، لذا كلما كان الشخص عالقا في التفكير في شريكه السابق، كلما استحوذ عليه أكثر، وكلما قام دماغه بتثبيت هذا الشخص بشكل دائم بداخلها .
يفضل توزيع الخلايا العصبية في الدماغ بشكل متساو بين العمل والأسرة والحب والحياة الاجتماعية والرعاية الذاتية، حيث لا ينبغي للأفكار أن تتجمع في جانب واحد من الدماغ كما يحدث مع الطلاب المجتمعين في صف واحد .
معنى الهوس
هذا ما يحدث عندما نصبح مهووسين بشخص ما، وكلمة `هوس` تعني بالإنجليزية `obsess`، وتأتي من الفعل اللاتيني `obsidere`، وهو ما يعني `احتلال`، أي الشخص الذي يحتل بشكل مجازي عقولنا، ويصبح هذا الشخص القلق الرئيسي الذي يدور في ذهننا، على الرغم من أننا قد نعيش حياة طبيعية تماما، إلا أن الحياة التي نحن مهووسين بها ستظهر باستمرار في أفكارنا، وقد يفكر أحدنا في شخص ما طوال اليوم دون أن ندرك أننا مهووسون بهذا الشكل .
ومن السهل للغاية أن يصبح المرء مهووسا بشخص ما، مثل حينما تنتهي العلاقة فجأة أو عندما تصل العلاقة إلى نهايتها قبل أن نكون مستعدين لتركها، وقد يؤدي ذلك إلى تكبد خسائر نفسية حقيقية. عندما ينتهي أي فصل من حياتنا قبل أن نكون مستعدين، نشهد صراعا في التخلص منه، ويعوق الهوس أيضا تطور الشخصية والتفوق. فمن غير الممكن أن نحصل على كل ما نحتاجه في الحياة من شخص آخر، وإذا حاول أحد فعل ذلك، فسوف يكبح الشخص الآخر ويشعر بالاعتمادية والتوتر، وهذه جميعها نتائج سلبية سواء بالنسبة للمهووس أو للشخص الذي يتعامل معه .
الذهاب إلى العيادات النفسية
يتوجه عدد كبير من الأشخاص الذين يعانون من الهوس بشخص آخر إلى العيادات النفسية للحصول على المساعدة في التخلص من الشخص الذي لا يستطيعون نسيانه، مثل النساء المغرمات بأزواج نساء آخريات، أو الرجال الذين لا يستطيعون التوقف عن التفكير في شريكتهم السابقة، أو حتى النساء اللاتي يواعدن رجالا يواعدون ثلاث نساء آخريات، ولكنهم لا يستطيعون التخلي عن ذلك. العنصر المشترك بين هذه الأمثلة هو الهوس بشخص لا يمكنهم الحصول عليه، وهذا هو العامل المحفز للهوس. هذا هو بالضبط ما يجعل شخصا ما مرتبطا تماما بشريك سابق، أو زوج لشخص آخر، أو صديق مبعثر يظهر فقط في بعض الأحيان .
ويخبرنا تيري أوربوتش – الذي أعطى نصائح حول كيفية اكتشاف هاجس غير صحي – أننا نميل إلى التحول إلى مهووسين عندما نتعامل مع ذواتنا، فهو يعتقد أن الشخص في بعض الأحيان يحتاج إلى الآخرين لتحديد هويته، ليعرف من هو ؟ لذلك أعتقد أنه إذا كان الناس يشعرون بعدم الأمان، فإنهم ليس لديهم الثقة في أنفسهم، ومن ثم فإن هذا الشخص أو هذه العلاقة تشغل ذلك الفراغ أو هذه المشكلة، لذلك إذا كان الشخص لا يشعر بالرضا عن نفسه، سيستخدم صديق ليخبره كم هو شخص جيد، شخص جميل، شخص ذكي، ويرى تيري أنه في كثير من الأحيان يحدث ذلك لأننا أصبحنا نعتمد على الآخرين لتحديد شخصيتنا وصفاتنا .
الحب والهوس
هل الحب هو الهوس ؟ بالتأكيد لا، فمن وجهة نظر علم النفس : عندما يحب أحد شخص ما، فهذا شيء أساسي في الحياة وصحي وطبيعي، ويمكن أن نكون مفتونين بشريكنا دون عبور الخط إلى مرحلة الهوس، وهذا شيء صحي وجميل، فعندما لا يحبنا الشخص الذي نريده، فالعمل الذي يتعين علينا القيام به واضح، فلقد حان الوقت للاستغناء عن هذا الشخص، وهذا هو الحب الطبيعي، أما إذا بالغنا في مشاعرنا، ولم نستطع ترك الطرف الآخر مهما فعل، ومهما قام بأذيتنا عاطفيا، فهذا هو الهوس .