الفرق بين الجوارح والجوانح
أنعم الله علينا بالكثير من الأشياء والنعم التي تميزنا عن غيرنا من المخلوقات، تميزنا بالعقل والإدراك، ومن بين النعم التي يجب علينا أن نشكر الله عليها هي نعمة الجوارح. وقد قال في كتابه العزيز في سورة النحل: “وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ۗ إن الإنسان لظلوم كفار.” فحقا، لا يمكن للإنسان أن يحصي نعمه.
تعددت تلك النعم حتى يمكن للإنسان أداء الأعمال الصالحة باستخدامها، وعلينا أن نستخدمها فيما أمرنا به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، سيدنا محمد متمم للأخلاق الحميدة، حيث لم يغفل رسولنا الكريم عن ذكر تلك الأعضاء في حديث قدسي، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، فإنه لا محالة أن يدركه، فزنا العين النظر، وزنا اللسان الكلام، والنفس الشهوة والتمني، والفرج يصدق ذلك كله ويكذبه).
حقيقة شكر الله على الجوارح أن نستعملها في
حقيقة أن نشكر الله على الجوارح هي استخدامها في طاعة الله تعالى، فهي نعمة من الله ويجب عدم استخدامها في أي شيء يعصى المولى تعالى، ويجب توخي الحذر في استخدام الجوارح.
ما هي الجوارح
الجوارح البشرية هي العين، والأذن، والفم، واللسان، والفرج، واليد، والرجل. إنها سفن العطب والنجاة، فمن خلال الإهمال وعدم الاهتمام بالجوارح يحدث العطب، ومن خلال الحفاظ عليها واحترامها يأتي النجاة. فالحفاظ على الجوارح هو أساس كل خير، بينما الإهمال هو أساس كل شر، كما قال الله تعالى في سورة النور: `قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم`. يتعلق الحديث عن الجوارح بشكل خاص بالعين، حيث نسمع دائما المثل الشائع `العين عليها حارس`.
هذا الوصف يشير إلى أهمية الحواس وضرورتها، وعندما نرى شخصا يفتقد هذه النعمة، نشعر بحزن شديد لفقدانه شيئا ثمينا لا يمكن استبداله. إن نعمة البصر هي واحدة من أعظم النعم، وعندما يستخدم الفرد بصره في طاعة الله، يصبح سلاحا قويا يؤثر على القلب، وقد يقتله إذا استخدمه في ما يغضب الله. لذا، الحفاظ على هذه الحساة يعني أن تمتنع عن النظر إلى المحرمات والعورات، وتحذر من الشاشات والشوارع والأشياء المثيرة التي تجتذب الأنظار، وقد أمر الله عباده بأن يحجبوا أبصارهم عن ما حرم عليهم، وأن ينظروا فقط إلى ما أباحتهم الشريعة، وأن يحموا أعينهم من المحظورات.
جارحة الأذن
نشكر الله دائما على نعمه المتعددة والتي ميزنا بها. فنعمة السمع من النعم العظيمة. فبالسمع تدرك الأمور وتميز الأصوات وتسمع العلوم وتحفظ ما تعلمت وتدرك الشر من الخير. فلابد من حفظ هذه الجارحة وشكرها، لأنك ستسأل يوم القيامة عنها. قال تعالى: “إن السمع والبصر والفؤاد كل أولٰئك كان عنه مسئولا.” فلا تسمع ما يغضب الرحمٰن من كفر وسب وغناء وألحان. لا تسمع لدعاة الضلال والأهواء، لا تسمع القبيح من الكلام من غيبة وكذب وبهتان. ومن شدة أهمية السمع والبصر، فقد اختلف العلماء المسلمون في المفاضلة بين السمع والبصر. فذهب عدد كبير من العلماء إلى تفضيل السمع على البصر وحشد في ذلك العديد من الأدلة، وذهب فريق منهم إلى تقديم البصر على السمع.
جارحة اللسان
يقول البعض حكمة بالغه الأثر وهي “لسانك حصانك ان صنته صانك”، وهنا ندرك الأهمية البالغة لقيمة اللسان الواردة أنه يذكر طيب الكلام أو الخبيث منه فتلك المضغة الصغيرة التي أنعم الله بها علينا ، بها ينطق الإنسان ويخاطب غيره و يعرف ما يريد ، وبها يتذوق الأشياء فيعرف طعمها ويميزه ، فقال الله تعالى “أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ – وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ – وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ “، واللسان رغم صغره فهو أخطر جارحة في الإنسان لذلك أخبر صلى الله عليه وسلم محذرًا منه قائلا لمعاذ: ” ألا أخبرك بملاك ذلك كله ” قلت : بلى يا نبي الله ، فأخذ بلسانه فقال : ” كف عليك هذا فقلت : يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به قال : ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم – إلا حصائد ألسنتهم.
جارحة الفم
تلك الجارحة علينا إدراك أن الحيوان لا يستخدمها سوى في تناول الطعام أما عندما ميزنا الله عن غيرنا فهنا المسؤولية التي تحتم علينا حفظ هذه الجارحة بأن لا تدخل فمك ما حرم الله عليك من المأكل والمشرب ، كالخبائث المسكرات الخمر و الدخان وجميع المخدرات ، فإنك محاسب على كل ما تدخله في فمك وجوفك ، فلا تأكل ولا تشرب إلا حلالا طيبًا.
جارحة الفرج
جعل الله تعالى في خلقه غرائز وخلقهم ذكورًا وإناثا وأمر سبحانه بحفظ النسل بحفظ الفرج بالبعد عن الزنا، والسفاح والبغاء ، وكذلك حرم الشذوذ الجنسي من لواط وسحاق و استمناء قال تعالى في كتابه العزيز “قد أفلح المؤمنون ، الذين هم في صلاتهم خاشعون ، والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون”، وجعل الله الثواب لمن أحسن التصرف والعقاب لمن خالف الشريعة المنوط بها ، ومن لم يحفظ هذه الجارحة فهو متوعد بالنار.
جارحة اليد
جارحة اليد من النعم التي لا يستغني عنها الإنسان فبها يأكل وبها يشرب وبها يقضي حاجته و بها يكد ويعمل وبها يكتب و يخط ، والحمد لله أن فضلنا على كثير من مخلوقاته الأخرى ، فقد قال الله سبحانه وتعالى ” لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم “، ولكن هل شكرنا هذه النعمة باستعمالها فيما يرضي الخالق سبحانه وتعالى؟.
جارحة الرِّجل
ما زلنا نحصي ونعد النعم التي أنعم الله بها علينا، ومن بين هذه النعمة نعمة القدمين التي لا يمكن للإنسان الاستغناء عنها. فباستخدامها يبحث ويسيرون ويحققون احتياجاتهم. لذا يجب أن نشكر هذه النعمة ونستخدمها فقط في ما يرضي ربنا سبحانه وتعالى. لا تسيروا في الأرض بغرور، ولا تسلكوا طريق معصية الله، ولا تستخدم قدمكم لقمع الناس أو ظلمهم. ولا تذهبوا إلى الأماكن المشترك فيها الشرك كالمزارات والأضرحة، أو الأماكن التي يعصى الله فيها كالملاهي والخمارا .
واجعل هذه الجرحة تكون مقبولة لدى الله، وليس الكثير يدرك أنه لديه شفرات تستند عليها، فالشفرات توجد في أعلى الضلوع تحت الأضلاع السفلى، تحت الصدر مثل الضلوع تحت الظهر، وتسمى الشفرات بذلك بسبب اتجاهها نحو القلب. الشفرات القصيرة في الجزء الأمامي من الصدر، وشفرة واحدة؛ الشفرات تكون من الإبل والحيوانات الأخرى على الكتف، وهي تكون في الإنسان الأدنى، وهي كانت قبل الظهر وهي ستة من الجهة اليمنى وثلاثة من الجهة اليسرى. وقد جاءت بمعنى الميل في قوله تعالى: “وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العلي.
ما هي الجَوانح
لم يعرف الكثير أن لديه جوانح يتكأ عليها فتوجد الجوانح في أَوائل الضُّلُوع تحت الترائب مما يلي الصدر، كالضلوع مما يلي الظهر، سميت بذلك لجنوحها على القلب، فالجوانح الضُّلُوع القِصارُ التي في مُقَدَّمِ الصدرِ، والواحدة جانحة؛ الجوانح من البعير والدابة ما وقعت عليه الكتف وهو من الإِنسان الدَّئيُّ، وهي ما كان من قبل الظهر وهي ست ثلاث عن يمينك وثلاث عن شمالك.
ما هو دور الجوانح
في القلب والوجدان تكمن جوانح الانسان فكما قال الله تعالى: يعني قول “فإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله” أن الإنسان يجب أن يتشاور مع قلبه واحساسه الداخلي، مثل الصلاة التي تمثل تسليم القلب لله وحده، ولكن يجب استخدام الأعضاء الحسية في أداء الصلاة، مثل القراءة والركوع والسجود وغيرها من الأجزاء التي يقوم بها الأعضاء الحسية .
يجب علينا أن ندرك تماما معنى التسليم والانقياد والاعتقاد، فكليهما يندرج تحت مفهوم الجوانح. فالجانح هو فعل نفسي أو قوة نفسية، ومعنى كلمة `جنح` يشير إلى الانحياز نحو شيء ما. فالجوانح تعني الميول النفسية، فأفعال الروح والنية والتفكير هي الميول. ومن خلال مراقبة دائمة لنفسك، ستلاحظ الاتجاه الذي يميل إليه عدادك الداخلي وروحك.