حقوق الله عز وجل تشمل الجزية والخراج، وهما قسط زهيد يأخذ من مال الأشخاص القادرين العاقلين سنويا، والجزية تفرض على غير المسلمين الذين يعيشون تحت حماية المسلمين، والخراج هو اجتهاد، ويتم شرح معناهما وتوضيحهما في القرآن الكريم والسنة النبوية .
أولاً : الجزية
تُعد الجزية جزءاً صغيراً من المال يدفعه الأشخاص غير المسلمين الذين يعيشون تحت الحكم الإسلامي، ويتم دفع هذا المبلغ سنوياً، وليس هناك نص قرآني يحدد قيمة المبلغ الذي يجب دفعه كجزية، بل يترك لتقدير ورأي الحاكم في ذلك .
تفرض الجزية على القادرين العاقلين من غير المسلمين، وإذا كانوا غير قادرين أو فقراء، تسقط الجزية عنهم تماما. قال الله تعالى: `لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما تاه سيجعل الله بعد عسر يسرا`. وعلى الحاكم أن يأخذ بعين الاعتبار قيمة الجزية ولا يفرض على المدفوعين مبالغ كبيرة، ويجب أن يراعى في ذلك مصلحة الأمة وكيانه .
قد حدد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قيمة الجزية بمقدار 24 درهما على متوسط دخل غير المسلمين. وفرض على الميسورين جزية بقيمة 48 درهما، وعلى الفقراء والطبقة الدنيا فرض عليهم جزية بقيمة 12 درهما فقط .
وتعد الجزية شكلا من أشكال الضريبة الموجودة في عصرنا الحالي، بل هي سابقتها، وقد قدم عمر رضي الله عنه شكل التفاوت الضريبي لتصبح تعاليم الإسلام وتشريعاته هي السابقة والرائدة في تعليم العالم كله أصول التشريع والقانون. قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم `خذ من كل حالم دينارا` وقد قال صلى الله عليه وسلم ذلك لأن الفقر كان منتشرا بين أهل الذمة بشكل كبير .
يتوجب دفع الجزية تنفيذا لقوله تعالى: `قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون`. والصغار هنا يعني التسليم والخضوع وإلقاء السلاح أمام الحكم الإسلامي. تتوقف الجزية عند حدوث الإسلام، أي عندما يعلن أهل الذمة أو غير المسلمين اعتناق الإسلام .
ثانياً : الخراج
الخراج هو ضريبة مالية تفرضها الحكومة على الأراضي أو البلدان التابعة للحكم الإسلامي، ويمكن جمعها بعدة طرق مختلفة. على سبيل المثال، يمكن أخذ جزء من المحاصيل والزراعات التي تنتجها الأرض واستخدامها لميزانية الدولة. كما يمكن جمع الخراج بناء على مقدار المحصول الذي تنتجه الأرض. تفرض الخراج على المسلمين وغير المسلمين .
ثالثا : الفرق بين الجزية والخراج
1- الجزية تسقط بالإسلام أما الخراج لا يعفي الذمي من دفعه أبداً .
2- وفقا لمذهب الأئمة الأربعة، إذا كان الزمي يحافظ على دينه الأصلي، فإنه يدفع العشر أو النصف من إنتاج أرضه، بالإضافة إلى ما يدفعه من خراج عنقها .
الخراج الذي شرعه الإسلام منذ آلاف السنين يعتبر الشكل الراهن للريبة العقارية .
رابعاً : شرح وجهة نظر الإسلام في فرض الجزية
هناك العديد من الأشخاص يرون أن الإسلام كان متعسفاً في فرض الجزية لكن هذا الرأي يعد رأياً سطحيا للغاية لأنهم لو تعمقوا في الهدف من فرض الجزية لوجدوا أن الإسلام أنصف أهل الذمة انصافاً كاملاً لأنه فرض عليهم مبلغاً زهيدا للغاية مقابل حمايتهم والحفاظ على أمنهم وسلامتهم، في حين أنه فرض الخدمة العسكرية على المسلمين وعفى غير المسلمين منها نهائياً .
دولة الإسلام هي دولة عقائدية “أيديولوجية”، أي أنها تقوم على فكرة ومبدأ محددين، وبالتالي فهي لا تسمح لأي شخص لا يعتنق الإسلام أو لا يؤمن بصحة العقيدة وسلامة الفكرة بالقتال دفاعًا عنها .