الفرق بين الاعتكاف والخلوة
الاعتكاف: البقاء في المسجد لغرض التفرغ للتعبد وإصلاح النفس والتقرب إلى الله هو من الأمور المشروعة في الإسلام، وظهرت منذ بداية الإسلام حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم “لا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها”، وكذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون.
الاعتكاف يعتبر من السنن، حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتكف في رمضان. وقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: `إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكفت أزواجه من بعده`. والاعتكاف سنة وليس فرضا، إلا إذا نذر الإنسان الاعتكاف. وقد ورد أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: `كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام؟` فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: `أوف بنذرك`. وهذا ما ورد في صحيح البخاري.
ويمكن الاعتكاف ببعض الشروط، وهي أن يكون الاعتكاف لوجه الله ولا يكون للتباهي أو الافتخار، ولا لكي يعتبره الناس رجلا صالحا، وعدم الانشغال بالحديث مع الآخرين عن التعبد، وهو من السنن التي تهمل. قال الإمام الزهري: (مذهل أمر المسلمين! تركوا الاعتكاف، في حين لم يتركه النبي صلى الله عليه وسلم منذ قدومه إلى المدينة حتى وفاته).
يتمتع الاعتكاف بالعديد من الفوائد، حيث يبعد بين المسلم والنار، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من اعتكف يومًا ابتغاء وجه الله، جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق، أبعدهما بين الخافقين)
– ولم يظهر الاعتكاف في الاسلام ولكنه ظهر في الامم السابقة والشرائع السابقة حيث قال الله تعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)، كما كانت السيدة مريم تعتكف في محرابها حيث قال الله تعالى (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا).
الخلوة: الخلوة هي العزلة المؤقتة للتفكير والتعبد والتوبة ومراجعة النفس، ويمكن أن تكون في أي مكان، وليس شرطا أن تكون في المسجد. وهي فرصة للوقوف مع النفس للنقد والإصلاح، وكثير من الأنبياء والحكماء يمارسون هذه العادة. وقد وصف الإمام النووي الخلوة بأنها “شأن الصالحين وعباد الله العارفين.
تتميز الخلوة بالعديد من الفوائد، فهي تمنح الشعور بالراحة والحرية، وتشحن الطاقة، وتحسن المزاج، وتخلق التوازن النفسي، وتمنح الفرصة للتقرب إلى الله. وتشير الدراسات العلمية إلى أن الخلوة مع النفس لفترة من الوقت تحمل العديد من الفوائد الصحية والنفسية.
– الخلوة هي أحد اللحظات الصادقة في حياة الانسان وتتيح الحديث مع النفس ومحاسبتها، وتعد الخلوة من الأمور التي كان يقوم بها النبي قبل البعثة النبوية، حيث كان يذهب في خلوة في غار حراء، كما أمر الله تعالى سيدنا زكريا أن يختلي نفسه وألا يكلم الناس ثلاثة أيام حيث قال تعالى (قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ).
الفرق بين الاعتكاف والخلوة:
رغم أن الاعتكاف والخلوة هما الابتعاد عن الناس من أجل التعبد، إلا أن هناك بعض الاختلافات بينهما، ولذلك لا يتم استخدام مصطلح الخلوة بدلاً من مصطلح الاعتكاف.
لا يجب على المعتكف أن يكون وحيدًا وأن يعيش في عزلة، بل يعتكف في المسجد ويتعامل مع الآخرين، بينما في الخلوة يجب أن يكون الشخص بمفرده وأن لا يتحدث مع أي شخص آخر.
يمكن أن تتم الخلوة في المسجد أو في مكان آخر غير المسجد، بينما يجب أن يتم الاعتكاف في المسجد، ويكون الاعتكاف من أجل العبادة والتقرب من الله، بينما هناك العديد من الأهداف التي تدعو إلى الخلوة.