علم الإحصاء هو أحد أهم العلوم التي عرفتها البشرية، فمع التقدم السريع الذي يعيشه العالم بالوقت الحالي، احتاج الإنسان إلى التعرف على نتائج الإحصائيات النهائية بدلًا من الاطلاع في كل مرة على سلسلة لا حصر لها من الأرقام، وعقد مقارنات فيما بينها حتى الوصول إلى استنتاجات واضحة، ويعتبر الفرق بين الإحصاء الوصفي والاستدلالي أحد الفروق التي يبحث عنها الكثيرين، ممن يفتقرون إلى المعرفة بمجالات الإحصاء المتعددة، تلك الفئة التي ترغب في التعرف على العلم بشكل كامل.
تعريف علم الإحصاء
علم الإحصاء (بالإنجليزية: الإحصاءات هي شكل من أشكال التحليل الرياضي، الذي يستخدم النماذج الكمية والتمثيلات الرياضية والمقتطفات المتعددة لمجموعة من البيانات التجريبية والدراسات الواقعية، إذ تدرس الإحصاءات منهجيات لجمع ومراجعة وتحليل واستخلاص النتائج من البيانات.
الجدير بالذكر أن علم الإحصاء يمثل الصندوق الجامع للأدوات، ذلك الصندوق الذي يجمع مجموعة متفرقة من البيانات والمعلومات، ويلخصها لكي تصبح في النهاية استنتاجات واقعية لمجموعة البيانات المتوفرة، على نفس السياق نجد أن علم الإحصاء ليس مجرد علمًا تكميليًا، بل هو أحد العلوم الرئيسية للتطور البشري، فكيف للإنسان أن يعرف مدى تقدمه عن الماضي إذ لم يعقد مقارنة بين موارده في الماضي والموارد التي يمتلكها في الحاضر، وهذا بالضبط ما يقوم به علم الإحصاء بفروعه المختلفة.
يتفرع علم الإحصاء إلى عدة أنواع، وتختلف هذه الأنواع في مفهومها عن بعضها البعض، ويتمثل فروع علم الإحصاء فيما يلي:
- الإحصاء الوصفي
- الإحصاء الاستدلالي
مفهوم الإحصاء الوصفي
الإحصاء الوصفي (بالإنجليزية: يشير المصطلح “Descriptive Statistics” إلى مجموعة المعاملات الوصفية الموجزة التي تلخص مجموعة معينة من البيانات، ويمكن أن تكون تمثيلا للمجتمع ككل أو فقط لعينة منه، حيث تقسم الإحصائيات الوصفية إلى مقاييس مسؤولة عن الاتجاه المركزي ومقاييس التقلب أو مقاييس الانتشار والتباين.
تشمل مقاييس الاتجاه المركزي الوسيط والمتوسط والوضع، بينما تشمل مقاييس التباين التباين والانحراف المعياري، بالإضافة إلى تحديد القيمة الدنيا والقيمة القصوى للمتغيرات.
تساعد الإحصائيات الوصفية في وصف مجموعة من الخصائص المميزة، وفهم هذه المجموعة من خلال تقديم ملخصات قصيرة حول العينة ومقاييس البيانات، ويستخدم هذا النوع من الإحصاء لتحليل ووصف كمياتصعبة الفهم عبر مجموعة كبيرة من البيانات، من خلال تحديد صفات صغيرة يسهل فهمها.
مفهوم الإحصاء الاستدلالي
الإحصاء الاستدلالي (بالإنجليزية: الإحصاءات الاستدلالية تستخدم عينة عشوائية من البيانات المأخوذة من مجتمع معين لوصفه أو استنتاج خصائصه. تعتبر الإحصاءات الاستدلالية ذات قيمة عندما لا يكون من الممكن أو المناسب فحص كل فرد في هذا المجتمع. على سبيل المثال، فإن قياس قطر كل مسمار يتم تصنيعه في مصنع ما ليس عمليا على الرغم من أنه ممكن. ولكن بدلا من ذلك، يمكن قياس عينة عشوائية من أقطار المسامير المصنعة داخل هذا المصنع. ويمكن استخدام البيانات المستخلصة من العينة العشوائية للتعميم على أقطار جميع المسامير.
يعتمد عمل الإحصاء الاستدلالي على مجموعة من الفرضيات، بالإضافة إلى التقدير الإحصائي الذي يتم الحصول عليه، ويساعد الإحصاء الاستدلالي الباحثين في الوصول إلى البيانات والمعلومات التي يبحثون عنها بطريقة أسهل وأبسط.
الفرق بين الاحصاء الوصفي والاحصاء الاستدلالي
يختلف الإحصاء الوصفي عن الإحصاء الاستدلالي بشكل كبير، ويمكن توضيح ذلك بشكل أكبر من خلال إجراء مقارنة بينهما.
- الإحصاءات الوصفية: في هذا النوع من الإحصاء، نختار المجموعة التي نريد وصفها، ثم نقيس جميع العينات في هذه المجموعة. ويصف الملخص الإحصائي الذي نحصل عليه لهذه المجموعة بيقين تام خارج خطأ القياس.
- الإحصاءات الاستدلالية: عند القيام بهذا النوع من الإحصاء نحتاج إلى تحديد السكان، من ثم إلى وضع الخطة لأخذ عينات تنتج عينة مثالية، إذ تتضمن النتائج الإحصائية النهائية عدم اليقين في استخدام تلك العينة لفهم مجتمع ما بأكمله، فقط يكون الاعتماد على العينة العشوائية التي يتم الحصول على البيانات الخاصة بها.
- عملية الدراسة: بالرغم من سهولة تنفيذ الدراسة باستخدام الإحصائيات الوصفية، فإن الإحصائيات الاستدلالية ضرورية لتحديد العلاقة بين المتغيرات في مجتمع ما.
- وظيفة الإحصاءات: وظيفة الإحصاء الوصفي تتمثل في وصف وشرح البيانات، وأما وظيفة الإحصاء الاستدلالي فتتمثل في محاولة الوصول إلى النتيجة النهائية للتعرف على المزيد بشأن أمر ما، ويمتد الإحصاء الاستدلالي حتى الوصول إلى المزيد من المعلومات حول البيانات المتاحة.
- الاستخدام: يتم استخدام الإحصاء الوصفي لوصف شيء ما، في حين يتم استخدام الإحصاء الاستدلالي لتوضيح فرص حدوث شيء ما.
- الشكل النهائي للإحصاء: يتمثل الشكل النهائي للإحصاء الاستدلالي في سرد الاحتمالات المكتوبة، في حين يتمثل الشكل النهائي في الإحصاء الوصفي بعرض الرسم البياني والجداول الخاصة بالنتائج النهائية.
- الأهمية: باختصار، يتمثل دور الإحصاء الوصفي في تحليل البيانات المتعلقة بمسألة ما، في حين يقوم الإحصاء الاستدلالي بالتنبؤ بالنتائج.
أهمية استخدام الإحصاء
تتمثل أهمية استخدام علم الإحصاء بفروعه وأنواعه في الآتي:
- يجب تقديم الحقائق بشكل دقيق ومحدد دون الاستناد إلى طرق تقليدية غير فعالة.
- تساعد الإحصاءات على تسهيل عمليات المقارنة، وهذا يعتبر أمرًا هامًا وأساسيًا بالنسبة للاقتصاد الدولي.
- توفر الإحصاءات توجيهات ونصائح لصياغة السياسات الصحيحة، وذلك استنادًا إلى النتائج التي يتم الحصول عليها.
- تساهم الإحصائيات في التنبؤ بالنتائج المترتبة على اتخاذ قرار ما، مما يدعم تقديم الحلول اللازمة لمعالجة الآثار السلبية الناتجة عن هذا القرار.
- تعد الطرق الإحصائية مفيدة في وضع الفرضيات واختبارها بشكل شامل، بهدف تطوير نظريات جديدة تساهم في عملية النمو.
تاريخ علم الإحصاء
تعود أساليب الإحصاء إلى القرن الخامس قبل الميلاد، بينما تظهر أقدم كتابة معروفة عن الإحصاء في كتاب يعود تاريخه إلى القرن التاسع. يعرف هذا الكتاب باسم `مخطوطة فك رموز الرسائل المشفرة`. يقدم أبو يوسف الكندي وصفا مفصلا لاستخدام الإحصاء وتحليل جميع البيانات لفك تشفير الرسائل. كان هذا الكتاب بمثابة ولادة لعلم الإحصاء والتحليل السريري، وفقا للمهندس السعودي إبراهيم القاض.
في القرن الرابع عشر، وتحديدًا في فلورنسا، تم تضمين العديد من المعلومات الإحصائية، والتي تتعلق بالسكان والمراسيم والتجارة والتعليم والمرافق الدينية، وقد كان استخدام الإحصاء في هذا القرن بداية لاستخدام علم الإحصاء بشكل إيجابي على مر التاريخ.
في نفس السياق، تم تحديد أصل الإحصاء في عام 1663 من قبل بعض العلماء. حيث نسب إلى جون جراونت، الذي نشر ملاحظات طبيعية وسياسية حول تقارير الوفيات. كانت التطبيقات الأولية للتفكير الإحصائي تركز على احتياجات الدول في تشكيل السياسات بناء على البيانات الديموغرافية والاقتصادية. ومن هنا جاءت الأسس الإحصائية لاستخدام العلم بشكل شائع.
تم توسيع نطاق نظام الإحصاء في أوائل القرن التاسع عشر ليشمل جمع البيانات وتحليلها بشكل عام، وهذا يعود بالفائدة على الدول والاقتصادات وتنميتها بشكل أكبر مما كانت عليه في السابق.
تم استخدام الإحصائيات عبر التاريخ بهدف تعليم الناس استخدام العينات المحدودة للتوصل إلى استنتاجات دقيقة وذكية حول مجموعة أكبر من الفئات، وهذا يوفر الوقت والجهد. ولا يزال علم الإحصاء يتطور حتى اليوم بهدف الوصول إلى نتائج أكثر دقة.