العوامل المؤثرة في النمو العقلي عند المراهق
العوامل المؤثرة في نمو المراهق عقليا
الفجوة بين الأجيال
تُعتبر فترة المراهقة من الفترات الحرجة في حياة الإنسان حيث يتغير الفرد باستمرار، ولا يزال في هذه المرحلة عفويًا وغير ناضجًا بما يكفي للثبات على رأي معين أو اتخاذ موقف محدد.
لعدة سنوات، أغفل مجتمع البالغين تلك الفترة مسببًا صراعًا مستمرًا بين المجتمع الناضج الذي يُعد الأساس الذييبنى عليه الأجيال ومجتمع المراهقين الذي يسعى للنضج.
عادةً ما يواجه المراهقين حالة من التوتر أثناء تلك الفترة لأنهم يبحثون عن ذاتهم؛ لذلك لا داعي للقلق عند تغيير شكل الشعر أو طريقة التحدث كل فترة؛ وذلك لأنها تتغير طبقًا لمعتقداته ومبادئه المتغيرة باستمرار وهنا تزيد الفجوة بين الجيل المستقر الواعي والجيل الذي لا زال يبحث عن ماهيته.
والجدير بالذكر تأثير عصر تكنولوجيا المعلومات والحواسيب الذكية التي باتت جزء لا يتجزأ من حياة المراهقين التي قد ينظر إليها الجيل الأكبر بدونية، وهنا نرى إن تلك التطورات تؤثر مباشرةً على جيل المراهقين الذين ينظرون إليها من مفهوم التطور المستمر في استعمال المهارات التقنية الجديدة.
خلل الاستقرار العاطفي
تُعد فترة المراهقة إحدى الفترات الصعبة من حيث الاستقرار العاطفي، حيث يتطور المراهق جسديًا وعقليًا وعاطفيًا، ويواجه العديد من التحديات في تلك المرحلة.
يمكن اعتبار الجسم والعقل والعواطف كمثلث متدرج، حيث تؤثر التغيرات الجسدية السريعة بشكل مباشر على القدرات العقلية والعاطفية لدى المراهقين، مما يسبب نموًا عصبيًا يزيد من مستويات التوتر والقلق لديهم.
الوعي الوظيفي
يبدأ الوعي الوظيفي في السنوات الأخيرة من المراهقة، حيث يبدأ القلق بشأن مستقبله المهني ومهنته، ونلاحظ أن المراهق يصل إلى مرحلة التطور المعرفي قبل أن يصبح بالغًا رسميًا، وعادةً ما يؤدي هذا النضج والتطور إلى تأثير إيجابي على الحياة المهنية.
معاملة المراهقين
مع التغيرات النفسية والعقلية والجسدية السريعة التي يخضع لها المراهقون، تحدث فترات من التوتر والحساسية المبالغة تجاه معاملة الآباء والأمهات لهم. يؤدي التعامل القاسي مع المراهقين إلى تشويه طبيعة التطور خلال تلك الفترة.
يوصى بممارسة الأنشطة البدنية التي تساعد على بناء الجسم وتقليل الرغبة الجنسية التي تبدأ في اتخاذ مسار جدي في حياة المراهقين، ويمكن اللجوء إلى الأنشطة الفنية مثل الرسم والأعمال الأدبية التي تساعد على تنمية الشخصية أخلاقيًا ونفسيًا.
العوامل المؤثرة في انفعالات المراهق
تعتمد فترة المراهقة على استراتيجيتين أساسيتين، الأولى تتمثل في التطور الذاتي أو العقلاني، والثانية تتعلق بالتطور غير العقلاني المرتبط بالنفس والمشاعر الغير عقلانية، وتتأثر الصحة العاطفية والانفعالات المراهقة بالعوامل التالية:
تجارب الطفولة المبكرة
بالرغم من إن الكثيرين منا يظن إن العام الأول من حياة الطفل يؤثر فقط في الأب والأم إلا إن تلك الفترة من الفترات المهمة المؤثرة في حياة الطفل التي تبني مشاعرة العاطفية وانفعالاته المستقبلية ولا تنتهي بمرور السنة ولكن تستمر إلى المراهقة حيث يشعر الطفل بالخسائر والأحداث العائلة المتنوعة.
المراهقة والتعليم
يُساهم ارتباط المراهق بالمدرسة والمعلم وأيضًا البيئة المدرسية في التأثير على احترام الذات الذي يلعب دورًا هامًا في الانفعالات والتقليل من الغموض النفسي، وعادةً ما تظهر الضغوطات النفسية والعاطفية في إشارات سلوكية تدل عليها، وهنا نجد إن التفاعلات الاجتماعية الخارجية في المدرسة تؤثر أيضًا مباشرةً على المراهق.
وهنا نجد إن الانفعالات العاطفية تتأثر بعدة عوامل وتظهر في صورة سلوكيات عصبية مثل الانسحاب الدائم، والوحدة، والشعور الدائم بالحزن وقد تظهر أيضًا في سلوكيات جسدية مثل التبول في الفراش، أو العدوانية، والخوف أو الرهاب الاجتماعي الذي يُنبه الآباء والمدرسون إن هناك خللًا ما في طبيعة المراهق، وهنا نجد بعض النصائح للتعامل مع تلك الفترة:
- التواصل الإيجابي: يعتبر الدعم الأسري المتبادل بين المراهق وأفراد عائلته عاملا مهما في خلق عائلة صحية تتأقلم مع الظروف الخارجية، ويزيد من أهمية ذلك تحويل التعليقات السلبية التي تؤثر على ثقة المراهق بنفسه وسلوكه إلى تشجيع وثناء، لذلك يجب تجنب النقد المستمر للمراهقين.
- الثبات المنزلي: يساعد الاستقرار في تقليل رغبة المراهق في الهروب من الواقع وزيادة الغموض النفسي الذي يسبب مشاكل نفسية تظهر في صورة انفعالات مبالغ بها، وفي حين مواجهة أمرا طارئ يهز الكيان المنزلي مثل الطلاق لابد من استمرار الآباء في التواصل مع أولادهم وممارسة الأبوة بشكل طبيعي طبقا لتشريعات قانون الأسرة.
يجب معرفة أن معظم المراهقين بحاجة إلى الدعم النفسي والمودة والاهتمام من الأهل أولًا، حيث يساعد ذلك في تحقيق الاستقرار النفسي بدلاً من تعرضهم لتذبذبات نفسية تؤدي إلى سلوكيات غير مرغوبة.
مظاهر النمو العقلي عند المراهق
يمكن تعريف المراهقة بأنها الفترة الانتقالية التي يتحول فيها الأطفال إلى بالغين فكريًا وجسديًا واجتماعيًا وعقليًا وتناسليًا أيضًا، وبعد الدراسات التي تمت على مدى 25 عامًا، وجد أن الخلايا الدماغية تكون نشطة جدًا خلال فترة المراهقة.
ربما يعتقد البعض أن هذا ينعكس على السلوكيات فقط، ولكن دراسات التصوير بالرنين المغناطيسي أثبتت أن الدوائر العصبية تتغير بشكل كبير من الناحية الهيكلية والوظيفية، ويتم تظهير مظاهر النمو العقلي لدى المراهقين فيما يلي:
التعلم والتكيف
يحاول المراهق في هذه المرحلة تحقيق الاستقرار النفسي، وفي نهاية هذه المرحلة، يفكر بشكل أكبر في الاستقرار في المستقبل، ونلاحظ أن الخلايا العصبية تنشط بشكل كبير وتنتج مهارات التحكم في السلوك وحل المشكلات.
بالتحكم في الانفعالات والسلوك الاجتماعي والجنسي، يمكن تحقيق التواضع الذي يتميز بالنضج وعدم الحاجة إلى لفت الانتباه إلى الذات بشكل مستمر، والذي يعتبر البعض من المراهقين علامة على الضعف.
إمكانية التعبير عن المشاعر
يشمل مصطلح المشاعر جميع العواطف الإنسانية مثل الغضب والتحفيز والخوف والفرح والمتعة، بالإضافة إلى جميع المشاعر الأخرى التي ترتبط بحياة الإنسان وأنواعه والتي تتعلق بالأكل.
يظهر هنا أن معظم المراهقين يجدون صعوبة في فهم مشاعرهم أو مشاعر الآخرين، وعادةً ما يكونون أكثر اندفاعًا عند قراءة المشاعر.
يعكس النمو العقلي القدرة على السيطرة والفهم الصحيح للمشاعر، والتعامل بشكل أفضل مع المشاكل اليومية
الأهداف المستقبلية
يسعى العديد من المراهقين إلى الحصول على مزيد من الاستقلالية والسيطرة في حياتهم، ويعد هذا السلوك إشارةً إلى النضج، حيث يشعر المراهق بالثقة بنفسه أكثر ويخطط لأهداف مستقبلية قصيرة أو طويلة الأمد.
يبدأ أيضًا في الاهتمام بالمشاكل الاجتماعية والسياسية والفلسفية، ويكتسب آراء واضحة بهذه المسائل.
البحث عن الذات
تنشأ مظاهر النمو العقلي بقوة عندما يحاول المراهق التعرف أكثر على ماهيته والسعي إلى الاستقلال الذي لا يُعني البعد عن العائلة بل إمكانية التصرف بمفردة واتخاذ القرارات ورد الفعل الذكي الذي قد يظهر عندما لا يهاجمه أحد يرفض ماهيته، وكثيرًا ما يبحث عن أراؤه وأفكاره التي يُعبر بها عن نفسه.
مهارات الحياة المختلفة
المقصود بالمهارات هنا هو التفاعل الاجتماعي مع الآخرين وبناء شخصية قادرة على اتخاذ القرارات والتعاون وطرح الأسئلة بسهولة بل وإنشاء مدخلات اجتماعية التي من خلالها نرى هوية المراهق التي تُمثل مؤشرًا واضحًا على النضج العقلي، وهنا لابد من تقديم بعض الإرشادات التي تساهم في تكوين قرارات إيجابية وناضجة.