العوامل المؤثرة على أسعار الصرف وسوق الفوركس
بصرف النظر عن عوامل مثل أسعار الفائدة والتضخم، فإن سعر الصرف هو أحد أهم العوامل المحددة لمستوى الصحة الاقتصادية لبلد ما. وتلعب أسعار الصرف دورا حيويا في مستوى تجارة البلد، وهو أمر بالغ الأهمية لمعظم اقتصاد السوق الحر في العالم. ولهذا السبب، تعد أسعار الصرف من بين أكثر التدابير الاقتصادية مراقبة وتحليلا من قبل الحكومة. لكن أسعار الصرف مهمة على نطاق أصغر أيضا، فهي تؤثر على العائد الحقيقي لمحفظة المستثمر في سوق الفوركس. وهنا ننظر إلى بعض القوى الرئيسية وراء حركات سعر الصرف .
نظرة عامة على أسعار الصرف
قبل أن ننظر إلى هذه القوى، يجب أن نوضح كيف تؤثر حركات سعر الصرف على العلاقات التجارية للدولة مع الدول الأخرى، فارتفاع العملة يجعل صادرات البلاد أكثر تكلفة، والواردات أرخص في الأسواق الخارجية، كما أن انخفاض قيمة العملة يجعل صادرات البلاد أرخص، كما أن وارداتها تكون أكثر تكلفة في الأسواق الأجنبية، ويمكن توقع ارتفاع سعر الصرف لخفض ميزان التجارة في البلاد، في حين أن انخفاض سعر الصرف سيزيدها .
محددات أسعار الصرف
تؤثر العديد من العوامل في أسعار الصرف، وترتبط جميعها بالعلاقة التجارية بين البلدين، ويجب أن نتذكر أن أسعار الصرف نسبية وتعبر عنها كمقارنة بين عملتي البلدين، وفيما يلي بعض العوامل الرئيسية لسعر الصرف بين البلدين، ويجب ملاحظة أن هذه العوامل ليست مرتبة بترتيب محدد، مثل العديد من جوانب الاقتصاد، والأهمية النسبية لهذه العوامل تخضع لنقاش كبير .
العوامل التي تؤثر على أسعار الصرف وسوق الفوركس
1- الفرق في التضخم
الاختلاف في معدل التضخم للعملات يؤثر بالضرورة على سوق الفوركس، وعموما، يتضح أن الدول التي تعاني من معدل تضخم أقل تمتلك قيمة عملتها مرتفعة، حيث تزيد قوتها الشرائية مقارنة بالعملات الأخرى. وفي النصف الثاني من القرن العشرين، كانت الدول ذات التضخم المنخفض تشمل اليابان وألمانيا وسويسرا، في حين حققت الولايات المتحدة وكندا معدلات تضخم منخفضة في الفترة الأخيرة فقط. عادة ما تشهد تلك الدول التي تعاني من التضخم الأعلى انخفاضا في قيمة عملتها مقارنة بعملات شركائها التجاريين، ويصاحب ذلك ارتفاعا في أسعار الفائدة .
2- الفرق في أسعار الفائدة
ترتبط أسعار الفائدة والتضخم وأسعار الصرف بشكل وثيق. تستخدم البنوك المركزية نفوذها عبر تلاعب أسعار الفائدة للتأثير على التضخم وأسعار الصرف. كما تؤثر أسعار الفائدة المتغيرة على التضخم وقيمة العملة وبالتالي على سوق الفوركس. تقدم أسعار الفائدة المرتفعة عوائد أعلى للمقرضين في الاقتصاد مقارنة بالبلدان الأخرى. وبالتالي، تجذب معدلات الفائدة الأعلى رؤوس الأموال الأجنبية وتتسبب في ارتفاع سعر الصرف. ومع ذلك، يتم تخفيف تأثير أسعار الفائدة المرتفعة إذا كان التضخم في البلاد أعلى بكثير من التضخم في البلدان الأخرى، أو إذا كانت هناك عوامل إضافية تعمل على خفض قيمة العملة. وبالمثل، يكون هناك تأثير عكسي عند خفض أسعار الفائدة، حيث تميل أسعار الفائدة المنخفضة إلى خفض أسعار الصرف .
3- عجز الحساب الجاري
الحساب الجاري هو ميزان التجارة بين بلد وشركائه التجاريين، ويعكس جميع المدفوعات بين البلدان مقابل السلع والخدمات والفوائد وأرباح الأسهم، ويظهر عجز في الحساب الجاري أن البلاد تنفق أكثر على التجارة الخارجية أكثر مما تنفقه، وأنها تقترض رأس المال من مصادر أجنبية لتعويض العجز، وبعبارة أخرى، فإن البلد يتطلب المزيد من العملات الأجنبية مما يتلقى من خلال مبيعات الصادرات، ويوفر المزيد من عملته الخاصة من طلب الأجانب على منتجاتها، إن الطلب الزائد على العملة الأجنبية يخفض سعر صرف البلاد، إلى أن تكون السلع والخدمات المحلية رخيصة بما يكفي للأجانب، والأصول الأجنبية مكلفة للغاية لتوليد مبيعات للمصالح المحلية .
4- الدين العام
ستشارك البلدان في تمويل العجز على نطاق واسع لتغطية تكاليف مشاريع القطاع العام والتمويل الحكومي. وبينما يحفز هذا النشاط الاقتصاد المحلي، فإن الدول التي تعاني من عجز وديون عامة كبيرة تكون أقل جاذبية للمستثمرين الأجانب. يعود السبب في ذلك إلى أن الديون الكبيرة تشجع التضخم، وإذا ارتفع التضخم، فإن الديون ستسدد في نهاية المطاف بواسطة عملة حقيقية أرخص في المستقبل .
في أسوأ السيناريوهات، قد تقوم الحكومة بطباعة الأموال لسد جزء من الديون الكبيرة، ولكن زيادة العرض النقدي يؤدي بالضرورة إلى التضخم. وبالإضافة إلى ذلك، إذا لم تكن الحكومة قادرة على تغطية عجزها من خلال وسائل محلية مثل بيع السندات المحلية وزيادة العرض النقدي، فإنها يجب أن تزيد من عرض الأوراق المالية المعروضة للبيع للأجانب، مما يؤدي في النهاية إلى خفض أسعارها. وأخيرا، قد يكون هناك دين كبير يزعج الأجانب إذا كانوا يعتقدون أن البلاد تخاطر بعدم الوفاء بالتزاماتها، وبالتالي قد يكون الأجانب أقل رغبة في امتلاك الأوراق المالية التي تستخدم تلك العملة. وفي ضوء هذا الخطر من التخلف عن السداد، يعد تصنيف الدين للبلد عاملا حاسما في تحديد سعر صرفه .
5- شروط التجارة
نسبة المقارنة بين أسعار التصدير وأسعار الواردات، تتعلق بشروط التبادل التجاري في الحسابات الجارية وميزان المدفوعات، فإذا زادت أسعار صادرات بلد ما بمعدل أعلى من أسعار وارداته، فإن معدلات تجارته تتحسن بشكل إيجابي، وزيادة معدلات التبادل التجاري تشير إلى زيادة الطلب على صادرات البلاد، وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة الإيرادات من الصادرات، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على عملة البلاد (وزيادة قيمة العملة)، وإذا زادت أسعار الصادرات بمعدل أقل من أسعار وارداتها، فسوف تنخفض قيمة العملة بالنسبة لشركائها التجاريين .
6- الاستقرار السياسي والأداء الاقتصادي
يبحث المستثمرون الأجانب بلا شك عن بلدان مستقرة ذات أداء اقتصادي قوي حيث يستطيعون استثمار رؤوس أموالهم. ستجذب البلدان التي تتمتع بمزايا إيجابية من هذا النوع الاستثمارات الأجنبية بعيدا عن الدول الأخرى التي تعتبر محفوفة بمخاطر سياسية واقتصادية أكبر. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تؤدي الاضطرابات السياسية إلى فقدان الثقة في العملة وتحرك رؤوس الأموال نحو العملات الأكثر استقرارا .