التاريخزد معلوماتك

العوامل التي ساعدت على انهيار مملكة الأنباط

نسب الأنباط

تعد الأنباط من القبائل العربية البدوية التي هاجرت من اليمن إلى شمال الجزيرة العربية واستقرت في مدينة الأردن، وكانت هذه القبائل تنتشر في سيناء والنقب.

يقال أنهم كانوا، حتى نهاية القرن الرابع قبل الميلاد، متشبثين بحياة البدوية، حيث كانوا يرفضون كل ما يؤدي إلى الاستقرار مثل بناء المنازل وممارسة الزراعة. لديهم انتماء كامل للزهد الفطري أو العشائري، ومن عاداتهم أنهم يتجنبون شرب الخمر لأنهم يربطون بين الحياة البدوية ورفض أي شيء يقوض روح الحرية لديهم، حتى لا ينتهي بهم الأمر إلى قبول سيطرة الأقوى.

كان الأنباط من البدو العرب الرحل من صحراء النقب، وهم لم يرتضوا تربية الإبل والمواشي فقط، بل كانت حياتهم أكثر من ذلك، فقد جمعوا ثرواتهم وعملوا كتجار واستخدموا طرق البخور التي بدأت من مدينة قطبان، والتي توجد في اليمن اليوم، عبر سبأ المجاورة؛ وجعلوها مركزا تجاريا قويا. وكان سفرهم المستمر على هذه الطرق سببا في أن يصبحوا ملمين بالمنطقة تماما، وأصبح لديهم مهارة في العثور على مصادر المياه والحفاظ عليها، مما مكنهم من نقل البضائع بسرعة وبكفاءة عالية.

مملكة الأنباط

تقع مملكة الأنباط شمال الجزيرة العربية على طريق التجارة البخورية. يمتد هذا الطريق من المحيط الهندي إلى الموانئ البحرية في فلسطين وسوريا. كانت حدود مملكة الأنباط تشمل المملكة الأردنية الهاشمية. احتلوا مناطق الأدوميين في القرن الثاني قبل الميلاد في الأردن وأسسوا مملكة الأنباط وجعلوا من منطقة سلع، المعروفة أيضا بالرقيم، عاصمتهم. .

كانت مملكة الأنباط كياناً قوياً وقد ازدهرت منذ سنة 169 قبل الميلاد، ودامت حتى نهاية القرن الأول الميلادي، و إن هذه المملكة فيها الأراضي الصخرية الحجرية، ويتواجد فيها الجبال والواحات الخصبة التي هي مركز تواجد المياه، مما أدى إلى استقرار الناس في هذه الأراضي وبالتالي عملوا في مجال الزراعة.

مظاهر الحياة النبطية وأعمالهم

لاحظنا أن النشاط التجاري كان العصب الرئيسي للنبطيين في المنطقة، حيث أدى ذلك إلى ظهور مظاهر في الحياة النبطية، بما في ذلك:

  • حرص النبطيين على تربية الجمال بعناية وتوفير القطران لها لراحتها، بالإضافة إلى توفير المؤن لها.
  • عملوا على تجهيز أنفسهم بكل الأدوات التي تساعدهم على ترتيب وتصنيف بضائعهم والحفاظ عليها.
  • تم بناء السفن وتخصيص وقت لتدريب الأفراد على شؤون البحر، بالإضافة إلى تزويد الموانئ بكل ما تحتاجه من معدات، مثل ميناء الحوراء وميناء أيلة.
  • تم تخصيص أماكن لتفريغ البضائع، مثل الكهوف الكبيرة في البارد بمدينة البترا، ويشير حجم هذه الكهوف إلى أنها كانت تستخدم كمخازن للإيداع وليست للسكن، مما يدل على أن منطقة البارد كانتقالية لتفريغ البضائع وتعبئتها، وتقع خارج المدينة.
  • أدى هذا النشاط التجاري إلى تعزيز وتطوير الجانب الصناعي والزراعي والرعوي والتعديني.
  • كان الناس يتاجرون بالبلسم، وكانوا يستخرجونه من أشجار البلسم التي تنمو في وادي أريحا، وكان يستخدم الأطباء البلسم كدواء.
  • قاموا بإستخراج القار من البحر الميت وتجارته، وكانوا يستخدمونه لتقوية المواد والأدوات، واستخدم المصريون القار في صنع المجوهرات الزائفة وتلوين المعادن، وأيضا صناعة أقنعة مموهة بالقار ووضعها مع المومياوات، وتم اقتراح استخدام القار في التحنيط، ولكن بعض الناس يستبعد ذلك.

المهنة الرئيسية للأنباط

كانت التجارة هي المهنة الرئيسية للأنماط، حيث كانت بدايتها عبارة عن أصحاب قوافل ينقلون السلع لحساب الآخرين، ولكن مع الوقت، تطورت مهنتهم في هذا المجال، حتى أصبحوا يعملون كتجار أو شركاء في التجارة.

اعتمد أسلوب تطورهم على الاعتماد على بناء السفن وليس الاكتفاء بالممرات والطرق البرية للتجارة، وبذلك أصبحوا قادرين على الوصول إلى موانئ اليمن ونقل السلع إلى الميناءين الشماليين على البحر الأحمر، والمقصود بهما هنا ميناء الحوراء وأيلة.

ونجد أنهم كانوا مستمرين في نشاطهم التجاري، حتى جاء البطالمة وعملوا على تهديد هذا النشاط واستولوا على ميناء أيلة، وحال البطالمة بين الأنباط وبين الوصول إلى البحر الأحمر، ولا نستبعد أنهم كانوا يضايقون التجارة النبطية في الطرق البرية، وتم ذلك بعد استيلاء البطالمة على الولاية العمانية، واحتلوا أيضاً الموآبية والجلية إلى الشمال من بترا.

ويقال أن الأنباط كانوا يمارسون أعمال القرصنة البحرية، ولكن تبين من التاريخ أن كانت هذه الأعمال رداً على تصرفات البطالمة، لأن ليس من المقنع والمعقول أن شعب يعتمد اعتماداً كلي على التجارة براً وبحراً، ويقوم بهذه الأعمال اللصوصية والقرصنة لأن هذا العمل يتعارض مع حياة الأمن والاستقرار الاقتصادي بالنسبة لمملكة الأنباط، ولكن هنا نلتمس براعة الأنباط في صناعة السفن، و نلتمس قدرتهم ومهارتهم في تسخير البحر لنموهم الاقتصادي ونشاطهم وقدرتهم العريقة في شؤون الملاحة.

العوامل التي سببت انهيار دولة الأنباط

يمكننا أن نرى أن مملكة الأنباط اعتمدت بشكل كبير على التجارة، وهذا هو السبب وراء تطورها واستمراريتها. كانت لها طرق تجارية بحرية وبرية، ولذلك، دخل أعداء المملكة لهدف زعزعة تجارتها والسعي للسيطرة عليها أو إلغاء نفوذها. من بين العوامل التي أدت إلى تدهور الاقتصاد النبطي:

  • أحد أسباب انهيار مملكة الأنباط كان خسارتهم للتوسع التجاري بعد أن أصبح البحر الأحمر منطقة نشطة لسفن الرومان، وهذا أدى إلى تضاؤل حصتهم الربحية في التجارة البرية وترك طريق بترا مهجورا تماما.
  • تعاركت مملكة الأنباط مع المصالح التجارية البحرية المصرية، وانتهى هذا الصراع بخسائر كبيرة للأنباط. كانوا يستفيدون كثيرا من هذه الممرات التجارية البحرية، حيث كانوا يحققون أرباحا ضخمة من القوافل التجارية التي كانت تمر عبر أراضيهم. ولهذا السبب، ونظرا لأهمية هذه الطرق البحرية، قام الأنباط بشن هجمات على التجارة البحرية المصرية، مما أدى إلى تدهور العلاقات العامة بينهم وبين البطالمة.
  • اكتشفت روما طرقًا جديدة للتجارة التي تركت أثرًا سلبيًا كبيرًا على اقتصاد مملكة الأنباط، بسبب عدم مرور قوافل التجارة الرومانية عبر أراضي مملكة الأنباط.
  • تدخل الإمبراطور الروماني المعروف بتراجان في ضم مملكة الأنباط إلى الإمبراطورية الرومانية تحت اسم الولاية العربية، مما أدى إلى فقدان البتراء والمدن النبطية مثل مدينة الحجر، وانهزمت سيطرتها على طرق التجارة والمنطقة بشكل عام. ونتيجة لذلك، ظهرت مدينة تدمر في سوريا كمركز للتجارة وأصبحت وجهة القوافل التجارية التي كانت تنتقل من المدن النبطية المنهارة من حيث الثروة والمكانة إلى تدمر في سوريا.

ديانة الأنباط

شهد الأنباط انتقالا من الحياة البدوية أو شبه البدوية إلى حياة مستقرة، وقد أثر هذا الانتقال ووجود ممالك جنوب شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام عليهم، ودفعهم إلى تطوير الدين لديهم على عدة أوجه أو عوامل

  • – يتعلق العامل الأول بتطوير الدين على مستوى الشعائر والمعتقدات والمؤسسات الدينية، وإذا كانت هذه العناصر مستقرة فإن فكرة بناء معبد يكون ضرورية، وبالتالي يحتاج هذا المعبد إلى فن معماري يتطور.
  • أدى الاتصال بالحضارات الأخرى إلى تطور الدين لدى الأنباط، حيث اتصلوا بالحضارات الغربية والشرقية، بما في ذلك الحضارات اليونانية والمصرية والآرامية وغيرها. تركت هذه الحضارات القديمة أثرها على الشعائر والرموز التي اعتمدوها ولم تكن متداولة بين الأنباط، بالإضافة إلى تأثيرها على الفن النبطي سواء في الرسم أو النحت.

يُعتقد أن العرب الوثنيين في الجاهلية كانوا يعبدأصنامًا مثل اللات والعزى والمناة وذي الشرى، حيث كانوا يُجسدون اللات بشمس الصباح، وكانوا يعبدونها، وكذلك كان اسم ذي الشرى يُرمز إليه من خلال صخرة مربعة موجودة في صلخد، وكانت تُعرف أيضًا باسم اللات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى