العملة السعودية و تطورها عبر التايخ
كانت جزيرة العرب تعاني من الفوضى السياسية. كانت مكونة من قبائل وأقاليم متناحرة، وكانت الحالة الاجتماعية والاقتصادية في تدهور كبير. اعتمدت القبائل على المقايضة في التجارة وكانت تلك الكيانات القبلية والسياسية من أهم الموارد، ولكن ذلك أدى إلى إفلاس معظم سكانها، وعجزهم عن دفع الضرائب التي كانت من أهم موارد الدولة العثمانية وممثليها في الجزيرة العربية. استمر هذا الوضع حتى دخل الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن مدينة الرياض سنة 1902 ميلادي، وفي بداية القرن العشرين بدأت الحكومة السعودية الثالثة بإعادة بناء الحياة السياسية والاستقرار والأمن للبلاد. في عهد الملك عبد العزيز، شهد النظام النقدي تطورا ملحوظا، حيث كانوا يتعاملون بالنقود الأجنبية مثل الفضة والذهب والبرونز والنحاس. لم يكن هناك خيار للملك سوى قبول الوضع الراهن في ذلك الوقت والتعامل بالنقود المتوفرة في الأسواق، وعمل بجد لإيجاد نقود موحدة للتعامل بها في بلاده. حاول إصدار عملات نحاسية مخصصة لسلطنة نجد، ولكن في ذلك الوقت كانت العملات الأجنبية هي السائدة، مثل التالر النمساوي، المعروف باسم الدولار ماريا تيريزا، والريال الفرنسي، الذي كان اسمه رسميا في أقاليم الجزيرة العربية. كانت المعاملات التجارية تتم بالريال الفرنسي وكانت هناك أنواع مختلفة من النقود مثل الكوبر نيكل والريال المجيدي والجينيه الإنجليزي، المعروف باسم جينيه جورج، والذي كان يحمل اسم إمبراطور جورج الخامس. تم تداول الروبية الهندية والقروش المصرية ونقود الهند الشرقية أيضا. عمل الملك عبد العزيز على إيجاد حلول لتلك الفوضى النقدية ودمغ بعض النقود المتداولة بكلمة “نجد” في عام 1922 ميلادي، وهي الريال الفرنسي والنقود العثمانية النحاسية والكوبر نيكل بفئات مختلفة، بالإضافة إلى بعض القروش التركية والقروشالمصرية بفئات القرشين والخمسة والعشرة والعشرين قرشا
بدء صك النقد السعودي : كان هدف الملك عبد العزيز إعلام الرعية والتجار والباعة بأن النقود المدموغة في نجد هي المتعارف عليها، وكانت هذه الخطوة الأولى لنظام النقد السعودي. وبعد توحيد الحجاز مع نجد، تعاملوا بالريال الفرنسي والنقود العثمانية. وقام الملك عبد العزيز بدمغها بكلمة الحجاز. وكانت الحاجة إلى النقود كبيرة، فقام الملك بصك نقود نحاسية من فئة نصف قرش وربع قرش ورسم على وجهها (الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود الفيصل) بالخط الطغرائي سنة 1343 هجري. ونقش على ظهر العملة مكان الصك أم القرى والقيمة النقدية. وكانت هذه أول إصدارات النقدية السعودية. ولكن، حاجة السوق إلى كميات كبيرة من النقود، أجبرت الملك على صك نقود من فئة نصف قرش فقط، وأيضا أمر بصك نقود من فئة القرش الواحد ونصف القرش وربع القرش من معدن الكوبر نيكل، كجزء من الإصلاحات النقدية التي عمل عليها الملك في عام 1926 ميلادي. وفي عام 1346 هجري، قام الملك بإصدار ريال سعودي من الفضة، وأجرى تعديل على فئة النصف ريال والربع ريال. وكان من أهم الموارد السياسية النقدية إصدار نظام النقد الجديد وإلزام الجميع بالتعامل بالريال السعودي. وحدد سعر الصرف عند 40 ريال فضي سعودي مقابل 10.90 دولار، وهو السعر المستهدف للريال مقابل الدولار. وأصبحت المؤسسة الوطنية السعودية هي التي تصدر العملة. ولم يكتف الملك عبد العزيز بهذا الإنجاز، فقد كان طموحه أن تكون العملات أخف حملا، فأصدر فئة العشر ريالات، وطبع منها خمسة ملايين إيصال كطبعة أولى. وكانت هذه التجربة ناجحة ولاقت استحسان الحجاج والتجار والمواطنين. وعادت المؤسسة لإصدار فئتين من فئة الخمسة ريالات في عام 1954 ميلادي، وفئة الريال الواحد في عام 1956 ميلادي. واستمر الحجاج والمواطنون في تداول هذه العملات، وبذلك عملت الدولة على استبدال العملات المعدنية بالعملات الورقية، وهذا يعتبر أمرا مهما بالنسبة للمواطنين والحجاج، ويعبر عن الثقة بهذه الحكومة وعملتها الورقية، وانتشار هذه العملة بشكل واسع في الدول العربية والأجنبية، فأصبحت من العملات المهمة والمتداولة.