العلاقة بين عبودية التفكر وعبودية الجوارح وما الفرق بينهما
ما العلاقة بين عبودية التفكر وعبودية الجوارح
العلاقة بين عبودية التفكر وعبودية الجوارح حيث ان الاسلام من الاديان العظيمة فقد نزله الله عز وجل وامرنا بالتفكر للوصول الى خلقه وبعد التفكر بخلق الله فان الإنسان يضعف بعد ايقانه بقدرة الخالق وهذا بدوره يؤدي الى عمل الانسان وخوفه من عظمة خالق الكون وعليه فان الانسان يحب ان يتفكر في خلق الله للوصول الى عبادته بالاركان والجوارح، فعبودية التفكر تدعو الانسان الى ان الله هو خالق كل شيء عظيم فتهاب الجوارح فتصلي وتقوم بما عليها على أكمل وجه
ولكن هناك علاقة خلاف بين اثنين عليها أي على العلاقة بين عبودية التفكر وعبودية الجوارح ولعل ان تكاملية هذه العلاقة هو ما يحكم فالانسان كلما تفكر في خلق الله زاد عمله بالجوارح لان يخضع لحكم الله وكلما كان عابداً لله بجوارحه كلما كان ذلك سببا في تفكره بخلق الله يوماً بعد يوم.
ما هي عبودية التفكير
أمر الله سبحانه وتعالى بالتفكر والتدبر في كتابه العزيز وأثنى على المتفكِّرين بقوله {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} وقال سبحانه {إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}
سبحانه وتعالى يعلن على الغافلين الذين لا ينظرون ولا يتأملون في خلقه. يقول تعالى: `أفلا يسيرون في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها؟ فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.` ويقول سبحانه وتعالى: `وكم من آية في السماوات والأرض يمرون بها وهم يعرضون عنها.
يعد التفكير بمعناه الواسع والدوائر المتعددة، التي تشمل النظر في آيات الله في الكون والتفكر في آيات الله في الكتاب الكريم والتأمل في عظمة فعل الله وإتقان تدبيره وسننه في خلقه، أمرًا هامًا في وسائل التزكية وخطوات التربية والتنمية الذات
ويكفي في شرف التفكر وعظيم قدره، وحاجة المؤمنين عامة والدعاة الربانيين له خاصة أن أصول أعمالهم ورأس مالهم الذي عليه تبنى ربانيتهم من تلاوة وقيام وعلم وذكر لا تكمل ولا تثمر بدون نوع تفكر ويفجر به معاني العبودية في قيامه ويستعين به على تحقيق مقصد العلم من العمل، ويقول الإمام ابن القيم حين يصف التفكر وعظيم شرفه “تفكر ساعة خير من عبادة سنة فالفكر هو الذي ينقل من موت الفطنة إلى حياة اليقظة ومن المكاره إلى المحاب ومن الرغبة والحرص إلى الزهد والقناعة ومن سجن الدنيا إلى فضاء الآخرة
من خصائص التفكر أَن توجه الأمر به إلى مساحات فسيحة ودوائر متعددة لا تترك مجالاً يتسلل منه الملل للقلوب ولا منفذاً يتسرب منه الخمول للعقل وما ترك باباً يوصل لحقيقة الإيمان إلا طرقه فالأمر به اتسع ليشمل المحسوس والمعنوي وطلب النظر في الدنيا كما أمر بالتفكر في الآخرة، ورغب في التفكر في النفس واستجلاء آياتها والنظر في الكون والتقاط جميل إبداعه، كل ذلك في عملية فريدة تغذِّي العقل بالحكمة وتقوي القلب باليقين وتعين الجوارح على إحسان الطاعة فتجمع مع عبادة الباطن عبادة الظاهر ومع حركة القلب نشاط العقل
ما هي عبودية الجوارح
تتضمن العبوديات الخمس الخاصة بعبودية الجوارح خمسة عبوديات لكل حاسة، وفيما يتعلق بالسمع، فمن واجب المؤمن الإنصات والاستماع لما أوجبه الله ورسوله عليه، مثل الاستماع للإسلام والإيمان وفروضهم، وكذلك الاستماع للقراءة في الصلاة إذا جهر بها الإمام، ولا يمكن نسيان استماع الخطبة للجمعة وفقًا لأصح قولي العلماء
ويحرم عليه استماع الكفر والبدع إلا حيث يكون في استماعه مصلحة راجحة من رده أو الشهادة على قائله أو زيادة قوة الإيمان والسنة بمعرفة ضدهما من الكفر والبدعة ونحو ذلك وكاستماع أسرار من يهرب عنك بسره ولا يحب أن يطلعك عليه ما لم يكن متضمنا لحق لله يجب القيام به أو لأذى مسلم يتعين نصحه وتحذيره منه
وكذلك استماع أصوات النساء التي تخشى الفتنة بأصواتهن، وكذلك استماع المعازف وآلات الطرب كالعود ولا يجب عليه سد أذنه إذا سمع الصوت وهو لا يريد استماعه إلا إذا خاف السكون إليه والإنصات فحينئذ يجب لتجنب سماعها وجوب سد الذرائع ونظير هذا المحرم لا يجوز له تعمد شم الطيب وإذا حملت الريح رائحته وألقتها في مشامه لم يجب عليه سد أنفه
تحرم نظرة الفجاءة على الناظر، وإذا تعمد النظرة الثانية فإنها تحرم عليه. أما السمع المستحب فيشمل استماع المستحبات من العلم وقراءة القرآن وذكر الله، وكل ما يحبه الله وليس بفرض. والمكروه يشمل استماع كل ما يكرهه الله ولا يعاقب عليه
وأما النظر الواجب مثل النظر في المصحف وكتب العلم عند تعين تعلم الواجب منها والنظر إذا تعين لتمييز الحلال من الحرام في الأعيان التي يأكلها أو ينفقها أو يستمتع بها والأمانات التي يؤديها إلى أربابها ليميز بينها ونحو ذلك، والنظر الحرام النظر إلى الأجنبيات بشهوة وبغيرها إلا لحاجة كنظر الخاطب والشاهد والحاكم والطبيب وذي المحرم
والمستحب النظر في كتب العلم والدين التي يزداد بها الرجل إيمانا وعلما مثل النظر في المصحف ووجوه العلماء الصالحين والوالدين والنظر في آيات الله المشهودة ليستدل بها على توحيده ومعرفته وحكمته، والمباح النظر الذي لا مضرة فيه في العاجل والآجل ولا منفعة، والمكروه فضول النظر الذي لا مصلحة فيه وكم قاد فضولها إلى فضول عز التخلص منها وقال بعض السلف بأنهم كانوا يكرهون فضول النظر كما يكرهون فضول الكلام
– “ومن النظر الحرام النظر إلى العورات، وهناك نوعان من العورة، عورة خلف الثياب وعورة خلف الأبواب، فإذا نظر شخص في عورة خلف الأبواب وتعرض للعتاب من صاحب العورة، فقد يفقد بصره دون أن يكون له حق عليه، وهذا إذا لم يكن للمشاهد سبب يبرر النظر لأجله، كما لو كان هناك عورة يجوز له النظر إليها
يجب الالتزام بالذوق الواجب، مثل تناول الطعام والشراب عند الحاجة، والخوف من الموت، فتركهما يؤدي إلى الموت كعاص وقاتل للنفس. وقد صرح الإمام أحمد وطاوس بأن من اضطر إلى تناول اللحم النيء ولم يفعل فقد دخل النار. ومن الأطعمة المحرمة: تناول الخمور والمواد السامة القاتلة، والذوق الممنوع في الصيام الواجب
والمكروه هو تذوّق الأشياء المشبوهة وتناول الطعام الزائد عن الحاجة، وتذوّق الطعام فجأة ودون دعوة له، ومثل ذلك تناول أطعمة الرفاهية في الولائم والاحتفالات وما شابه ذلك، وفي السنة النبوية نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تناول الطعام الذي يتسابق عليه الأشخاص، وعن تناول طعام مَن يطعمك دون أن يدعوك خجلاً وليس بحسن نية
والذوق المستحب وهو أكل ما يعينك على طاعة الله عز وجل مما أذن الله فيه والأكل مع الضيف ليطيب له الأكل فينال منه غرضه والأكل من طعام صاحب الدعوة الواجب إجابتها أو المستحب، وقد أوجب بعض الفقهاء الأكل من الوليمة الواجب إجابتها للأمر به عن الشارع، والذوق المباح ما لم يكن فيه إثم ولا رجحان.