الصّحابي الذي أضاءت عصاه .. عبّاد بن بشر
نسبه وفضله: هو الصحابي الجليل عباد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل، وهو الإمام أبو ربيع الأنصاري الأشهلي. كان من الأعيان والأشراف في قبيلة الأوس. شارك في معركة بدر مع النبي، وأسلم على يدي الصحابي مصعب بن عمير رضي الله عنه
إسلامه: أعلن الإسلام عندما كان في الخامسة والعشرين من عمره، وهو واحد من المسلمين الأوائل، حيث سبقه في الإسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير رضي الله عنهما، وشارك النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر وجميع الغزوات الأخرى. وأخو بين النبي صلى الله عليه وسلم وأبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة المهاجر
فضله: عرف عباد بن بشر بأنه الصحابي الذي أضاءت عصاه، وذلك حسب ما رواه أنس بن مالك عن أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله عنهم جميعا. كان الاثنان عند نبي الله صلى الله عليه وسلم في إحدى الليالي المظلمة، وعندما تركاه وخرجا، اضاءت عصا أحدهما، وتمشيا على ضوئها، وعندما فرقا الطريق، اضاءت عصي كل منهما
ومن فضله ومناقبه أيضا دعاء النبي محمد صلى الله عليه وسلم للمغفرة، فقد روى عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي كان يتهجد في بيتها يوما وسمع صوت الصحابي عباد بن بشري يتلو القرآن ويصلي، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: يا عائشة.. هذا صوت عباد بن بشر، فأجابت أن نعم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر ل.
قدره ومكانته عند النبيّ عليه السّلام وأصحابه: كان له شرف رضوان الله عليه أن تشهد السيدة عائشة رضي الله عنها لصالحه، حيث قالت: “ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يتفوق عليهم في الفضل، وهم جميعا من بني عبد الأشهل، وهم: سعد بن معاذ، وعباد بن بشر، وأسيد بن حضير” رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين
كان سيدنا عباد رضي الله عنه من الذين قتلوا اليهودي كعب بن الأشرف، وجعله النبي عليه الصلاة والسلام ضمن حراسه في غزوة تبوك، وقد أبى حسن الأداء في يوم اليمامة، وفي هذا اليوم استشهد رضي الله عنه وانتقل إلى جوار ربه.
استخدمه النبي عليه السلام أيضا في صدقات بني سليم ومزينة.
كان صاحب قدر ومحبة كبيرة للنبي وصحابته. قال عباد بن عبد الله بن الزبير أن أباه سماه عبادًا تيمنًا وتبركًا بعباد بن بشر الأشهلي.
روى حصين بن عبد الرحمن الأنصاري، عن عباد بن بشر، عن ابن إسحاق، حديثًا واحدًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: `يا معشر الأنصار، أنتم شعاري والناس درعي، ولم يعطينا الله شيئًا قبلكم`
شجاعته وبسالته: ذهب جابر بن عبد الله مع النبي في غزوة ذات الرقاع، وفي ذلك الوقت ارتكب رجل مسلم خطأ بإيذاء امرأة مشرك، فعندما علم المشرك بهذا الأمر ولم يكن النبي بالقرب منهم، توعد الرجل بالانتقام من أصحاب النبي، لكن النبي وأصحابه تبعوه
سار النّبيّ بأصحابه حتّى نزلوا منزلًا ونادى في أصحابه: سُئِل رجلان، أحدهما من الأنصار وهو عباد بن بشر، والآخر من المهاجرين وهو عمار بن ياسر: `من يكلؤُنَا ليلتَنا؟`. فأجاب الأنصاري عباد بن بشر صاحب المهاجر عمار: `أيُّ شطرٍ من اللّيل تحبُّ أن أكفيك إيّاه؟ أوَّلُهُ أم آخرُهُ؟`
فقال المهاجر: بدلا من ذلك، أراني في البداية، ثم استلقى وقام سيدنا عباد ليصلي. اقترب الرجل من عباد وأطلق سهما فاخترق جسد عباد بن بشر. قام الصحابي بإزالة السهم من جسده ثم واصل صلاته وقفا. أطلق الرجل سهما آخر فاستخلصه أيضا وواصل صلاته وقفا. أطلق الرجل سهما ثالثا فاستخلصه بنفس الطريقة… ثم ركع وسجد وأيقظ رفيقه المهاجر النائم، فعندما رأى الرجلهما هرب وفر.
سأل عمّار المهاجر الأنصاريّ عبّاد عن سبب عدم إيقاظه له من السّهم الأوّل فأجاب عبّاد: كنت أقرأُ في سورة الكهف، فلم أشأ أن أقطعها حتّى أفرُغ منها. فلمّا استمرّ الرّجل في طعني سجدت وآذنتك بعوني، وأيمُ الله لولا أن أُضيّع ثغرًا أمرني به رسول الله بحفظه لآثرتُ قطع نفسي على أن أقطع سورتي.
وفاته: استشهد عليه رضوان الله في غزوة اليمامة وهو يبلغ من العمر خمسة وأربعين عاما بعد عشرين عاما من إسلامه.