الصور الجمالية في اللغة العربية
ماهي الصور الجمالية في اللغة العربية
الشعر هو فن جميل يؤثر على المتلقين، إنه فن يهدف إلى التأثير الفني والجمالي على المتلقين، ويستخدم الشعر اللغة وتعبيراتها لتحقيق هذا الهدف .
يستخدم الشاعر مفردات اللغة بطريقته الخاصة لجعلها أكثر تأثيرا، فالشعر عالم حي يتميز بالألوان الساحرة، حيث يستخدم اللغة بطريقة جمالية لنقل مفردات الشعر بطريقة حالمة لتشعرنا بشيء غير عادي .
الشعر هو عالم فريد من الكلمات الجديدة التي تتمتع بكيانها وصورها الفريدة وجمالها اللافت للنظر، وتعتبر الصورة الفنية وسيلة يستخدمها الشاعر لتوضيح رسالته في شعره .
تعتبر الصور البلاغية جزءا من الشعر، حيث لا يوجد شعر بدون وجود صورة، ويعتبر الاستعارة والصورة الفنية هما الأساس في التواصل اللغوي، ويمكن رؤية ذلك بوضوح في شعراء الجاهلية مثل شعر أمرؤ القيس الذي ابدع في تصوير ما يقدمه من خلال أبياته الشعرية .
لا يمكن وصف الصورة الفنية في الشعر بأنها تأتي فقط لتزيين الكلمات والأبيات، بل هي شيء أصيل في الشعر، حيث تصور الحالة النفسية للشاعر، وتعد ترجمة لما يختلج في نفس الشاعر من أحاسيس وعواطف .
يمكن تعريف الشعر على أنه مشاعر تنساب بشكل منظم ويتم التعبير عنها من خلال الانفعالات الداخلية والأفكار والخيال، وتعد الصورة الفنية الوسيلة التي يمكن استخدامها لنقل تلك المشاعر والأفكار والانفعالات .
يستخدم الشاعر وصفًا فنيًا ليعطي القصيدة مظهرًا فنيًا ويشارك القراء والمستمعين فيما يشعر به الشاعر، ونرى في وصف الشاعر الذبياني الذي اعتذر من النعمان ابن المنذر تقديرًا واعتذارًا
وفي ذكرى عيد أبي قابوس، حلت عليّ أوقات عصيبة وألم شديد
فشعرت وكأنني محاطة بضئيلة من الرقش وأنيابها مشبعة بالسم
يصور الشاعر في هذا البيت مدى حدة الألم والخوف الذي يشعر به المريض، وكيف يرتعد من حمى المرض القاتل، وكان على شفير الهلاك ولا يجد من يواسيه أو يخفف عنه، واستمر الشاعر في وصف مدى خوفه وألمه حتى أنه قد أقسم بالإبل التي تعبت وأضناها السفر .
على الرغم من أنك كنت على شفا الهلاك، فقد نرى كيف يمكن تصوير الفراغ ووصف الحياة التي تشبه حياة الإبل في رحلتها الحياتية
دور الصورة الجمالية في اللغة العربية
ظهر مفهوم الصورة الشعرية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وتمت دراستها في الأدب بشكل واسع، وأصبحت دراسة وفهم الصورة الشعرية عنصرا هاما في الأدب بشكل عام وليس فقط في الأدب العربي .
يشكل الصورة الشعرية عنصرًا هامًا في بناء القصيدة الشعرية، وبالتالي يعتبر العديد من الناس الشعر هو الصورة، وأن الصورة جزء أساسي من الشعر .
يأتي جمال القصيدة الشعرية من طريقة التصوير التي يستخدمها الشاعر في وصف أبياته الشعرية، وقد قامت العديد من الدراسات الأدبية بدراسة أنواع الصور الفنية في اللغة العربية تحت عدة مسميات مثل الصورة الفنية والصورة الشعرية والصورة المجازية .
يتم تعريف مصطلح الصورة بأنها العملية التي يكون فيها تفاعل متبادل بين الأفكار والرؤى، حيث يقوم الشاعر بالتعبير عن ذلك بلغة شعرية حية، يستند فيها إلى اللغة الانفعالية لخلقاستجابة حسية عند المتلقي، وذلك باستخدام المحاز والاستعارة والتشبيه .
صاغت الكاتبة إدوارد آرمسترونغ كتابًا خياليًا يتحدث عن قواعد المبحث الجديدة لتفسير الأعمال الأدبية ويركز في منهجها على الصور وترابطها .
أنا مهتم أيضًا بدراسة الصورة الشعرية كعنصر من عناصر الإبداع الفني في الشعر العربي، وكما اهتم العديد من الكتب العربية بدراسة هذا الموضوع .
يشمل الكتاب الذين يهتمون بالصورة الأدبية والفنية، مثل مصطفى ناصف الذي أصدر كتاب “الصورة الأدبية”، وجابر عصفور الذي أصدر كتاب “الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي”، وكمال أبو ديب الذي أصدر كتاب “نظرية عبد القاهر الجرجاني في الصورة الفنية”، وعبد القادر الرباعي الذي أصدر كتاب “الصورة الفنية في شعر أبي تمام .
يمكن القول إن الصورة الشعرية قد منحت الشاعر القدرة على الابتعاد عن المألوف، وتعد دراسة الصورة الشعرية من بين الدراسات التي يعتبرها البعض من أهم القضايا في النقد الأدبي الحديث .
تعتبر التأثير الشاعري الذي يستخدمه الشاعر للتواصل مع المتلقي على أنه بنيان وجداني ينتمي إلى نظرية المعرفة الفلسفية، وذلك لأنه ينقل معاناته وتجربته للمتلقي عن طريق اتصال مباشر .
تكمن أهمية الصورة الشعرية في ملائمتها للعملية الشعرية، وذلك من خلال استخدام المجاز والتشبيه والاستعارة وغيرها من الأساليب التي تستخدم في الشعر .
حدد النقاد وظيفة الصورة الشعرية والدوافع التي تخلق الصورة الشعرية في العقول، ومن بين تلك الدوافع: السيطرة على وحدة الأضداد في الوقت الذي تختلف فيه ألفاظ اللغة .
تقوم الصورة الشعرية بتصوير الأضداد بطريقة شاملة وبسيطة وفي جملة واحدة، حيث تحتاج الأضداد دائمًا إلى توكيدات معينة وأسلوب خاص للتوضيح، ولذلك تقوم الصورة الشعرية بدمجها في صورة واحدة لتصبح كلمات نشعر بها ونراها .
تمثل الصورة الشعرية الجزء الحيوي في القصيدة الشعرية، حيث تأتي بطريقة متجانسة ومتلاحمة مع جميع عناصر القصيدة .
على الرغم من تطور الأساليب الشعرية لدى الشاعر، إلا أن الصورة الشعرية لا تزال هي الأداة الأساسية والرئيسية للتعبير عما يريده الشاعر، كما أنها تميز بين العصور والشعراء وتظهر أصالة الشاعر ومدى براعته وقيمة فنه .
امثلة على الصورة الجمالية
مفهوم الصورة الشعرية عند الجاحظ
ربط النقاد الصورة الشعرية بالإبداع ووضعوها كشرط لنجاح الشاعر، حيث أكدوا أن الصورة الشعرية لا تكون إلا بالابتكار، فهي في الأساس إبداع جديد .
وتعتمد شعبية الشاعر على مدى براعته في التعبير والتصوير، وهذا هو النهج الذي اتبعه الجاحظ في الشعر، ولكن واجه النقاد صعوبة في فهم ما بني عليه الشعر العربي والصورة الشعرية، حيث اختلفوا بين “اللفظ والمعنى” وهذا هو الثنائي الذي يشكل مفهوم الصورة الشعرية .
هناك اختلاف في وجهات نظر العلماء حول وجود البلاغة، حيث يرى بعضهم أنها تتعلق باللفظ، ويتبنى البعض الآخر مفهومًا يرتكز على أن البلاغة تتعلق بالمعنى، كما يرى الجاحظ أن البلاغة تتعلق باللفظ .
يتميز الجاحظ بفهم عميق للشعر وصياغته ، وقد تبنى اللفظ كأساس لبراعة شعره وبلاغته ، وكان يعتقد أن المعاني مشتركة بين الجميع ولا يمكن سرقتها ، حيث تتشابه الخواطر والأحاسيس بين الناس .
تكمن براعة الشاعر في الطريقة التي يعبر بها عن مشاعره، ويتمثل ذلك في استخدامه أحسن الألفاظ وأفضل الصور. وقد أكد الجاحظ أن الصورة الشعرية هي أساس الشعر، حيث تتكون من اختيار أفضل الألفاظ وتصويرها بطريقة محكمة .
مفهوم الصورة الشعرية عند عبد القاهر الجرجاني
ناقش الجرجاني قضية اللفظ والمعنى، حيث أكد رأي الجاحظ في أن الشعر يركز على التصوير وليس المعنى فقط، وأشار إلى أن تقييم جودة الشعر لا يتم فقط من خلال المعنى .
يجب عدم الحكم على براعة الشاعر وجودة قصيدته من خلال اللفظ وحده، حيث رأى الجرجاني أن الحكم يتم على الصورة الكاملة التي تنتج عن القصيدة .