الشخصية الانهزامية في علم النفس
هل تجد نفسك من الأشخاص الذين يميلون إلى إرضاء الآخرين على حسابهم الشخصي؟ هل ترغب كثيرا في الانتقام من أولئك الذين أساؤوا إليك، ولكنك لا تبذل أي محاولة لتحقيق ذلك؟ هل تتجنب القيادة وتجد دائما الراحة في الخلفية؟ إذا كنت كذلك، فأنت شخصية انهزامية أو بمفهومها العلمي “شخصية ماسوشية”، وفقا لتصنيف علماء النفس، وهي نوع من السلوك المهزوم للنفس حيث يتحمل الشخص الإهانة والألم دون أي اعتراض، بل يتقبل ذلك ويتعامل معه.
تعريف الشخصية الانهزامية
الشخصية الانهزامية، المعروفة أيضا بـ `الشخصية الماسوشي`، هي نوع من الانهزام الذاتي الذي ينشأ مع الشخصية منذ الصغر. تحدث معركة تسمى معركة السيطرة عادة بين سيطرة الآباء ورغبات الأبناء. في بعض الأحيان، يرغب الآباء في الحفاظ على الطاعة والانضباط من الأبناء من خلال التحكم في تصرفاتهم بأي وسيلة وبأي ثمن، حيث لا يكون هناك مجالا للطفل للتعبير عن رأيه أو احتياجاته. يعتقد الآباء أن الطفل ليس لديه حقا في الاختيار بسبب صغره
ينتج السلوك الذي يرتكبه الآباء بحق أطفالهم في بعض الأحيان عن عدم الخبرة أو اختيارات غير صحيحة، ويمكن أن يحدث عندما يحاول الآباء توجيه أطفالهم لاتخاذ قرارات معينة أو ممارسة رياضة محددة دون الاستماع إلى رغباتهم أو ما يحبون. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تعرض الطفل للإساءة من خلال التهديد بالعقاب أو التخليعنه .
تعتبر هذه الطرق الأهم في تأثيرها العميق على شخصية الطفل منذ الصغر، حيث تجعله شخصا سهل الإهانة والألم، ويفتقر إلى القوة لمواجهة مشكلاته أو التعامل معها، مما ينتج عنه شخصية هزيلة غير قادرة على التعبير عن نفسها، بل تخضع لما يشتهيه الآخرون .
يتمتع بالخفاء دائما خلف من هو أقوى منه، ويتحمل أي تجريح أو ألم من أجل الانقياد له والتمسك به، ونرى هذا واضحا في الأشخاص البالغين الذين يختارون دوما وظائف تتطلب منهم بذل مجهود كبير، ولكنها لا تجلب لهم السعادة أو العائد المادي الملائم. في بعض الأحيان، يصل الأمر إلى التضحية بما يرغبون فيه أو يحتاجون إليه من أجل إرضاء الآخرين، والأشياء الأبسط تكون مصدر سعادتهم ورضاهم.
سمات الشخصية الانهزامية
يصنف علماء النفس الشخصيات باستخدام مجموعة من الخصائص التي تظهر في سلوك الفرد، ويمكن أن تشير إلى نمط مرضي أو اضطرابات في السلوك، ومن بين سمات الشخصية الإنهزامية:
- يتمثل السعي الحثيث في تلبية احتياجات الآخرين وإرضائهم دون النظر إلى احتياجات الذات أو توقع مساعدة أو مقابل من أي شخص آخر.
- لا يتمتع بأي روح قتالية أو تنافسية أو أي نوع من الطموح.
- يسعى دائمًا لخدمة الآخرين، سواء كانوا شخصيات قريبة أو بعيدة عنه.
- يفهم بشكل كبير جميع الظروف التي يتعرض لها الأفراد.
- متسامح مع جميع من حوله، لا يحاسب أو ينتقد أي شخص.
- لا يحب الظهور في العلنِ أو أن يكونَ محطَ اهتمامٍ.
- تتميز شخصيته بالتسامح والصبر على الأمور المزعجة.
- لا يحب السخرية من أحد.
- يجب أن يكون الشخص دائمًا جديرًا بالثقة وصادقًا ويتمتع بأخلاق حسنة.
- هو شخص ساذج وبريء، يثق بالآخرين بسهولة.
- لا يشك في نوايا أو دوافع الآخرين الخفية.
- يميل البعض دائمًا إلى إقامة علاقات تجعلهم يعانون من الخضوع والاستسلام.
- لا يسمحون للآخرين بتقديم المساعدة لهم.
- يتفادون المخاطرة فيتجارتهم الخاصة ويفضلون العمل الثابت بدلاً من الدخول في أي نوع من المخاطر.
التفكير الانهزامي
- يعتبر التفكير الانهزامي نوعًا من السلوك الانهزامي للذات، فهو يبدأ في الظهور عندما يصل الفرد إلى مرحلة البلوغ، حيث توجد مجموعة من المواقف التي تشير إلى أن هذا الفرد يميل إلى السلوك الانهزامي، مثل انجذابه للعلاقات أو المواقف التي يعاني فيها، وعدم ظهور عليه الثقة بالنفس أو الاندفاع نحو الأهداف.
- يختار الشخص المواقف التي تجعله يشعر دائمًا بالخيبة أو الفشل، وعلى الرغم من ذلك يختارها مرة أخرى بوضوح.
- يعارض دائمًا محاولات الآخرين في مساعدته أو توجيهه خشية الإلحاق بالألم.
- يمكن أن يشعر بالاكتئاب أو الشعور بالذنب إذا تجادل أو اختلف معه شخص آخر، حتى لو لم يكن المخطئ في الأساس.
- يميل إلى التحريض على الغضب أو يرفض شعور الآخرين بالانهزام والضعف أو الإهانة، ولكن يشعر بالندم بعد ذلك.
- يتردد كثيراً في التعبير عن مشاعر السعادة والاستمتاع، على الرغم من أنه يمتلك الكثير من العلاقات الاجتماعية التي تجعله شخص سعيد في حياته.
- يشعر دائمًا بالفشل في إنجاز مهامه الشخصية على الرغم من امتلاكه العديد من المهارات والقدرات التي تجعله شخصًا ناجحًا ومميزًا، ولكنه لا يثق بما يمتلك، فيرى أنه يساعد الآخرين في إنجاز مهامهم، ولكنه يعجز عن إنجاز مهامه الشخصية بمفرده.
- يعارض الأشخاص الذين يتم معاملتهم بشكل جيد ولا يهتمون بالتواصل معهم.
- يتضح من سلوكه أنه يتضحى بشكلٍ مفرط لصالح الأشخاص المستفيدين من خدماته، ويضحي بنفسه ووقته على حسابهم، حتى وهو يدرك أنهم يستهلكون موارده بشكلٍ غير مستدام.
علاج الشخصية الانهزامية
تواصل مع طبيب نفسي
ينصح بمحاولة التواصل مع معالج أو طبيب نفسي يساعدك على التخلص من السلوك الانهزامي في شخصيتك، حيث يبحث معك في الماضي عن الأسباب التي أدت إلى هذه المرحلة، ويساعدك على تحقيق الوعي بأنك الشخص الوحيد الذي لديه الحق في اتخاذ القرارات الشخصية، كما يعمل على مساعدتك في الاطلاع على مهاراتك ومحفزاتك.
تحكم في سلوكك
إذا كنت شخص كثير القلق والخوف من تغيير حياتك أو تغير سلوكك، فلابد من التفكير جيدا في أتخاذ أولي خطواتك للتغير، أبدأ في فعل شيء خاص بك سوف تشعر في البداية بالقلق والخوف، ولكن مع مواجهة هذا الخوف والقلق والتغلب عليه سوف تجاوز هذه الخطوة وتبدأ بالخطوة الثانية، وستلاحظ أن قلقك كان دون داعي وأنك في مساحة أمنة تماماً لاستكمال باقي الطريق.
حاول التعامل مع السلوك النقدي بداخلك
يجب أن تبدأ في التوقف عن الصوت الداخلي الذي ينتقد كل محاولاتك للتغيير، وذلك من أجل عدم تدمير حياتك، بل يجب عليك الاستمرار في فعل الأشياء التي ترغب بها دائمًا دون خوف أو شعور بالذنب.
تحمل مسؤوليتك الشخصية فقط
يجب عليك تحمل مسؤوليتك الشخصية في اتخاذ كل قراراتك، وتجنب إلقاء اللوم على الآخرين فيما يتعلق بخياراتك، والبحث عن طرق للتعامل مع الآخرين دون التضحية بنفسك، وتذكر أن مصلحتك تأتي دائمًا في المقدمة قبل مصلحة الآخرين، وأن احتياجاتك الشخصية تحتاج إلى الاهتمام بها.
تجاوز الحزن على الماضي
قد يشعر الأشخاص في بعض الأحيان بالحزن على ما فعله والديهم وهم أطفال، وعلى عدم شعورهم بالحب تجاههم أو على الجروح التي تسببوا بها في طفولتهم، يجب قبول فكرة الشفاء من الماضي وتجاوزه للنجاح في المستقبل، ورغم صعوبة التعامل معه إلا أن الأشخاص قادرون على التحرر من الألم والاستمرار في التغيير وتحويل شخصيتهم إلى شخصية أكثر قدرة على اتخاذ القرارات والاختيارات بدون الاعتماد على الآخرين أو الانتظار للمساعدة.
الخوض في المخاطرة
ينصح بأخذ بعض المخاطر في حياتك، مثل قيادة شيء ما، الظهور في العلن والإعلان عن نفسك أو قدراتك، مواجهة موقف أو شخص كنت دائمًا تتجنبه، أو الابتعاد عن علاقة كانت تسبب لك الألم والمعاناة.