السيرة الذاتية للروائي جول فيرن
لكل فرع من فروع العلم والأدب، هناك رائد ومؤسس قد تمكن من المساهمة في إرساء أسس هذا الفرع العلمي أو الأدبي ووضع الأسس التي نشأ عليها وتطورت حتى تصل إلى شكلها الحالي. وهذا لا يختلف فيما يتعلق بأدب الخيال العلمي والمغامرات، وعند الحديث عنه لا بد من ذكر الروائي الفرنسي الشهير جول فيرن، والذي يعتبر ثاني أكثر الكتاب ترجمة لأعماله إلى لغات العالم منذ عام 1979، وقليل جدا من لا يقرأون رواية أو يشاهدون فيلما مستوحى من إحدى أعماله الخالدة.
نشأة جول فيرن
ولد الروائي والشاعر والكاتب المسرحي جول جابرييل فيرن في الثامن من فبراير عام 1828 في مدينة نانت الفرنسية، وفي حقبة استقرت فيها أوروبا على الالتزام بقواعد الحضارة والتقدم والاهتمام بالعلوم الإنسانية جنبا إلى جنب مع العلوم الطبيعية، لذلك كان لأصحاب بعض المهن مكانة كبيرة في هذا العصر الأوروبي، ومن بينهم المحامون وهي الفئة التي تنتمي إليها والده البرجوازي، وهي الفئة التي انضم إليها فيرن نفسه في بداية حياته قبل أن يتجه نحو الأدب لاحقا.
لم يمتلك جول فيرن طفولة سعيدة، فوالده كان قاسيا ومنضبطا، وهذا دفع الفتى الصغير المهووس بالبحر واستماع مغامرات البحارة إلى الهروب على إحدى المراكب، لكن محاولته فشلت بعدما أعاده والده مرة أخرى وضاقت حركته، فلم يبق لجول فيرن سوى الهروب من واقعه عن طريق القراءة والكتابة، وهكذا بدأ شغفه بالأدب، حيث كان ينفق معظم ما يحصل عليه من أمواله على شراء القصص بعد أن سافر إلى باريس لدراسة القانون بناء على رغبة والده، ورغم أنه تحققت رغبة الشاب في الدراسة، إلا أنه لم يلتزم بها لفترة طويلة.
مسيرة جول فيرن الأدبية
بدأت مسيرة جول فيرن الأدبية بالشعر ، حيث بدأ في كتابة قصائد شعرية قبل إتمام دراسته للحقوق عام 1848 ، وفي عام 1850 وبفضل علاقته بالكاتب الفرنسي التاريخي الشهير ألكسندر دوما ، استطاع جول فيرن أن يعرض أولى مسرحياته “القش المكسور” على مسرح التاريخ الفرنسي ، وقد حقق هذا العمل المسرحي نجاحاً ملحوظاً قبل عام من نشر أولى قصص جول فيرن القصير والتي تحمل اسم “دراما في المكسيك” ، وقد نشرت في المجلة الأدبية الفرنسية “متحف العائلات” ، وهي المجلة التي نشرت له عدة أعمال أخرى مثل “دراما في الأجواء”.
في عام 1863 بدأت سلسلة أدبية تعرف باسم `رحلات استثنائية`، وكتبها جول فيرن وتضم أهم كتاباته على الإطلاق، مثل: خمسة أسابيع في منطاد `1863`، رحلة إلى مركز الأرض `1864`، عشرون ألف فرسخ تحت الماء `1870`، وجولة العالم في 80 يوما `1873`.
تتميز هذه السلسلة الأدبية المميزة بأنها تنبأ بأكثر الاكتشافات والإنجازات العلمية التي شهدها العالم في القرن العشرين، مثل الصعود إلى القمر واكتشاف أعماق المحيطات، كما تنبأ جول فيرن بابتكار واختراع العديد من الاختراعاتالحديثة.
على مدى حياته العملية تقلد جول فيرن العديد من المناصب ، من بينها عمله كسكرتير للمسرح الغنائي الفرنسي ، وهي الفترة التي أصدر من خلالها عدة مسرحيات ناجحة ، كما تم انتخابه في المجلس البلدي لمدينة أميان الفرنسية ، وظل في هذا المنصب 15 عاماً حاز خلالها على وسامي جوقة الشرف برتبة ضابط وفارس.
في عام 1903 ، قاد جول فيرن جماعة تسمى الإسبيرانتو ، والتي اسمها مستمد من اللغة التي ابتكرها لودفيج زامنهوف بهدف إنشاء لغة عالمية للتواصل ، وكان جول فيرن أحد أهم المؤيدين لهذا المشروع الذي دافع عنه حتى وفاته.
وفاة جويل فيرن
قبل وفاته تعرض جول فيرن لعدة أزمات صحية ، كان أشهرها تعرضه لإطلاق النار على يد ابن أخيه الذي أطلق عليه رصاصتين بغرض سرقة أمواله ، وأصيب فيرن بعرج في ساقه على إثر إحدى الرصاصتين ، كما أصيب بمرض الماء الأزرق في إحدي عينيه قبل أن يصاب بالسكري عام 1905 وهو العام الذي شهد وفاته في قلعته يوم 24 مارس.
رغم وفاته في عام 1905، استمرت أعمال جول فيرن الرائعة في النشر بفضل ابنه ميشيل، حيث نُشرت 11 رواية لجول فيرن بعد وفاته، وكانت آخر هذه الروايات رواية باريس في القرن العشرين التي نُشرت في عام 1994.