السياسة المالية للخليفة عمر بن الخطاب
عمر بن الخطاب هو ثاني الخلفاء الراشدين، وتحدث عنه العديد من المؤرخين، وقيل إن عصره من أزهى العصور الإسلامية، حتى أن البعض سموه العصر الذهبي للإسلام. واستطاع عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يمد رقعة الدولة الإسلامية، فضلا عن فنون الإدارة الممتازة التي تحلى بها، كما كان خبيرا اقتصاديا ناجحا، وتجلى ذلك في العديد من المواقف التي تعرض لها المسلمون .
شعور عمر بن الخطاب بالمسئولية
من أشهر المواقف التي مرت على حكم عمر بن الخطاب ، حين قدم إليه أبي هريرة رضي الله عنه بآلاف الدراهم ، التي أرسلها له أبو موسى الأشعري ، و قد ذكرت امرأته أنه لم ينم تلك الليلة ، حتى نودي لصلاة الفجر ، فاجتمع بالمسلمين و كان من بينهم عدد من صحابة الرسول ، و طلب منهم أن يشيروا عليه بأمر هذه الأموال ، فمن هو الأصلح لإنفاقها على المسلمين ، و تولي أمرها ، و قد ولوه على ذلك و من هنا نستنبط أن ، الخليفة عمر بن الخطاب ، كان يخاف من أمر هذه الأموال ، و كان يخشى تصريفها على غير المستحقين ، و قد عمل وقتها على جمع المستحقين للمال ، من أجل توفير حاجاتهم ، و عمل على وضع استراتيجيات اقتصادية ، للنهوض بالدولة الإسلامية .
إنشاء الدواوين
– بعد أن اتسعت رقعة الدولة الإسلامية ، أيام عمر بن الخطاب كان هناك حاجة ملحة ، لأن يتم وضع ضوابط للأمور و بشكل خاص للنواحي المالية ، و خزانة الدولة و ذلك من أجل تصريف الأموال ، في البنود التي تستحقها فقام بوضع أسس للدواوين ، أو الوزارات و كان من أهم هذه الدواوين ، ديوان الجند و ديوان العطاء و ديوان الخزانة .
بعد فتح المسلمين للعراق، حاولوا تقسيم الأرض كما كانوا يفعلون في السابق. وهنا ظهرت العقلية الإدارية لعمر بن الخطاب، حيث رفض تقسيم الأرض بعد التشاور مع الصحابة. وكان ذلك بسبب نظرته المستقبلية العميقة .
النظرة المستقبلية لعمر بن الخطاب
اعتاد المسلمون حتى فتحت العراق ، على تقسيم أي رقعة يمكنهم الاستيلاء عليها ، على اعتبارها غنائم و لكن في ذلك الموقف كان يرى عمر بن الخطاب ، أن الله بدأ الفتح على المسلمين ، و أنه عليه أن يجمع هذه الغنائم ، و يعمل على تصريفها في استحقاقاتها ، و قد تم تحديد نظام الخراج ، و كيفية تجميعه و النسب التي يجبى بها .
ديوان العطاء
كان ديوان العطاء أحد مظاهر النظام الاقتصادي في حياة عمر بن الخطاب. كان الهدف من هذا الديوان تخصيص مبلغ من المال لكل إنسان من المسلمين، بما في ذلك الأطفال. ولم تقتصر هذه الأموال على المسلمين فحسب، بل كانت هناك مساعدات مالية للفقراء غير المسلمين. كان يعتبر أن أي حيوان سيموت جوعا، سيسأل عنه عند الله. وكانت إدارة جميع البلدان التي حكمها مفصولة إداريا عن إدارة المال لكل إمارة .
عام الرمادة
تجلت تدابير أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، بالخروج من الأزمات في ذلك العام ، الذي عرف بعام الرمادة ، و قد تم تسمية هذا العام بذاك الأسم نظرا لأن الأرض قد أصبحت رمادية اللون ، من شدة القحط و قلة المطر ، و قد كان عمر بن الخطاب يعمل على تفريج كرب المسلمين ، و جلب الطعام لهم و ظل يساعدهم حتى أنزل الله المطر ، و قد قيل عن عمر بن الخطاب أنه كان يؤثر مصلحة الناس على أن يأكل أو يشرب .